عند مرورك في هذه الأيام بسهول "تلكلخ" لا تسمع سوى صوت الجرارات التي تراها تقبل وتدبر مسرعة لإنهاء قطعة الأرض والانتقال للتالية، ولكن في الجبل المنظر يختلف تماما حيث تشاهد الفلاحة على الطريقة التقليدية القديمة من حيث استخدام الحصان والحمير في جر المحراث القديم، ونادرا ما تشاهد جراراً زراعياً بحجم كبير وسريع كما في الأرض السهلية.

وللتعرف على ما اختلف من عادات وتقاليد الحراثة بين الماضي والحاضر موقع eHoms التقى المزارع "محمد العلي" ابن الخمسة والسبعين عاما وهو من قرية "جبق" فحدثنا قائلا:« في الماضي كانت الحراثة الشتوية تقسم إلى قسمين الأول يزرع بعد جني موسم الذرة البيضاء مباشرة وتصادف هذه الفترة تقريبا المتعارف عليها برية الصليب وهي تحدث غالبا في منتصف شهر أيلول وتسمى هذه الفلاحة بفلاحة "الغبير" لأنها بعد موسم الذرة البيضاء وهي لا تحتاج لحراثة الأرض مرتين للقضاء على الأعشاب. أما القسم الثاني من الحراثة وهو القسم الذي تزرع به غالبية الأرض فكانت تحرث الأرض في منتصف شهر تشرين الأول على الحسابات الشرقية "وهو حاليا يساوي أول تشرين الثاني على الحسابات الغربية" حيث تكون الأمطار قد هطلت بغزارة والأرض أصبحت مروية ويقوم الفلاح بشق الأرض مرة ويتركها عدة أيام ليموت العشب ثم يقوم بالحراثة مع رش البذار وذلك لضمان عدم نمو العشب من جديد. أما حاليا وباستخدام الجرار الآلي فأبناؤنا وبعد سقوط المطر مباشرة يعمدون إلى زراعة القمح على الجرار الحديث الذي يمكن أن يوفر الجهد والوقت لكنه برأيي لا يعطي موسما جيدا وخاليا من الأعشاب كما كنا زمان».

أن الحراثة على الحمير والأحصنة كانت غير مفضلة وغير موجودة على دورهم بل كانت فقط على الأبقار أم حاليا فلا ترى الأبقار وإنما ترى الأحصنة ويأسف على ذلك الزمان

من جهته المزارع "حامد القاطرجي" ابن الثمانين عاما يذكر أنه كان يستيقظ قرابة الساعة الثالثة ليلا ويطعم العمالات "وهي مجموعة من الأبقار المدربة على الحراثة" وعند بزوغ الفجر يكون قد وصل إلى الأرض وقام برش البذار وبدأ الفلاحة لتستمر الفلاحة على ثورين لمدة ثلاث ساعات وليتركها ترتاح حيث يقوم بتبديلها بجوز جديد من الثيران ولمدة ثلاث ساعات وتستمر العملية يوميا منذ ساعات الصباح الأولى وحتى الغروب ولمدة الشهر تقريبا».

المزارع محمد اليونس

وبيّن "القاطرجي": «أن الحراثة على الحمير والأحصنة كانت غير مفضلة وغير موجودة على دورهم بل كانت فقط على الأبقار أم حاليا فلا ترى الأبقار وإنما ترى الأحصنة ويأسف على ذلك الزمان».

كما التقينا المزارع "محمد اليونس" صاحب أحد الجرارات الزراعية والذي قال: «أستعد منذ نهاية شهر أيلول لموسم فلاحة الشتوي وأعمل لساعات متواصلة دون توقف وذلك بعد هطل المطر وارتواء الأرض وكل عملي يتركز في الأراضي السهلية أما الأراضي الجبلية أو المزروعة بالأشجار المثمرة فلا أعمل بها لانها تتطلب جهدا ووقتا أكبر».

المزارع حامد القاطرجي

وبين المزارع "خليل العلي" وهو يعمل فلاح على حصان أنه سابقا كان يحرث في الأراضي الجبلية فقط لصعوبتها على الجرار الآلي ولكن بعد انتشار زراعة الزيتون وبشكل كبير في القرية أصبح الطلب على عمله كثيرا وهو يعمل لساعات متواصلة وكثيرا من المزارعين عادوا لهذه الطريقة في الحراثة لما لها من أهمية في الحفاظ على الزيتون والقضاء على الأعشاب الضارة وكذلك صلاحيتها للعمل في جميع الأماكن».

المزارع خليل العلي