بنات "أبو هريرة" عبارة عن موقع أثري، يضم مجموعة من الأوابد الأثرية والجنائزية، ويحتوي على بقايا مسجد ومئذنة، ومجموعة من المدافن، وبناء يعتقد بأنه تجسيد لمشهد جنائزي لأحد مشاهير الصحابة، وتقع بالقرب من موقع "الكرين" المطل على بحيرة "الأسد"، نحو /60/كم غرب مدينة "الرقة"، في إطلالة جميلة على بحيرة "الأسد".

وللتعريف بهذا الموقع الأثري التقى موقع eRaqqa الباحث "حمصي فرحان الحمادة" بتاريخ (27/12/2008) وتحدث بداية عن سبب تسميته قائلاً: «أعتقد بأن تسمية الموقع ببنات "أبو هريرة" حديثة نسبياً، ومن الممكن أن لها دلالات وارتباطات بموقع مجاور غمرته مياه بحيرة "الأسد" هو موقع تل "أبو هريرة"، والذي يعود تاريخه إلى أكثر من عشرة آلاف سنة قبل الميلاد، ويقع غرب موقع (البنات)، وفي الذاكرة الشعبية تم تسمية موقع التل بـ"أبي هريرة"، والآخر ببنات "أبو هريرة"، كناية على أن التل الأساسي هو الأم، والتل الآخر البنات، وأظن أن طريقة البناء وشكله يدلان أن الموقع يعود إلى الفترة العباسية، وتحديداً الزنكية، وبتقديري إن اسم "أبو هريرة" ارتبط بالمشهد الموجود بالموقع، لمكانته لدى المسلمين، أو أنها مشهداً لصحابي أو تابعي غيره».

أعتقد بأن تسمية الموقع ببنات "أبو هريرة" حديثة نسبياً، ومن الممكن أن لها دلالات وارتباطات بموقع مجاور غمرته مياه بحيرة "الأسد" هو موقع تل "أبو هريرة"، والذي يعود تاريخه إلى أكثر من عشرة آلاف سنة قبل الميلاد، ويقع غرب موقع (البنات)، وفي الذاكرة الشعبية تم تسمية موقع التل بـ"أبي هريرة"، والآخر ببنات "أبو هريرة"، كناية على أن التل الأساسي هو الأم، والتل الآخر البنات، وأظن أن طريقة البناء وشكله يدلان أن الموقع يعود إلى الفترة العباسية، وتحديداً الزنكية، وبتقديري إن اسم "أبو هريرة" ارتبط بالمشهد الموجود بالموقع، لمكانته لدى المسلمين، أو أنها مشهداً لصحابي أو تابعي غيره

وعن المقام أو المشهد، يقول "الحمادة": «هناك نوع من المقامات أو المشاهد، يطلق عليها مقامات الرؤى والأحلام، حيث يشاهد الشخص أحد الصحابة أو الأولياء والصالحين، ومن باب التبرك يبادر إلى بناء مشهد في المكان أو المنطقة التي شاهد فيها المنام تكريماً لذكرى صاحب الرؤيا، فمثلاً هناك في العالم الإسلامي أكثر من /13/ مشهداً لـ"أويس القرني" رضي الله عنه، وأكثر الصحابة مشاهداً هو الإمام "علي بن أبي طالب" كرَّم الله وجهه، ويقدَّر عددها في العالم الإسلامي أكثر من /200/ مشهداً، وفي هذا دلالة على المكانة التي يحتلها في قلوب المسلمين على اختلاف طوائفهم، وبالتالي بإمكاننا اعتبار موقع بنات "أبو هريرة" من مشاهد الرؤى والأحلام، لأن الثابت تاريخياً أن "أبا هريرة"، "عبد الرحمن بن صخر الدوسي" (راوي الأحاديث النبوية المشهور) قد مات في "المدينة المنورة"، ودفن في "البقيع" سنة /57/ هجرية، وقيل في رواية أخرى سنة /59/ هجرية، ومن الممكن أن سبب التسمية يعود لأنه شهد موقعة "صفين" الشهيرة، لكنه حسب رأي الكثير من المؤرخين لم يشارك في القتال، والتي تشير الدلائل التاريخية بأن موقعها في ذات المكان، لكن هذه الوثائق لا تشير إلى وجود الصحابي "أبو هريرة" في عين المكان، وكل ما يذكره القدماء من المؤرخين عن موقع "صفين"، أنه الموقع المعروف بين مدينة "الرقة" و"بالس" وهي "مسكنة" الحالية، حيث جرت المعركة الشهيرة بين جيشي الخليفة الراشدي "علي بن أبي طالب" كرّم الله وجهه، و"معاوية بن أبي سفيان" والي "الشام" بين عامي /36 ـ 37/ هجرية /657 ـ 658/ ميلادية، ويكاد يتفق معظم المؤرخين، مثل "الأصطخري"، و"ابن حوقل"، و"ياقوت الحموي"، و"ابن تغري بردي"، أنها موضع بقرب "الرقة" على شاطئ الفرات، من الجانب الغربي بين "الرقة و"بالس". أما "ابن خلكان"، فيقول: (هي أرض بالقرب من قلعة "جعبر". إلاَّ أنها في برِّ "الشام"، وقلعة "جعبر" في برِّ "الجزيرة" الفراتية، بينهما مقدار فرسخ، وفيها مشهد في موقع الواقعة المشهورة "صفين". إذاً فإن الثابت تاريخياً أن مشهداً بني في الموقع المذكور)».

المشهد من الداخل

وعن أوابد بنات "أبو هريرة" الأثرية، يقول الباحث الآثاري "محمد العزو": «إن الأوابد الأثرية في هذا المكان، هي دينية على الغالب وجنائزية، مما يؤكد قدسية هذا الموقع في نظر المسلمين، وتتمثل هذه المجموعة من الأوابد بوجود المئذنة، والتي يبلغ ارتفاعها نحو /15/ متراً، وهي مستديرة الشكل، مبنية من الآجر، وتشبه مئذنة مسجد "المنصور" (الجامع العتيق) في "الرقة"، وكونها كانت معرضة للغرق بمياه بحيرة "الأسد" على المنسوب /287/ متراً عن سطح البحر، إثر الغمر الذي شمل المنطقة بعد بناء سد الفرات، فقد تم تفكيكها بعملية فنية وعلمية متطورة، ونقلها إلى مدينة "الثورة"، حيث تنتصب الآن في إحدى ساحاتها المطلّة على سد الفرات، كما يحتوي الموقع على مدفنين يتوضعان فوق ربوة أعلى من منسوب المياه، وهما من العهد الإسلامي المبكر، ربما بنيتا لبعض شهداء معركة "صفين"، أمثال الصحابي الشهير "عمار بن ياسر"، والتابعي "أويس القرني"، كما يذكر "ابن حوقل" و"الأصطخري". ويعود المدفن الأول إلى القرن الرابع أو الخامس الهجري، وهو مبني من الآجر المتقن الصنع، أما المدفن الثاني، فيرجع إلى عصر متأخر، ويدخل في بنائه أحجار غير منحوتة من الدبش مع الآجر، وهناك مدفن ثالث مغيَّب تحت التراب، ولم تجرِ فيه أعمال تنقيب أثرية، وبجوار هذه المدافن آثار جامع مدروس، يعتقد أن "نور الدين الزنكي" هو الذي بناه».

مئذنة أبي هريرة
لقطة أخرى للمشهد من الخارج