«لم يتبقَ من سور مدينة "الرافقة" القديمة سوى سور وحيد، وكان هذا السور قد شُيّد بشكل مضاعف، فكان هناك سوران داخلي وخارجي، وبينهما فصيل، وحول السور الخارجي حفر الخندق الذي يحيط بالسور من جميع جهاته، عدا الضلع الجنوبي الذي يستفيد من الحاجز المائي الطبيعي لنهر "الفرات"، وقد زالت معالم السور الخارجي، ورُدم الخندق المحيط بالسور.

يبلغ طول سور "الرافقة" قرابة خمسة كيلو مترات، وقد شُيّدت الأبراج الضخمة على امتداده على قواعد من الحجر الكلسي، وأهم الأبراج قاطبة تلك التي تقع خلف البوابات الرئيسية، ولم يتبقَ من نماذجها سوى برج واحد يقع خلف باب "بغداد"، ويشكّل الزاوية الجنوبية الشرقية للسور، واستخدم في بناء السور اللبن المجفف، والآجر المشوي، الذي يحفظ النواة الطينية للسور لصلابته ومقاومته للعوامل الجوية».

يرتكز مجمل السور مع أبراجه على قاعدة من الحجر الكلسي، تتألف من مدماكين يتوضعان فوق بعضهما، ويبلغ ارتفاعهما /65/سم، وساعدت تلك القاعدة المشيّدة على الأرض الحرة، السور على الرسوخ، وعدم التداعي على مر العصور، ولم يتبقَ لنا أي أثر يدل على الأدراج المؤدية لأعلى السور، أما السور الداخلي فقد زالت بعض أقسامه، وأعيد ترميم بعضها الآخر مع الأبراج التي تتجه بشكل مستقيم من برج الزاوية عند باب "بغداد" نحو الغرب

هذا ما ذكره لموقع eRaqqa بتاريخ (28/3/2009) الباحث الأثري "محمد العزو"، في معرض حديثه عن سور "الرافقة" الأثري، أحد أهم معالم "الرقة" الأثرية.

جانب من سور الرافقة

ويضيف قائلاً: «يرتكز مجمل السور مع أبراجه على قاعدة من الحجر الكلسي، تتألف من مدماكين يتوضعان فوق بعضهما، ويبلغ ارتفاعهما /65/سم، وساعدت تلك القاعدة المشيّدة على الأرض الحرة، السور على الرسوخ، وعدم التداعي على مر العصور، ولم يتبقَ لنا أي أثر يدل على الأدراج المؤدية لأعلى السور، أما السور الداخلي فقد زالت بعض أقسامه، وأعيد ترميم بعضها الآخر مع الأبراج التي تتجه بشكل مستقيم من برج الزاوية عند باب "بغداد" نحو الغرب».

وحدثنا السيد "محمد سرحان الأحمد"، مدير آثار "الرقة"، عن بوابات السور بقوله: «بُنيت "الرافقة" بصورة قريبة من مخطط مدينة "بغداد"، ذات الأبواب الأربعة المتجهة نحو الحواضر والأقاليم، وهي باب "الشام"، وباب "خراسان"، وباب "البصرة"، وباب "الكوفة"، أما في "الرافقة" فالأمر يختلف بعض الشيء، بسبب التعديل الذي طرأ على مخطط المدينة لوجود نهر "الفرات" شمال المدينة، فأخذ السور شكل نعل الفرس، وهي توافق بابين أو ثلاثة أبواب بدلاً من أربعة.

مشهد من السور

وتؤكد معظم النصوص وجود بابين عظيمين لمدينة "الرافقة"، تأثرت بهما فنون العمارة العربية الإسلامية، ومن المرجح أن البابين هما باب يقع في الزاوية الجنوبية الشرقية، ما زال ماثلاً حتى الآن ويطلق عليه اسم باب "بغداد"، رغم تأكيد بعض المصادر التاريخية أن هذا الباب عبارة عن آبدة مستقلة عن سور "الرافقة"، والثاني في الزاوية الجنوبية الغربية ويسمى باب "الجنان"، والبابين من الآجر، وبجانب كل منهما برج مستدير».

ويستشهد "الأحمد" ببعض المصادر التاريخية في تدليله على وجود هذه الأبواب في جسم السور، إذ يقول: «يذكر "ابن شداد" في كتابه "الأعلاق الخطيرة"، أن اسم أحد الأبواب هو باب "السبال"، وأن أمير المؤمنين "هارون الرشيد" قد أمر بتلبيس السور بالآجر، تماماً كما فعل في معظم الأبنية التي شيدها جده الخليفة "المنصور"، ولم يبقَ لنا من أبواب "الرافقة" سوى زاوية منه عرفت حديثاً بباب "بغداد".

باب بغداد الأثري

كما نجد البوابات، أو كما يطلق عليها اسم الطاقات، على جسم السور الداخلي، ووظيفتها تحقيق حرية الحركة والاتصال بين المرابطين على السورين، ومن تلك الطاقات تمتد الشوارع الرئيسية داخل مدينة "الرافقة"، وتمتد إلى الرحبة المركزية في وسط المدينة حيث قصر الإمارة والمسجد الجامع».

ويتحدث مدير الآثار عن الفصيل الموجود بين سوري "الرافقة" قديماً، بقوله: «الفصيل هو الجزء الفاصل بين السورين الداخلي والخارجي، وكان لسور مدينة "بغداد" التي بنيت "الرافقة" على نمطها فصيلان، الأول بين السورين الداخلي والخارجي، والثاني بين السور الخارجي والخندق المحيط، أما الفصيل الداخلي فهو أشبه ما يكون بالشارع العريض، وكان عرضه /20،80/م، والهدف منه تسهيل حركة الجنود والمنجنيقات وباقي الأسلحة، وحرية التنقل في الطريق الدائري حول المدينة، كحال معظم الشوارع في المدن الحديثة، أما الفصيل الثاني فهو يفصل السور الخارجي عن الخندق المغمور بالمياه، وذلك لحمايته من الرطوبة».

ويحيط بالسورين خندق يُعتقد أنه كان يغمر بالمياه، وعن ذلك يقول "الأحمد": «حُفر الخندق بحيث يتقدم السور الخارجي، ويحيط به من كافة الجوانب، ويشكّل المانع المائي للمدينة، ومن المرجح أنه كان يزود بمياه نهر "الفرات" القريبة، ونتيجة تغير الظروف الطبيعية، وابتعاد مجرى النهر وانخفاض منسوبه، فقد اعتمد على تزويده بالمياه من قناة "النيل" التي حفرت في عهد "الرشيد"، وكان الخندق مبلطاً في جانبيه وقعره بالآجر، لمنع نفوذ الماء، وحماية أساسات السور وبواباته من الرطوبة، وقد رُدم هذا الخندق، واستخدم أهالي "الرقة" الآجر في تشييد بيوتهم ومنازلهم، فيما يُعرف الآن باسم "الرقة" القديمة».