«يمكن لزائري "دير الزور" من السياح أو الوافدين إليها من المدن السورية الأخرى، وأهالي المدينة مع هذا الطقس الحار وحتى على مدار السنة إرواء عطشهم خلال تجوالهم ضمن المدينة دون التزود بعبوات الماء». هذا ماذكره المهندس "عبد الحميد الفياض" عندما التقاه eDair-alzor بتاريخ24/5/2009:

«لقد أضفت سبل الماء على المدينة ميزة خاصة، فلا نمر بحارة من حاراتها إلا ونجد الماء البارد العذب يتدفق منها، من واجهات المساجد والتكايا والمدارس والطرقات، وكانت هذه السبل قديما تتغذى من النهر لتتوزع على أحيائها، وتتشعب بعد ذلك إلى قنوات لتصل إلى المساجد والمدارس والحمامات والبيوت».

أهالي "دير الزور" وخصوصا الأثرياء منهم يتسابقون لإنشاء السبل التي تدل في المصطلح على منهل الماء، لما فيها من ثواب لهم ورحمة للمتوفين والتبرع في فعل الخير

«وقد شكلت السبل نموذجاً يدل على إتقان العمل المعماري وروائع من المعالم التراثية في العمارة، تزينها الزخارف والنقوش والأقواس المعمدة والملساء والكتابات من شعر وآيات قرانية».

ويقول المهندس"فياض": «إن السبل هي أحد النصب الأثرية الجميلة القديمة التي توثق للأنماط المعمارية لكل عصر مرت فيه المدينة، لم يكن يخلو جدار في "دير الزور" من الماء مميزاً بين أنواع من السبل منها السبيل الذي يقام في الطرقات والسبيل الذي يوضع ضمن القاعات الشرقية والسبيل الذي يوزع المياه في الأقنية الرئيسية بنظام دقيق إلى كل بيت».

«للأسف لم يحافظ على هذه السبل كما في بقية المدن وحل محلها السبل الحديثة الجاهزة المصنوعة من برادات بلاستيكية أو معدنية، ولهذه السبل أهمية كبيرة في إيصال المياه إلى حارات المدينة، وبيوتها ولتوفير المياه للحارة في الطرقات ليستقي منها أهالي المدينة أو الوافدين إليها لقضاء حاجاتهم وإنجاز أعمالهم».

وعن البعد الاجتماعي للظاهرة يقول: « أهالي "دير الزور" وخصوصا الأثرياء منهم يتسابقون لإنشاء السبل التي تدل في المصطلح على منهل الماء، لما فيها من ثواب لهم ورحمة للمتوفين والتبرع في فعل الخير».

إن سبيل الماء أدى على مدى التاريخ وظيفة اجتماعية بتأمينه الماء لكل الناس، وبكونه نوعا من أنواع عمل الخير منتقلاً من المرحلة النفعية إلى قيمة جمالية نتيجة تطور فن بناء السبيل.

وتعكس إقامة السبل وفرة المياه وانتشارها في "دير الزور" من جهة، ومن جهة أخرى ثمرة طيب قلوب أبناءها وتفكيرهم بإرواء عابري السبيل بغية الأجر والثواب وظاهرة من موروثات الماضي تدل على غيرية محببة.

وكثير من السبل خلدت بكتابة مدونات تاريخية باسم أصحابها، وهي مدونات تزودنا بمعلومات عن وجوه الخير مما يعطي فكرة عن حب الإنسان "الديري" لعمل الخير.