لا شك بأن موضوع الحفاظ على البيئة ومنع تدهورها أضحى من الموضوعات التي تحتل حيزاً هاماً في وسائل الإعلام المحلية والأجنبية، لما لهذا الموضوع من أهمية خاصة لكون البيئة هي مسؤولية جميع أفراد المجتمع، ولكون الإعلام يلعب الدور الأكبر في عملية التوجيه والتوعية لضرورة الحفاظ على بيئتنا نظيفة وخالية من الملوثات.

ومن هنا ارتأت إدارة مشروع حماية الحيوان في سورية إقامة الدورة الأولى في الإعلام البيئي، والتي جاءت ضمن فعاليات أسبوع مار اليان الثقافي الخامس، وذلك خلال يومي الخامس والسادس من آذار الجاري 2010، بمشاركة نحو ثلاثة وعشرين إعلاميا وإعلامية من مختلف وسائل الإعلام في محافظات "حمص" و"حماة" و"اللاذقية" و"دمشق".

في معظم الأحيان يرتبط مفهوم الصناعة بالتلوث، لكننا في المجلة نسعى لإثبات ذلك من خلال تخصيص زاوية للحديث عن الصناعة في مجال الطاقة النظيفة والطاقات المتجددة التي لا تضر البيئة

وفي استطلاع أجراه موقع eHoms لآراء بعض المشاركين في هذه الدورة ومدى الاستفادة منها، قال الإعلامي "موفق دغا" رئيس دائرة البرامج التربوية في إذاعة "دمشق" ومعد ومقدم مجموعة من البرامج: «تعتبر دورة الإعلام البيئي هذه من الدورات الهامة في كافة المقاييس، نظراً للظروف والمشكلات التي يعاني منها العالم على مستوى البيئة والأخطار التي يمكن أن تصيب الإنسانية جراء تدهور البيئة، فمثل هذه الدورة النوعية لاشك أنها ستضيف تطوراً هاماً لدى الإعلاميين المشاركين في المعرفة والمهارات البيئية عندهم، ولا شك أنني شخصياً استفدت من هذه الدورة كثيراً، فأنا أعد وأقدم مجموعة من البرامج البيئية في الإذاعة، وأهمها برنامج "البيئة والسكان" الذي يذاع مساء كل يوم أحد على الهواء مباشرة، ويستضيف مجموعة من المعنيين والمختصين في البيئة، ويتلقى مداخلات المواطنين لعرض مشكلاتهم حول موضوع الحلقة».

الدكتور "دارم طباع" والمحامي "خليفة منيف" أثناء الدورة

أما الإعلامي الشاب "وائل صليبي" من مجلة "تكنولوجية الصناعة" فقال: «في معظم الأحيان يرتبط مفهوم الصناعة بالتلوث، لكننا في المجلة نسعى لإثبات ذلك من خلال تخصيص زاوية للحديث عن الصناعة في مجال الطاقة النظيفة والطاقات المتجددة التي لا تضر البيئة».

وأضاف: «أنا مهتم بالبيئة منذ عدة سنوات، وقد أحببت المشاركة في هذه الدورة لأكتسب المزيد من المعارف والخبرات العملية في المجال البيئي، والدورة جيدة في العديد من النواحي، آمل بأن نستمر بالتواصل مع الزملاء المشاركين والمحاضرين من خلال الشبكة الإلكترونية التي تحدث عنها الدكتور "دارم طباع" لما للبيئة من أهمية كبيرة في حياة ومستقبل الإنسان، إضافة إلى أننا تعلمنا أن مشروع الحفاظ على البيئة هو مشروع في معظمه تطوعي وأهلي يقوم على عمل الجمعيات الأهلية التطوعية، وبالتالي يجب ألا يقف المجتمع الأهلي مكتوف الأيدي تجاه البيئة، مكتفياً بعمل الجهات الحكومية المعنية فقط للحفاظ على البيئة».

