«تحتل التنمية الاقتصادية والاجتماعية اهتمام الحكومات المتعاقبة في سورية، لأن على عاتق هذه التنمية وتطورها، تقع مهمة تأمين الغذاء، ومعادلة الأمن الغذائي، وتأمين المادة الأولية للصناعة، والبحث عن مصادر جديدة للتصدير، وإيجاد فرص عمل للمواطنين.

لتحقيق الهدف كان لابد من التوسع الأفقي، والعمودي لاستثمار الأراضي الصالحة للزراعة من جهة، والتوسع في تقديم الخدمات الزراعية لهذه الأراضي من جهة أخرى، وتطوير التجمعات السكانية من مدن وقرى محيطة بالمشاريع الزراعية، وربط مناطق القطر بشبكة مواصلات طرقية متكاملة، شريطة أن يتم استثمار هذه الأراضي بالشكل الأمثل، ووفق الموارد الطبيعية المتاحة، والتي أهمها الأراضي الخصبة الصالحة للزراعة، والمياه، والقوى البشرية المتوفرة، وذلك بإدخال مساحات جديدة من الأراضي تحت نظام ري، أو استثمار الأراضي البعلية بشكل أمثل، وإدخال زراعات جديدة من الأشجار المثمرة في مثل هذه الأراضي».

إن المعطيات والمقاربات التي تحدثنا عنها، تتطلب الاستمرار بعمليات الاستصلاح ودعمها، وتسريع وتائر الإنجاز فيها، لما لها من أثر اقتصادي واجتماعي للمناطق المستصلحة، وتطوير البنى التحتية في مناطق المشاريع، وما تحققه لأهالي المشاريع، والمناطق المجاورة لها، وتطوير المؤسسات والإدارات في إنشاء وتشغيل واستثمار مشاريع الري، بالإضافة إلى إدارة مشاريع متكاملة مع الإنتاج الزراعي والحيواني

هذا ما ذكره لموقع eRaqqa بتاريخ (10/11/2009) المهندس "جبران جمعة" في معرض حديثه عن التنمية المستدامة، من خلال التوسع الأفقي والعمودي باستثمار الأراضي الزراعية.

من مشاريع استصلاح الأراضي

وعن أهداف استصلاح الأراضي المتعلقة بالقطاع الزراعي، يقول "جبران جمعة": «تكمن الأهداف المتعلقة بالقطاع الزراعي في المعطيات التالية، زيادة المساحات المروية، واستثمار المياه المتجددة، استثماراً كاملاً، لأن الأراضي المروية تعطي ثلاثة أو أربعة أضعاف ما تعطيه الأراضي البعلية، فيما إذا زرعتا بنفس المحصول، كذلك فإن الزراعة في بعض المناطق لا يمكن أن تتم إلاَّ إذا توفرت المياه، كما هو الحال في حوضي "الفرات"، و"الخابور".

زيادة إنتاجية الثروة الحيوانية، من خلال تأمين الأعلاف لها، نتيجة التركيز على التكامل بين الإنتاجين الحيواني والنباتي، وإعادة الخصوبة للأراضي التي خرجت من الاستثمار، نتيجة التملح والتصحر، وذلك في حوض "الفرات"، الأوسط والأدنى، وحوض "الخابور" و"البادية"، وإبقاء خصوبة الأرض على حالها، كمرحلة أولى، ثم تحسينها بإدخال شبكات الصرف إلى جانب شبكات الري.

قناة ري في تل السمن

العمل على تحسين بعض صفات التربة الفيزيائية والكيميائية في الأراضي الجديدة المستصلحة، وذلك بتنفيذ عمليات الاستزراع لهذه الأراضي، وفق الدراسات المقترحة، وإدخال زراعات جديدة ذات إنتاجية اقتصادية عالية، تناسب الظروف الطبيعية، واختيار دورات زراعية، وتراكيب محصولية، ونسب تتناسب مع الظروف الطبيعية، وإيجاد محطات بحثية لتطوير الأبحاث الزراعية والتربة».

وعن الأهداف المتعلقة بالجانب الاجتماعي، يضيف "جمعة" قائلاً: «إن التوسع بعمليات الاستصلاح، يتطلب إجراء مسح اجتماعي شامل لمناطق الاستصلاح، والمناطق التي ستغمر ببحيرات السدود، يشمل تعداد السكان والأسر، والحالة العمرية والجنس، والمستوى المادي، والثقافي والتعليمي، والملكيات، وتحليل النتائج وتبويبها، واستخلاص التوصيات اللازمة لحل كل المشاكل الناجمة عن عمليات الاستصلاح.

سد الفرات

أيضاً توفر إمكانية دراسة التهجير والتوطين من المناطق ذات الكثافة السكانية العالية، إلى المناطق ذات الكثافة السكانية المنخفضة، مع مراعاة الظروف الاجتماعية الخاصة، بحيث يتم التوافق والانسجام والقبول من كافة الأطراف، وتحديد الملكيات الممنوحة لكل فرد على ضوء عمليات المسح الاجتماعي.

كل هذه المعطيات تدعو إلى تأمين كافة الخدمات، الصحية والتعليمية والثقافية، والسكانية، مع الأخذ بعين الاعتبار الوضع الحالي، والتوسع المستقبلي، وهذا يدعو أيضاً إلى توفير التدريب والتأهيل على مختلف المستويات، لاكتساب الخبرات، التي تؤهلهم بالقيام بكافة الفعاليات الزراعية والاجتماعية والمهنية، المرتبطة بمشاريع الري، ورفع مستويات هذه الفعاليات، وتطويرها مع الزمن، كماً ونوعاً.

إن عمليات الاستصلاح توفر فرص العمل اللازمة، وترفع من دخل الفرد، وتحسن ظروف المعيشة، داخل مناطق الاستصلاح، بحيث تقلل من الهجرة إلى المدينة، وتفعل تطوير المناطق المستصلحة، وتضيف إمكانية إيجاد مراكز بحوث للتطوير المستمر لرفع الأداء الاجتماعي».

أما عن الأهداف المتعلقة بقطاع الري، يقول "جبران جمعة": «هناك جملة من الأمور في هذا الجانب، وهي تبدأ بإعداد الشروط الفنية والحقوقية للتعاقد على دراسة مشاريع الري والصرف والطرق والإسراع بتنفيذها، كما تؤمن الخبرات الفنية المحلية والأجنبية لدراسة المشاريع، أو تدقيقها، أو الإشراف على تنفيذها، أو تنفيذها مباشرة، وأخيراً توفير التدريب والتأهيل للقدرات الفنية المحلية، بحيث تتمكن من اكتساب الخبرات والمهارات الفنية، التي توصل إلى الاستغناء عن الخبرات الأجنبية تدريجياً، وإعداد الكوادر الفنية اللازمة لتشغيل وصيانة مشاريع الري».

وعن أهمية استصلاح الأراضي، وإطلاق مشاريع جديدة، يقول "جمعة": «إن المعطيات والمقاربات التي تحدثنا عنها، تتطلب الاستمرار بعمليات الاستصلاح ودعمها، وتسريع وتائر الإنجاز فيها، لما لها من أثر اقتصادي واجتماعي للمناطق المستصلحة، وتطوير البنى التحتية في مناطق المشاريع، وما تحققه لأهالي المشاريع، والمناطق المجاورة لها، وتطوير المؤسسات والإدارات في إنشاء وتشغيل واستثمار مشاريع الري، بالإضافة إلى إدارة مشاريع متكاملة مع الإنتاج الزراعي والحيواني».