"السدو" مثل الآلة اليدوية مكوَّنْ من عدة قطع, لنسج مكونات الخيمة العربية "بيت الْشَعَرْ" من شَعْر الماعز، ويتكون "السدو" من أربعة أوتاد خشبية تنصب على شكل متصالب "كل وتدين متصالبين" ينصبان بشكل قائم قبالة بعضهما البعض، وتكون نهاية الأوتاد المثبتة في الأرض أطول من النهايات العلوية، وهناك المنساج، والصيصة قرن ماعز أو غزال و"الميشع" و"النيرة".

تبدأ عميلة نسج قطع الخيمة العربية، وتسمى بالفصيح العامي المحكي بـ"الشكاك" وتلفظ الكاف جيماً مصرية مخففة، باحتفالية تراثية لدى كل أهل "النزل" المكون من مجموعة من الخيام المنصوبة، إما على أرض مستطيلة أو مربعة الشكل تكون البيوت فيها متقابلة. وتنطلق عملية نسج "الشكاك" عادة قبيل حلول فصل الخريف، حيث تبدأ النسوة بغزل شعر الماعز بواسطة ما يسمى محلياً بـ"الدوك"، وهو عبارة عن عصا رفيعة مبرومة الشكل طولها لا يتجاوز نصف المتر، في أحد طرفي هذه العصى أو العود الخشبي "كما يسميه الأهالي محلياً" قطعتان خشبيتان مثبتتان فوق بعضهما على شكل أنثى وذكر، طول الواحدة لا يتجاوز /10/سم وبعرض /3/سم. في المرحلة الأولى تعمل النساء من شعر الماعز "بواسطة الدوك" خيوطاً سوداء سميكة وخشنة الملمس.

في المرحلة الثانية تبدأ النسوة بغزل هذه الخيوط بواسطة "المبرم" لجعل الخيوط مفتولة ورقيقة الملمس, والمبرم يشبه "الدوك" تماماً، إلاَّ أنَّ القطعة المثبتة في نهاية العصى مكونة من قطعة واحدة اسطوانية الشكل.. تتكون بيوت الْشَعَرْ عادةً من عدة أشكال وحجوم وأنَّ أصغر حجم فيها هو "الخص" الذي يقوم على عمود واحد, ثم يليه "المقورن" يقوم على ثلاثة أعمدة، ويلفظ بـ"المكورن" الجيم المصرية المخففة, ثم المثولث ذو الأعمدة الثلاث, والمروبع, والمخومس, ويليه المسوبع، والمثومن فالمتوسع، والغريب في الأمر، أنه لا وجود لمقاس حجم المسودس "السداسي".

تبدأ عملية الغزل بأن، تربط المرأة طرف الخيط الخشن بنهاية عصى "المبرم"، المخترقة للقطعة الخشبية الاسطوانية، حيث تقوم بوضع عصا "المبرم" على فخذها الأيمن، وتقوم ببرمها بواسطة كف يدها اليمنى من بداية أطراف أصابع الكف حتى نهايته, بينما ترفع يدها اليسرى إلى الأعلى ممسكة بالخيط الخشن، وهكذا تستمر العملية على هذا المنوال، حتى تتم المرأة غزل كافة الكمية التي تسمى محلياً بـ"درْجةْ الغزل أو الشعر أو الصوف"، ثم تبدأ بغزل "الدرجة" الأخرى من جديد، إلى أن تنتهي من غزل كافة الكمية المخصصة لصنع الخيمة أو البيت حسب حجمه "العرض والطول". بعد ذلك تبدأ النسوة بنسج هذه الخيوط فتجعل منها، ما أطلقنا عليها اسم "الشكاك". ومن هذه "الشكاك" تصنع الخيمة العربية. بعد هذا الجهد المضني، والذي يدوم طويلاً بغزل ونسج قطع بيت الشعر "الخيمة العربية" من قبل النساء, يأتي دور الرجال في النزل "المخيم", حيث يقومون بخياطة هذه "الشكاك" المنسوجة من شعر الماعز بعضها البعض بطريقة متقنة جداً, وبعد الانتهاء من خياطتها كاملة، يبدأ طقس جديد، حيث يتجمع كل الرجال في المخيم الربيعي، أو الشتوي، ويقومون ببناء البيت ورفعه بواسطة الأعمدة الخشبية, وتكون عادة اسطوانية الشكل، وعددها يكون حسب حجم البيت "الخيمة" طولاً وعرضاً.

تتكون الخيمة العربية في العادة من الغطاء العلوي "مجموع الشكاك"، ثم الرواق ويلفظ "بالرواك" بالجيم المصرية المخففة، والرواق هو الآخر مصنوع من شعر الماعز، وبه تغلق الخيمة "بيت الشعر" من كافة الجهات، ويثبت بواسطة أوتاد خشبية. وللبيت العربي مدخلان واحد خاص بالنساء والآخر خاص بالرجال، أما أجزاء الخيمة "بيت الشعر" الأخرى فتتكون من "الرصايع" "والطرايج" وحبال "المرس"، ولكل جزء من هذه الأجزاء وظيفته الخاصة.. بعد الانتهاء من نصب الخيمة "بيت الشعر" يقوم صاحبه بإقامة وليمة كبيرة يُدْعى إليها أهل المخيم "النزل" وكذلك "النزل" المجاور لهم، فتذبح الخراف والنعاج ثم يقوم عُلية القوم وشيخ العشيرة, بتدشين البيت بوضع القليل من دم الذبيحة على الرواق "الرواك"، وإذا كان صاحبه من أغنياء العشيرة، يقوم الرجال بإطلاق الرصاص من البنادق، وتهلهل النساء، وتقام الدبكات فرحاً بهذا، ويفرح الأطفال، بل ويفرح الجميع بهذا الانتصار العظيم.. وبعد الانتهاء من الأكل يقوم الرجال بمسح أيديهم بأطراف الخيمة اعتقاداً منهم أنَّ الدسم يمنح "بيت الْشَعَرْ" الثبات الطويل. هذه الحالة الافتتاحية في طريقة نسج وبناء الخيمة العربية، ظلت متداولة حتى سكنت هذه الجماعات البشرية في مساكن ثابتة ومبنية من الحجر، فأخذت شكلاً تواصلياً جديداً. لا بد من الإشارة إلى أنَّ شكل "الدوك" أو المغزل كان معروفاً منذ مرحلة العصر الحجري الحديث، وأنَّ أوتاد وأعمدة البيت العربي "بيْتُ الْشَعَرْ"، كانت هي الباعث والأساس في اكتشاف الأعمدة الحجرية التي تحمل الأسقف وواجهات المباني القديم منها والحديث حسب رأي بعض مؤرخي الفن والعمارة. ظلت الخيمة العربية بشكلها القديم مستعملة حتى وقت قريب جداً، ولم يكن استعمالها قديماً مقتصراً على البدو الرحل، ورعاة الأغنام، بل يُستعمل أيضاً في الأفراح، وفي العزاء على حد سواء.