شهدت تربية دودة الحرير تراجعاً كبيراً في محافظة "طرطوس" حيث انخفض عدد المربين إلى"23" مربي فقط وأغلبهم يستخدمون الطريقة القديمة من حيث بساتين التوت وأدوات التربية المستخدمة .

و يرى السيد"اسماعيل معلا" من أهالي مزرعة"بيت الحج" التابعة لبلدة "النقيب" الذي يعمل في هذه المهنة منذ أربع سنوات فقط :«أن واقع التربية جيد حالياً بعد أن عملت الدولة على دعم الأسعار حيث أصبح سعر الكيلو الواحد من الحرير الطبيعي"450" ليرة سورية».

تحتاج هذه الزراعة إلى توزيع غراس التوت البلدي التي تعطي نوعية جيدة من الأوراق المغذية للشرانق

ويضيف:«بدأت بتربية دودة الحرير منذ أربع سنوات مستخدماً معدات التربية الحديثة و قد تعرفت على هذه الزراعة بالصدفة عن طريق أحد الأصدقاء في العمل والآن أربي في العام ثلاثة مواسم».

الأستاذ "معين سليمان"

وعن احتياجات هذه الزراعة في المحافظة يقول:«تحتاج هذه الزراعة إلى توزيع غراس التوت البلدي التي تعطي نوعية جيدة من الأوراق المغذية للشرانق».

وللتعرف على واقع هذه التربية في المحافظة زرنا بتاريخ "16/8/2009" دائرة الحرير والتقينا المهندس "معين سليمان" رئيس الدائرة الذي حدثنا قائلاً:«في محافظة "طرطوس" ثلاثة مراكز لتربية دودة الحرير يشغل حالياً مركز واحد فقط بسبب قلة المربين حيث أن عدد مربي دودة الحرير في المحافظة "23" مربي فقط والتربية بعضها بالأساليب القديمة وبعضها الآخر بالأساليب الحديثة من حيث بساتين التوت وأدوات التربية المستخدمة».

شرانق الحرير

تراجعت تربية دودة الحرير حيث كان عدد علب البيض التي يتم تربيتها في الماضي عدة آلاف بينما حالياً هو "40" علبة فقط وتتم التربية لثلاث دورات في العام "ربيعية وصيفية وخريفية" وعن أسباب التراجع يقول:«أهم أسبابه هي مزاحمة الحرير الصناعي للحرير الطبيعي إلا أنه ثبت مؤخراً عدم القدرة على الاستغناء عن الحرير الطبيعي إضافة إلى دخول بعض الأشجار المثمرة "زيتون وتفاح وحمضيات" والتوسع في زراعتها على حساب شجرة التوت ».

ويضيف:« أدى دخول بعض المحاصيل كمحصول التبغ الذي انتشرت زراعته بكثرة في المحافظة نظراً لارتفاع أسعاره عدة مرات للابتعاد عن زراعة التوت إضافة إلى انخفاض سعر الكيلو غرام من شرانق الحرير مقارنة بالمحاصيل الزراعية الأخرى حيث بقي سعر الكيلو غرام خلال العشرين سنة يتراوح بين"200-225" ليرة سورية وهذا كان له الأثر الكبير في تراجع التربية».

وعن كيفية الاكتتاب على علب بيض دودة الحرير يقول:«يتم الإعلان سنوياً عن فتح باب الاكتتاب على علب بيض دودة الحرير لمن يرغب بالتربية من الإخوة الفلاحين ويتم دفع سلفة تحدد سنوياً في الإعلان عن كل علبة بيض وبعد حصر كميات العلب المطلوبة من قبل الإخوة المربين يتم استيرادها من خارج القطر وفق جدول زمني محدد حسب دورات التربية وزن علبة البيض "13" غرام وتحوي"22" ألف بيضة تقريباً تعطي بشكل متوسط إنتاجاً قدره"35"ألف كيلو غرام من شرانق الحرير» .

وعن وضع التربية هذا العام مقارنة بالعامين السابقين يقول:«بلغ عدد العلب المكتتب عليها "125" علبة للعام"2007" وكمية الإنتاج "2،5" طن من شرانق الحرير الطرية وفي العام "2008" تم الاكتتاب على "116" علبة أنتجت"2" طن أما العام "2009" فقد تم التسجيل على "91" علبة وكمية الإنتاج وصلت إلى "2143" كيلوغرام من الشرانق ».

