عندما تدخل إلى مكتبته المخصصة لبيع القرطاسية واللوازم المدرسية تصادفك بعض اللوحات المبعثرة هنا وهناك، وسوف ينشدّ انتباهك إليها لكنك ستأخذ حاجتك وتخرج ولن يخطر ببالك وأنت تسير أو تستمع إلى الموسيقا الصاخبة أن هذا الإنسان البسيط الذي يعيش في منزل سقفه من التوتياء هو أحد أولئك القلة القلائل الذين يحافظون على تراثك وعلى ماضيك من الضياع دون أن يتلقى الدعم والمساعدة من أحد، إنه "مهند علي جودة" شاب من قرية "فاحل" التي ولد فيها عام /1973م/.

"مهند " يهتم بتجميع الوثائق والمستندات القديمة دونما أي مساعدة أو دعم من أحد. موقع eHoms التقى "مهند" في مكتبته ليحدثنا عن هذه الهواية التي يقوم بها بالقول: «بدأ اهتمامي بتجميع الوثائق والمستندات القديمة منذ كان عمري /11سنة/ والفضل في إيقاد هذا الاهتمام لدي هو جدي الذي كان أحد أعضاء المخترة في القرية، وكان جدي يملك صندوقا كبيرا من هذه الوثائق والمستندات قام بإعطائي إياه بشكل سري ودون علمٍ من أحد بعد ذلك، وعلى مدى /17/ عاما عملت على تجميع قسم كبير من هذه الوثائق من الأصدقاء ومن أناس آخرين، إما عن طريق الشراء أو المبادلة حيث كنت أعمل على مبادلة الوثيقة التي أملك منها عدداً كبيراً بوثيقة أخرى أكثر أهمية، وأقدم وثيقة أملكها الآن تعود إلى العام /1885م/».

أحتاج إلى الدعم والمساعدة فكثير من الوثائق التي أمتلكها موضوعة في صناديق وهي معرضة للتلف بسبب الرطوبة ومثل هذه الوثائق يجب أن توضع في براويز لا أن تترك حتى تتلف في الصناديق

ويضيف: «أملك حالياً حوالي /15ألف/ وثيقة تاريخية وتشمل الوثيقة كل ما يوثق على الورق أو الحجر وتشمل الوثيقة كذلك الأدوات التي كانت تستعمل قديماً (الكتاب- وثيقة -حجة البيع- السند القديم- الختم القديم- الخنجر والسيف والرمح وثيقة- الطابع وثيقة)».

أول إعلان للدواءفي سوريا1920م

ويتابع "مهند" حديثه عن نماذج الوثائق التي يملكها حيث يقول: «لدي رسالة تعود إلى العام /1920م/ مكتوبة بخط اليد موجهة من أبناء المغترب في أميركا إلى أعيان القرية باسم "الجامعة الحصنية الأميركية" ويدعون فيها أبناء المغترب أعيان المنطقة إلى افتتاح جامعة للعلم في منطقة أكراد الحصن (قلعة الحصن حالياًً) وقد سرقت النسخة الأصلية مني وتم نشرها على الانترنت باسم شخص آخر وأستطيع إثبات ملكيتي لهذه الوثيقة لأني مازلت أملك الظرف الذي أتت به هذه الرسالة كما أني أمتلك سند أمانة برقم الوثيقة المسجلة في مركز التوثيق القومي.

وهناك أيضاً سندات عثمانية (سند خاقاني) لتمليك أراضي تشمل أراضي "وادي النصارة" حتى "كفرام" و"رباح" و"القبو" وهي مكتوبة باللغة التركية بأحرف عربية وتواريخ هذه السندات متنوعة وترجع إلى زمن الاحتلال التركي.

تغريبة بني هلال 1885م

وهناك حجج بيع بين أهالي القرية موثقة من "دولة اللاذقية " زمن الاحتلال الفرنسي، وهناك طلب موجه من أهالي القرية إلى تلكلخ يبلغ طوله / 125سم/، إضافة ً إلى سجل قديم للقرية مكتوب بخط اليد يمكن لأي شخص من أبناء القرية أن يتعرف من خلاله على أسماء جدوده وهو يعود بالنسب تقريباً إلى العام /1820م/ إضافة إلى طوابع عثمانية وطوابع "لدولة اللاذقية" إبان الاحتلال الفرنسي».

كما يضيف: «من ضمن الوثائق التي يمتلكها أيضاً العدد رقم /1/ من جرائد (تشرين-الثورة-البعث-العروبة) والعدد رقم /5/ من مجلة "جيش الشعب"، وهناك كتب تدريس قديمة في الحساب والقراءة إصدار دائرة المعارف /1918م/ إضافةً إلى كتاب "تغريبة بني هلال" من جزأين ويعود إلى العام /1885م/، وأملك النسخة الأصلية من الرسالة الموجهة من "المهاتما غاندي" إلى الملك "فاروق" ولا أتذكر تاريخها بالضبط، وأملك كذلك الإعلان الأول عن الدواء في سورية ويعود إلى العام/1920م/».

حجة بيع قديمة

"مهند جودة" شارك في معرض التوثيق الأول الذي أقيم في مدينة المعارض القديمة عام/1997م/ وعن هذه المشاركة قال: «كنت مشتركاً بمجلة المعلومات ومن خلالها قرأت الإعلان عن معرض التوثيق القومي وشروط المشاركة فيه والحقيقة أن ما كنت أملكه من مستندات وأوراق قديمة لم أكن اعرف أنها تسمى وثائق وعندما عرضت نماذج مما أملك وافقوا عليها وقاموا بترميم بعض الوثائق التي تحتاج إلى ترميم وكان عدد المشتركين بجناح الأفراد حوالي /40/مشتركاً وكنت الوحيد من محافظة "حمص" وكان هناك مشاركات خارجية من أغلب الدول العربية، وكنت من الأوائل على مستوى الوطن العربي بالتوثيق وحصلت على شهادة "موثق" على مستوى الوطن العربي عن ملكية السندات "الخاقانية" إضافة إلى درع المعرض وجهاز كمبيوتر».

توقف"مهند جودة" بعد ذلك عن المشاركة في معارض التوثيق التي أقيمت في الأعوام اللاحقة ولم يوضح السبب لكنه أضاف أنه مستعد لأن يعرض وثائقه كلها لو أقيم معرض في قريته "فاحل" لأن قسما كبيرا من هذه الوثائق القديمة تخص قريته، وأنه لا يمانع في أن يرى وثائقه أي شخص كان ويأخذ صورا عنها بل سيكون سعيداً بذلك.

ويختم حديثه بالقول: «أحتاج إلى الدعم والمساعدة فكثير من الوثائق التي أمتلكها موضوعة في صناديق وهي معرضة للتلف بسبب الرطوبة ومثل هذه الوثائق يجب أن توضع في براويز لا أن تترك حتى تتلف في الصناديق».