الإعلامي "موفق دغا" يشارك بإحدى المداخلات

من جهة أخرى يرى الخبير البيئي المحامي "خليفة منيف" أحد الأساتذة المحاضرين في الدورة، أن القوانين المعتمدة على منهجية العقاب لمن يعتدي على البيئة غير مجدية، إن لم يكن هناك رادع أخلاقي لدى هذا الموضوع عند كافة أفراد المجتمع وأضاف: «البيئة مسؤولية الجميع، وقد قدمت محاضرتي ضمن هذه الدورة عن الأخلاق البيئية من أجل مستقبل مستدام، والإعلام له الدور الأكبر في تكوين الأخلاق البيئية لدى الناس، لما له من تأثير على الرأي العام وثقافة المجتمع، وهنا تكمن أهمية هذه الدورة في تأسيس إعلامي متمكن من أدواته ومعارفه البيئية، ومؤمن بضرورة المحافظة على البيئة ضد التدهور وبأهمية إيصال الرسالة الإعلامية الصحيحة حول هذا الموضوع».

للتعرف أكثر على هذه الدورة البيئية والهدف من إقامتها eHoms التقى الدكتور "دارم طباع" المسؤول عن إقامة هذه الدورة فقال: «هي الدورة الأولى من نوعها التي يقيمها مشروع حماية الحيوان في سورية، والهدف منها الانتقال من النطاق الضيق في عملية التوعية البيئية إلى النطاق الأوسع والأشمل من خلال وسائل الإعلام المختلفة، وقد أتت فكرة الدورة في أن يكون لمهرجان "مار اليان" الثقافي انتشار أوسع في مجال الثقافة البيئية، وبالتالي تمت دعوة مجموعة من الإعلاميين لحضور الدورة وفق أسس ومبادئ لتكون قاعدة أساسية للتأسيس لشبكة مشتركة لها موقع خاص على الإنترنت، يساهم من خلالها هؤلاء الإعلاميون بداية في عرض مشاريع بيئية توضح المشاكل البيئية وبعض الحلول لهذه المشاكل، وتتم المناقشة بين أعضاء هذه الشبكة، في سبيل تطوير عملهم بالإعلام البيئي في مختلف الوسائل الإعلامية التي يعملون فيها».

المشاركون في الدورة مع ذوي الاحتياجات الخاصة في مركز الأرض

وعن البرنامج الذي تضمنته هذه الدورة قال الدكتور "طباع": «تضمن برنامج اليوم الأول من الدورة مجموعة من ورش العمل والمحاضرات حول التوعية البيئية والإعلام البيئي والقوانين الرادعة للحد من تلوث البيئة، وذلك ضمن القاعة الأثرية المجاورة لكاتدرائية "الأربعين شهيداً" "بحمص"، أشرف عليها مجموعة من الأساتذة المختصين في مجال البيئة، مثل الدكتور "دارم طباع" مدير مشروع حماية الحيوان، والدكتور "أحمد منيف صبح" نائب رئيس جامعة البعث لشؤون البحث العلمي، والدكتور "عدنان غاتا" الأستاذ في كلية الهندسة البيتروكيميائية في "جامعة البعث"».

وأضاف: «تضمن برنامج الدورة في اليوم الثاني زيارة المتدربين والمشاركين إلى مشروع "الأرض" البيئي الاجتماعي على طرق "حمص"- "القصير" في اليوم الثاني، والتعرف على هذا المشروع الذي يهتم بالبيئة وبرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة في آن واحد، حيث أقيمت هناك مجموعة من الأنشطة البيئية الترفيهية مع الحيوانات المختلفة، شارك فيها الإعلاميون مع الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، وبعد الظهر تمت زيارة نهر "العاصي" في منطقة "ربلة"، لتختتم فعاليات الدورة بحفل توزيع الشهادات على المشاركين، وحضور مجموعة من الفقرات الفنية الغنائية والاستعراضية التي قدمتها فرقة "محردة" للفنون الشعبية في "نادي الرابطة الأخوية"».