ويوضح :«بالرغم من أن عدد المكتتبين في العام"2009" أقل منه في العامين"2007-2008" فان الإنتاج كان أعلى مقارنة مع العامين السابقين حيث وصل متوسط إنتاج العلبة لعام"2009" إلى "34" كيلو غرام بينما هو أقل من ذلك في عامي "2007-2008" كما أن نوعية الشرانق المنتجة جيدة» .

وعن كيفية التعامل مع علب البيض بعد وصولها إلى القطر يقول :«عندما تصل علب بيض دودة الحرير إلى القطر يتم إدخالها إلى مركز تربية دودة الحرير حيث تخضع لعملية الحضانة إذ تؤمن لها الشروط المطلوبة من حيث الحرارة والرطوبة والتهوية وبعد أن يحدث الفقس يتم تربية الديدان لثلاثة أعمار"أول- ثاني- ثالث" ثم توزع على المربين ليكملوا عملية التربية خلال العمرين "الرابع والخامس" ».

وأشار السيد"سليمان":« إلى أن مدة العمل في مركز التربية التابع لوزارة الزراعة حوالي"20"يوماً في كل دورة تربية وهذه المدة تعادل نصف دورة حياة دودة الحرير مما يؤدي إلى توفير الكثير من الوقت والجهد والكلفة للمربين حيث أن العمل في مركز التربية مجاناً ولا يترتب عليه أية كلفة للمربين» .

وعن الخطوات التي اتخذتها وزارة الزراعة لدعم نشاط تربية دودة الحرير يقول:«تقوم الوزارة بتأمين غراس التوت للفلاحين بأسعار رمزية وتأمين علب البيض بأسعار مخفضة مقارنة بالأعوام السابقة حيث كان ثمن العلبة في الماضي يتراوح بين "1000-1500" ليرة سورية للعلبة الواحدة بينما تؤمن الوزارة حاليا العلب بسعر "375" وزن "13" غرام».

ويضيف:«أقامت الوزارة مركزاً لتربية دودة الحرير في مواقع التربية مهمتها حضانة وتفقيس بيض دودة الحرير وتربية الديدان حتى العمر الثالث وتوزيعها على المربين كما قامت الوزارة دورات تدريبية للمربين والفنيين في مواقع التربية لرفع كفاءتهم المعرفية وتقديم سعر دعم الشرانق بمعدل"250" ليرة سورية لكل كيلو غرام من شرانق الحرير الطرية المنتجة لدى الفلاحين».

وعن أهم المشاكل والصعوبات التي تواجه هذه الزراعة يقول:«لا تتوفر جميع أدوات التربية الحديثة اللازمة للتربية خاصة شبك التربية والشيح الصناعي كما أنه لم يتم الاطلاع على التقنيات والأساليب الحديثة المستخدمة في دول العالم المتقدمة في مجال تربية دودة الحرير لاستخدامها في تحسين واقع التربية في سورية ».

ويضيف:«رغم أن الصناعات الحريرية في سورية من أفضل الصناعات في العالم من حيث الجودة والمتانة للخيوط الحريرية والشهرة في الأسواق العالمية إلا انه لم يحدث تطور وتنوع لهذه الصناعة كما في دول العالم الأخرى إضافة إلى أن عملية تربية دودة الحرير مازالت على نطاق ضيق وتمارس بشكل فردي ولم يستخدمها الفلاح السوري كمشاريع إنتاجية "صغيرة –متوسطة-كبيرة" علماً أن مثل هذه المشاريع يمكن الاعتماد عليها كمصدر رئيسي في الدخل».

ويقترح السيد"سليمان" لتطوير هذه الزراعة مايلي:« الاهتمام بالجانب الصناعي بحيث يخرج عن الإطار التقليدي وتصنيع نماذج عديدة من الصناعات الحريرية كما هو الحال في كثير من دول العالم و إدخال تربية دودة الحرير على مستوى مشاريع "صغيرة –متوسطة-كبيرة" والسعي لإقامة جمعيات لتربية دودة الحرير كخطوة أولى لإقامة اتحاد لمربي دودة الحرير على مستوى القطر».