تعد من الأشجار التي لها شأنها في الساحل السوري، والتي لا تكاد تخلو مداخل المنازل من ثمارها البيضاء وأغصانها الخضراء لما لها من فوائد جمة، وكأنها قناديل ريح معطرة وجدت لأغراض معينة يدركها الكثيرون ويبحثون عنها في كل المناسبات لاستذكار الأرواح الطيبة.

مدونة وطن eSyria بتاريخ 8/12/2012، التقت الجد "محمود إبراهيم" من أبناء مدينة "بانياس"، والذي تحدث عن شجرة "الريحان" بالقول: «تعتبر من الشجيرات المباركة بمختلف أجزائها، فذكرها ورد في بعض الأحاديث الدينية، وقد استخدم مختلف أجزائها في بعض الطقوس والعادات التراثية في حياتنا الاجتماعية لكونها نبات مستديم الخضرة، فمثلاً استخدمت أغصانها المورقة الخضراء في صناعة أكاليل الورد لمختلف المناسبات السعيدة، واستخدمت أيضاً في الطقوس الحزينة عند زيارة المقابر في الأعياد الرسمية والدينية، لما لها من وقع خاص في نفوس الناس بشكل عام، فرائحتها الزكية ارتبطت بمختلف هذه الطقوس».

يعد التكاثر البذري من أكثر الطرائق استخداماً للحصول على نباتات جديدة منه، ويمكن اكثاره بالتطعيم والفسائل والعقل الساقية وبزراعة الأنسجة، وهو قليلاً ما يتعرض للإصابة بالآفات بسبب وجود مضادات حيوية في أوراقه

بالإضافة إلى ذلك فقد كان لأغصان الريحان اليابسة عمل آخر، تحدث عنه الشاب "باسل يونس" من أبناء قرية "خربة السناسل" التابعة لمدينة "بانياس": «ضمن بعض الطقوس التراثية المتوارثة منذ القدم استخدمت أعواد الريحان اليابسة في عملية صيد الطيور الحية بعد تجهيزها وتشذيبها، وذلك ضمن عملية صناعة مادة "دبق الصيد" وهي مادة طبيعية لزجة جداً تدهن بها أعواد الريحان بشكل جيد ومكثف لتصبح مصيدة تعلق على أغصان الأشجار فتعلق عليها الطيور».

الآس الأسود

يتابع: «لم تكن شجيرة الريحان شجيرة مباركة لمجرد أغصانها الخضراء وشكلها الجميل ورائحتها الزكية، وإنما لطعم ثمارها الشهي بعض نضجها، فهي ثمار بيضاء حجمها بحجم حبة الحمص وطعمها مميز ومثير ويحتوي على العديد من العناصر الغذائية من فيتامينات وبروتينات ومعادن، لذلك ترى أن كل منزل تقريباً من منازل الساحل تزينه هذه الشجيرة المباركة».

إذاً شجيرة الريحان أو وفق اسمها العلمي "الآس" شجيرة لها شأنها بين شجيرات الساحل السوري، وهنا تقول المهندسة "هبة سلهب" من "مديرية زراعة طرطوس": «شجيرة الريحان شجيرة صغيرة يبلغ ارتفاعها من مترين إلى خمسة أمتار تقريباً وهي شجيرة دائمة الخضرة وذات مجموع خضري كثيف وأوراقها جلدية لماعة تعطي رائحة عطرة عند فركها باليد، لاحتوائها على مواد عفصية وزيوت طيارة عطرية ومطهرة، وساقها كثيرة التفرع.

زهر الآس

ويزهر النبات من شهر أيار حتى شهر حزيران، ويعطي أزهاراً مفردة جميلة بيضاء اللون وعطرة وتنضج ثماره في شهر تشرين الثاني، ويوجد من "الآس" نوعان: الأول يعطي ثماراً بيضاء اللون كروية الشكل، والثاني يعطي ثماراً زرقاء مسودة وكروية الشكل لكنها أصغر حجماً من السابقة.

وتحتوي الثمار بداخلها على العديد من البذور الصغيرة والصلبة، وتمتاز الثمرة بطعم لذيذ قابض تؤكل، وتسمى بالعامية "حبلاس"، وينتشر النبات في المناطق المناخية الرطبة وشبه الرطبة ونصف الجافة وفي المواقع الحارة والمعتدلة.

تجهيز أعواد الريحان لزيارة القبور

والموطن الأصلي للآس هو حوض المتوسط وجنوب "أمريكا" و"استراليا"، وبيئتنا المحلية ملائمة جداً لنموه وانتشاره، لذلك نراه منتشراً في المناطق الساحلية والداخلية الرطبة، ويشاهد في "سورية" بشكل عام كنبات مرافق في المواقع المتدهورة في الجبال الساحلية، خاصة في الأماكن قليلة الارتفاع كما في محافظة "طرطوس"، حيث يشاهد بكثرة في أغلب المواقع الحراجية في المحافظة كمرافق أساسي لغابات السنديان والصنوبر ويكون منتشراً تحت الأشجار وعلى جوانب الغابات والأراضي الزراعية».

وتضيف: «يعد التكاثر البذري من أكثر الطرائق استخداماً للحصول على نباتات جديدة منه، ويمكن اكثاره بالتطعيم والفسائل والعقل الساقية وبزراعة الأنسجة، وهو قليلاً ما يتعرض للإصابة بالآفات بسبب وجود مضادات حيوية في أوراقه».

وعن بعض استعمالاته تقول: «يمكن استخدام الأوراق في التقطير لاستخراج زيت عطري يستعمل في صناعة العطور، وكذلك يستخرج من الأزهار والثمار والقلف عطوراً زكية، أما عن أخشابه التي تتميز بالقساوة واللون الأحمر فقد تستعمل في صناعة السلال وفي الصناعات الخشبية الدقيقة، في حين أن لأوراقه فوائد طبية منها علاج السعال والربو وأمراض السيلان والبواسير والصداع والإسهال، والنبات بشكل عام له تأثير على نسبة السكر في الدم».