تدخل أسواق دمشق القديمة لترى التاريخ والحضارة متجلية في معالم ومتاجر هذه الأسواق, وما إن تدخل "خان السلاح" حتى تشتم رائحة زكية من التوابل المطحونة في مطحنة قديمة ترفد الأسواق المحيطة بها بشتى أنواع التوابل والبهارات.
موقع esyria زار خان "السلاح" وأجرى لقاء مع السيد "بشار رنكوسي" صاحب مطحنة "رنكوسي"، الذي حدثنا عنها بقوله: «المطحنة قديمة وأثرية نوعاً ما، فأنا أعمل فيها منذ أن كنت صغيراً مع والدي ومازلت حتى الآن أطحن بها كافة أنواع البهارات والتوابل من "القرفة، والزنجبيل، والفلفل"، وكذلك القمح لتجهيز البرغل الناعم والخشن».
المطحنة قديمة وأثرية نوعاً ما، فأنا أعمل فيها منذ أن كنت صغيراً مع والدي ومازلت حتى الآن أطحن بها كافة أنواع البهارات والتوابل من "القرفة، والزنجبيل، والفلفل"، وكذلك القمح لتجهيز البرغل الناعم والخشن
وتابع السيد "رنكوسي" حديثه قائلاً: «كل الآلات التي تعمل على الكهرباء تعتبر آلات حديثة كهذه المطحنة، على عكس المطاحن القديمة التي كانت تعمل على قوة الدفع من خلال العنفة التي تستمد حركتها من تيار الماء، لذلك كانت تتواجد هذه المطاحن على أطراف الأنهار وهي الآن غير موجودة، أما مطحنة "رنكوسي" فهي مطحنة أثرية قديمة كونها من الجيل الأول الذي يعمل على الطاقة الكهربائية».
وبالنسبة للمواد التي تطحن فيها قال: «نحن نستورد المواد الخام على شكل "حب"، ونقوم بطحنها مرتين ثم نعبئها ونوزعها حسب الطلب, هذا بالنسبة للطلبيات غير الموجودة في الأسواق المحلية على عكس الكمون والكزبرة مثلاً الموجودة في السوق المحلي وبكثرة».
وأضاف: «أحياناً نقوم بطحن عدة أنواع من الحبوب مع بعضها البعض وبنسب معينة لتستعمل في تجهيز الكثير من الأطعمة مثل بهارات الكبسة وتوابل اللحوم والأسماك، ومن الممكن أن نطحن كافة أنواع البهارات التي يطلبها منا التجار وأصحاب المحلات حسب رغباتهم: ناعمة, أو متوسطة أو خشنة».
ثم ختم حديثه قائلاً: « سأحافظ على هذه الآلة رغم التطور الكبير في آلات الطحن التي اختصرت الكثير من الوقت والجهد، لكن المطاحن القديمة تعطي للبهارات طعماً ألذ، إضافة إلى أنني سوف أحافظ على هذا المحل القديم الذي ورّثته عن والدي وأجدادي والذي تجاوز عمره مئتي عام، وأنا سوف أورثه لأبنائي».
السيدة "نادرة عطية" التي التقيناها في السوق وسألناها عن المطاحن القديمة أجابت: «من قبل كنا نلجأ للمطحنة لطحن ما نمونه لأيام الشتاء مثل القمح والبرغل وبعض التوابل أما الآن فقد أصبح كل شيء جاهزاً ومعبأً حسب الرغبة لكن هذا لا يمنع من شراء التوابل المطحونة في المطاحن القديمة لأنها ذات نكهة أطيب».
السيد "عماد الدين موصلي" صاحب محل لبيع التوابل قال: «أبيع مختلف أنواع البهارات والتوابل في محلي، وأنا أعتمد في طحنها على المطحنة الحديثة التي توفر لي الكثير من الوقت والجهد، إضافة إلى قدرتنا على التحكم بدرجة الطحن حسب رغبة الزبائن، أما بالنسبة للطحن في المطحنة القديمة فنحن لا نقوم بذلك إلا بناء على رغبة الزبون الذي يقدر النكهة الألذ والجودة الأفضل للبهارات والتوابل».