أعترف أن الصدفة وحدها جعلتني أكتشف الخطاط الحمصي المولد والعالمي ذكراً الأستاذ (عدنان الشيخ عثمان) الحائز على /13/ جائزة دولية في مختلف أنواع الخط العربي إضافة إلى كونه أستاذ الخط العربي في كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق.

وليس هذا ما جعلني أتحمس للكتابة عنه فقط بل تواضعه الشديد وحسن معاملته التي تليق دائما بالفنانين الكبار فقد كنت أعرف أن الخطاطين العمالقة هم أصحاب فكر بالدرجة الأولى يقول الأستاذ عدنان عن الخط العربي وولعه به: "الخط الجميل ـ إضافة إلى قيمته الفنية التشكيليةـ وعاء أمين لثقافتنا وفكرنا وقيمنا، والخطاط المتفنن عندما ينشئ لوحته إنما يستمد مادتها من القرآن الكريم أو الحديث الشريف .. أو من عيون الأدب منظومه ومنثوره ..".

تلقى العلوم الشرعية وأحكام تلاوة القرآن الكريم منذ نعومة أظفاره ما أكسبه ثقافة شرعية مبكرة لساناً قويماً فصيحاً، جعله متفوقاً على أقرانه في فنون اللغة العربية وآدابها. عدنان الشيخ عثمان، المولود في مدينة حمص (1959) م. يقول عن بدايته: "حفظت العديد من القصائد وأبيات الشعر من عيون الأدب العربي، وكان لي محاولات خاصة في هذا الميدان كما عملت مدققاً لغوياً لدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية ببيروت / لبنان. وتملكي من ناصية اللغة العربية فَتَحَ أمامي الباب على مصراعيه لدخول ميدان الخط العربي، فكانت فصاحة اللسان جواز سفري إلى فصاحة اليد. "

من أعماله

تَعَلَّمَ فن الخط على آثار الخطاطين العظام، واطَّلع على مدارس الخط الكبرى العربية والتركية والفارسية، فأتقنها علماً وعملاً، ثم اتخذ لنفسه من مجموعها أسلوباً خاصاً مبتكرا. دعي الفنان عدنان لإقامة العديد من المحاضرات العلمية في فنّ الخط العربي في عدد من الدول العربية. وشارك في مسابقات الخط العربي الدولية التي نظمتها منظمة (إرسيكا) بإستنبول بإشراف منظمة المؤتمر الإسلامي منذ عام (1986) م، وحصد في مجموع المسابقات /13/ جائزة دولية، كان آخرها عام (2004)م، حيث نال جائزة المركز الأول في الخط الديواني الجلي. ثم نال مكافأة ( إرسيكا الدولية للتميز) في خط الثلث الجلي المتراكب عام (2001)م وعن تميز الأستاذ عدنان تحدث الباحث العربي الإسلامي الكبير(الأستاذ أحمد المفتي) بقوله: "يتميز أسلوب الفنان الخطاط الأستاذ عدنان بالبساطة والسهولة والوضوح والوَضاءة، وهو أقرب إلى السهل الممتنع، الذي يشدّك ويغريك، ويرفعك إلى سُـدَّة التأمل والانعتاق من الواقع إلى المجرد المطلق. لقد أعاد الأستاذ عدنان الخط إلى سابق عهده، وبوّأه مكانة رفيعة، وجعله في قمة الفنون التشكيلية جلالاً،وبهاءً،وإشراقاً."

شارك عدنان الشيخ عثمان في عدد من المهرجانات الدولية، منها: الملتقى الأول للخطاطين العرب ببيروت- (2000)م- معرض الكويت الدولي للفنون الإسلامية- (2006)م - مهرجان (الجزائر عاصمة للثقافة العربية)- (2007)م. في عام (1998)م أقامت وزارة الثقافة السورية بالتعاون مع رابطة الخطاطين السوريين معرضاً تكريمياً له.

أثناء تكريمه

وما لم نكن نعرفه عن الأستاذ عدنان أنه صاحب صوت رخيم، ويملك معرفة سماعية بالمقامات الموسيقية وطرق الإنشاد الديني. وهو أبٌ لأربعة أبناء: (يحيى، هاشم، أمجد، جنة). له تلاميذ كثر في أرجاء المعمورة، يأخذون عنه الخط عياناً ومراسلة. يرى في السر الذي يقف وراء عظمة فن الخط العربي وسموه كونه فناً عقلياً صرفاً، وهو ـ بحقٍ ـ الفن التجريدي الأول منذ بداياته الأولى إلى أيامنا هذه، وذلك لخلوه التام من أي نوع من أنواع محاكاة الطبيعة بأحيائها وجماداتها على عكس ما هو الحال عليه في الفنون التشكيلية الأخرى من رسم ونحت وفن الخط ـ بصيغة أخرى ـ هو (هندسة روحانية ظهرت بآلة جسمانية)، أو هو (هندسة الصبر الجميل)، لأنه قائم في أصله على الصبر".