تقع "رامة لحّة" وسط "سهول عكار" إلى الجهة الغربية باتجاه البحر، وتمتد هذه المنطقة على مساحات كبيرة أصبحت الآن سهول زراعية تتخللها "سواريد مائية" هي كل ما بقي من رامة الماء الكبيرة، حيث الأرض مزروعة "بالقمح والشعير والبيوت البلاستيكية".

موقع "eSyria" زار "رامة لحة"، والتقى السيد "محمد خلف" الذي يسكن في المزارع المجاورة "لرامة لحّة": «كنت في صغري أرعى قطيع أغنام في الرامة والمناطق المحيطة بها، وأذكر كيف كان الصيادون يأتون من المحافظات السورية ومن لبنان لصيد "البط والزرزور"، فقد كانت المنطقة أشبه بما نشاهده الآن على التلفاز من المناطق الطبيعية في العالم، وحين كانت الرامة تقترب من الجفاف كنا نصطاد الأسماك منها بأيدينا والكميات التي كنا نستخرجها أصبح وجودها خيالا في وقتنا الحاضر.

اسم "رامة لحّة" يعود تاريخيا إلى رواية سمعتها عن القدماء بغض النظر عن مدى صحتها، وتقول الرواية أن "حاكما محليا أومتنفّذا أوأحد ملاّك الأراضي" كان يسيطر على المنطقة واسمه "لحلوح" لذلك سمي هذا المكان الواسع "مستنقع أورامة لحّة" اشتقاقاً من اسمه، وبالعودة إلى الوثائق التاريخية في "سورية ولبنان" يمكن معرفة صحة هذا الكلام من عدمه

أما مواشينا فكانت ترعى أينما شاءت لاتساع المساحة، وحينما كانت تفيض الأنهار كنا ونحن صغار نحمل عصا طويلة ونسير أمام السيارات القليلة حينها على الطريق المجاور "لرامة لحّة" والذي كان بدوره يختفي تحت مياه الفيضان وذلك خوفا من خروج السيارة عن الطريق وحتى الآن لاتزال المياه تغمر خلال الأمطار الغزيرة بعض أجزاء منطقة "رامة لحّة" لفترة يوم أو يومين».

الحاج أحمد عياش يمين الصورة والمختار فدعوس درباس

وللعودة في تاريخ "رامة لحّة" للوراء التقينا بتاريخ 10/1/2011 الحاج "أحمد خالد عياش" الذي تحدث لـ"esyria" بالقول: «اسم "رامة لحّة" يعود تاريخيا إلى رواية سمعتها عن القدماء بغض النظر عن مدى صحتها، وتقول الرواية أن "حاكما محليا أومتنفّذا أوأحد ملاّك الأراضي" كان يسيطر على المنطقة واسمه "لحلوح" لذلك سمي هذا المكان الواسع "مستنقع أورامة لحّة" اشتقاقاً من اسمه، وبالعودة إلى الوثائق التاريخية في "سورية ولبنان" يمكن معرفة صحة هذا الكلام من عدمه».

وعن شكل "رامة لحّة" سابقا وامتدادها يقول الحاج "أحمد عياش": «كانت رامة الماء تمتد على مساحة واسعة جدا تتجاوز 30 هكتارا، تحيط بها قرى "عرب الشاطئ" غربا و"خرابة" جنوبا ومن الشرق "جويميسة" أما شمالا فقرية "لحّة"، وفي فترة الفيضان كانت المياه تملأ الرامة من نهر "الكبير الجنوبي" ومن نهر "الأبرش" عدا عن الأنهار الصغيرة والينابيع المتواجدة في المنطقة كون "سهل عكار" قريب من سطح البحر.

الدائرة تشير الى وسط الرامة والسهم يشير الى نهر الأبرش

كما أن البحر كان يصل خلال الأعاصير إلى موقع "رامة لحة" وبالنتيجة فإن الرامة كانت تمتلئ بالمياه طوال فترة الشتاء، أما خلال الصيف فكانت المياه تجف لتصل إلى مستوى منخفض جدا بحيث لايبقى سوى القليل من الماء في قعر المستنقع، فكانت الأعشاب مثل "السعيدة والنعّيمة.." تنمو في كل مكان من الرامة وحولها وهذه الأعشاب تصلح جميعها لرعي الأبقار والأغنام، فترى المكان مسطح مائي واسع شتاء ومروج خضراء صيفا».

أما الآن فقد تغير شكل "رامة لحة" بشكل كامل وأصبحت مزارع قمح وبيوت بلاستيكية يحدثنا عنها السيد "فدعوس درباس" مختار قرية "الجويميسة" المتاخمة "لرامة لحّة" بقوله: «أصبحت "رامة لحّة" من تاريخ 1991 أرض زراعية واسعة حيث أشرفت على تجفيفها واستصلاحها شركة "نما" وهي قطاع مشترك، فقاموا بفتح عدة "سواريد" مائية خلال المنطقة لتذهب فيها المياه الفائضة، أما نهر "الكبير الجنوبي" فقد تم حجزه عن المنطقة بساتر ارتفاعه 3 أمتار لدرء خطر فيضانه عن "سهل عكار" و"رامة لحّة" خصوصا، وقامت الشركة بزراعة أرضها "بالقمح" والقليل من البيوت البلاستيكية، كما تم شق طرق زراعية عديدة خلالها، بذلك انتهت كل مظاهر الحياة السابقة في الرامة لتبدأ حياة جديدة».

سواريد المياه الاصطناعية المستخدمة لتجفيف رامة لحة

ويكمل السيد "فدعوس": «إن "رامة لحّة" في كلا وجهيها القديم والحديث قدمت فوائد كبيرة للناس القاطنين بجوارها، فقديما كان أهالي القرى المحيطة بالرامة يرعون فيها الأبقار والأغنام صيفا كمرعى مجاني يستخدمه الجميع، وقد وصل عدد الأبقار حينها إلى حوالي 1000 رأس بقر والأغنام حوالي 3000 رأس، خاصة أن هذه المراعي كانت خصبة جدا ومستمرة كل فصل الصيف.

وفي الشتاء كانت الأسماك تأتي إلى الرامة خلال الفيضان من الأنهار والبحر وبكميات كبيرة، في حين أن طيور كثيرة استقرت في المنطقة من "البط والإوز والزرزو.."، ومع تجفيف الرامة انتهت مظاهر الحياة الطبيعية هذه وباع كثير من الناس مواشيهم لعدم وجود مراعي في المنطقة حيث إن كل شبر في "سهل عكار" تتم زراعته، بالمقابل قدمت الأرض المستصلحة القمح والزراعات المحمية خاصة أن المساحات المزروعة كبيرة».