انتشرت في السنوات الأخيرة ظاهرة غريبة و هي "البحث عن البلاستيك في حاويات القمامة"، فترى أعدادا ليست بالقليلة و خصوصاً من المراهقين يمارسون هذا البحث طيلة النهار مما يدفع المرء بالبحث و التساؤل عن الأسباب التي أدت لذلك!! ولعل لترييف المدن وجفاف نهر"الخابور" و ما تبعه من نزوح عشرات الألوف من الفلاحين باتجاه بعض المدن"السورية" طلباً للعيش كان له الدور في ذلك...

"eSyria" رصد هذه الظاهرة و أجرى اللقاءات التالية مع جامعي البلاستيك أو ما يسمون بـ"الحوّاجين" حيث سأل كل منهم عن تجربته:

نعمل على عربة يجرها حصان و نقوم بجمع البلاستيك، من أول الصباح و حتى غروب الشمس، نسكن في حي"طَب الصناعة" "و هو حي شعبي فقير في شرق مدينة"الدير"، نبحث ضمن ثلاثة إلى أربعة أحياء يومياً عن البلاستيك و نبيعه لتاجر جملة يقطن في نفس الحي، و دخل الواحد منا من هذا العمل حوالي150 ل.س يومياً

"أحمد و حسين": «نعمل على عربة يجرها حصان و نقوم بجمع البلاستيك، من أول الصباح و حتى غروب الشمس، نسكن في حي"طَب الصناعة" "و هو حي شعبي فقير في شرق مدينة"الدير"، نبحث ضمن ثلاثة إلى أربعة أحياء يومياً عن البلاستيك و نبيعه لتاجر جملة يقطن في نفس الحي، و دخل الواحد منا من هذا العمل حوالي150 ل.س يومياً». وحين سألتهم إن كانوا سمعوا بالانترنت نظرا إلي بغرابة و كأنني أتحدث بلغة أخرى.

صيد قليل هذه المرة

"محمد شعير الحسن": «تركت المدرسة من الصف الخامس، من قرية"التوينة" في"الحسكة" تركنا القرية كون "الخابور" قد جف و لم تبق مياه لسقاية المزروعات، أعيش ضمن أسرة تتألف من تسعة أبناء و أب و أم، الأبناء أربعة شباب و خمس بنات، تزوج منهم شبان و بينتان، واحد من أخوتي يعمل و زوجته مستخدمين في مشفى"البيروتي".

عمري13 عاما، أعمل من الساعة الخامسة صباحاً و حتى أذان المغرب، و مع ذلك أنا سعيد، أهلي يعيشون ضمن شقة"على العظم" كونها في بناية قيد التنفيذ فأبي حارس فيها، أقوم بجمع البلاستيك على دراجتي من خلال و جود "كيسين خيش" على شكل"خرج" أضع بها ما أجده، أبحث ضمن حيي"الجبيلة" و "القصور" و أبيع ما أحصله لتاجر جملة لديه"خان لبيع"البلاستيك" اسمه"أبو مازن" و هو بدوره يشحنه إلى"دمشق" وأحصل من كل هذا العناء حوالي150ل.س أو أكثر قليلاً، و لدينا في البيت "تلفزيون ملون" صغير أحب أن أشاهد الأغاني و المسلسلات، و قناتي المفضلة"أبو ظبي"و أحب أغناني قناة"الذهبية"، و مطربي المفضل"نوري النجم" و أغنيته"عطشان أشوف عيونه" و ما يحببني به أكثر كونه من"الحسكة"».

محمد شعير الحسن

و عندما سألته عن الانترنت، قال بأنه وسيلة للمحادثة بين الأشخاص في أماكن مختلفة.

"أحمد حمود": «أنا من قرية"الزباري"، وأسكن في حي"طَب الجورة" "حي شعبي فقير يقع في غرب مدينة"الدير"، "أعيش ضمن أسرة مؤلفة من أب و أم و 3ذكور و4بنات، عملي ليلي من الساعة التاسعة مساء أو حتى العاشرة صباحاً،و دخلي يتراوح من100إلى150ل.س يومياً يأخذها أبي و يعطيني منها 5إلى10ل.س، نعاني من مشكلة ضرب بعض الشباب لنا أثناء العمل ليلاً و بلا سبب».و عندما سألته إن كان قد سمع بالانترنت قال بأنه وسيلة لإرسال الرسائل.

أحمد حمود

لم يكن "أحمد" و"حسين" اللذان استطعنا أن نتكلم معهما إلا نموذجا لشريحة انتشرت مؤخرا وتعمل في مهنة هي من نتائج مخلفات العصر الصناعي دون الالتفات إلى ما ستخلفه على أجسادهم بعد عدة سنوات، ولكن السؤال الذي بقي مطروحا هل لجفاف نهر "الخابور" دور في لجوء هذه الفئة إلى هذه المهنة، أم المبالغة في استخدام البلاستيك في حياتنا اليومية!!!