اكتسحت السفح الجبلي المنحدر بشدة وأسست لحياة أبنائها منذ عدة قرون، وتوزعت منازلها على ثلاثة تلال صغيرة بإطلالة مشرقة على الجهة الشمالية لما يعرف بسلسلة الجبال الساحلية.
مدونة وطن eSyria زارت قرية "خربة كسيح" بتاريخ 31/8/2013 والتقت السيد "محمد حسن" رئيس الجمعية الفلاحية في القرية، حيث قال: «تبعد قرية "خربة كسيخ" حوالي ثلاثة عشر كيلومتراً عن مركز مدينة "بانياس"، وتتبع إدارياً لبلدية "اسقبلة" التي تبعد عنها حوالي كيلومتر واحد عبر مدخل القرية الجنوبي الشرقي الذي فتح حديثاً، ويصلها بأعلى قرية "اسقبلة"، في حين أنها بقيت متفردة لأمد طويل بمدخل وحيد يصل طوله إلى أكثر من كيلومترين يبدأ بعد نهاية غابة قرية "بارمايا"، بحوالي /500/ متر، ويخترق الطبيعة والحياة البرية وصولاً إلى منازل القرية التراثية».
يسيل بجانب القرية من الجهة الشمالية نهر "جوبر" الذي يصب غرباً بجانب "مصفاة بانياس"، ويزيّن الطبيعة فيها ويغنيها ويجعلها خضراء، وهو الأمر الذي جعل أغلب منتجي الدراما السورية يقصدونها بمنازلها التراثية القديمة جداً والتي ما تزال محافظة على قوامها الرائع حتى الآن، لتصوير مسلسلاتهم التراثية، ومن هذه المسلسلات التي تم تصويرها هنا "أيام الغضب" و"إخوة التراب"
ويتابع: «تتربع منازل القرية على عدة هضاب متوسطة الارتفاع تسمى "الربعة"، وتتوضع هذه التلال على الجهة الشمالية من سفح جبل "اسقبلة" الشديد الانحدار، ويختلف ارتفاعها فيما بينها فتبدوا وكأنها منحدرة بشدة، وترتفع هذه التلال حوالي /500/ متر عن سطح البحر، ما يؤكد أن القرية تتوضع على انحدار كبير، ناهيك عن اختلاف مناسيب الارتفاع عن سطح البحر بين منازل القرية بما يقارب مئتي متر تقريباً، وهذا دليل آخر على طبيعة انحدار الجغرافية القائمة عليها القرية، وهذا انعكس على طبيعة المناخ وجعله مناخاً بارداً منعشاً في فصل الصيف وبارداً مثلجاً في بعض أيام فصل الشتاء».
ويضيف السيد "محمد" عن سبب تسمية القرية: «يقارب عمر القرية من /1000/ عام، وهذا استناداً إلى شجرة العائلة وبعض الوقائع الطبيعية كشجرة زيتون ضخمة جداً تدل على هذا العمر، والقرية قديماً بمنازلها الحجرية كانت تسمى "خربة المهوية" نتيجة لتوضعها الجغرافي المفتوح من ثلاث جهات، وحركة التيارات الهوائية اللطيفة في الصيف والقوية في فصل الشتاء، ويقال إنها سميت فيما بعد "خربة كسيح" لأنها اكتسحت موقعها في الجبل الشديد الانحدار وأسست المنازل الأسمنتية الحديثة.
أما بالنسبة للجزء الأول من الاسم المركب "خربة كسيخ" وهو لفظ أو تسمية "الخربة" فهو نتيجة كثافة انتشار المواقع والخرائب الأثرية ضمن المنطقة».
السيد "نديم علي" من أهالي القرية قال: «تميزت حقولنا الزراعية بصغر مساحاتها نتيجة الارتفاع الكبير والانحدار الشديد في طبيعة المنطقة، وتنوعت زراعاتها كثيراً، فإلى جانب الزراعات الرئيسية "الزيتون" و"التبغ" و"الجوز" و"القمح" يزرع الأهالي مختلف الأشجار المثمرة للحاجة المنزلية ومنها ما ارتبط بطبيعة المناخ البارد كزراعة التفاح والدراق والكرز وغيرها، وهذا إن دل على شيء فهو يدل على أن أبناء القرية مزارعون نشيطون».
الشاب "واجد عيسى" من أبناء القرية قال: «يسيل بجانب القرية من الجهة الشمالية نهر "جوبر" الذي يصب غرباً بجانب "مصفاة بانياس"، ويزيّن الطبيعة فيها ويغنيها ويجعلها خضراء، وهو الأمر الذي جعل أغلب منتجي الدراما السورية يقصدونها بمنازلها التراثية القديمة جداً والتي ما تزال محافظة على قوامها الرائع حتى الآن، لتصوير مسلسلاتهم التراثية، ومن هذه المسلسلات التي تم تصويرها هنا "أيام الغضب" و"إخوة التراب"».
ويتابع: «في القرية الكثير من المواقع الأثرية والقطع التراثية كبواطيس كسر الزيتون لعصر الزيت منه، إضافة إلى عدة نواغيص حجرية، وعدة ينابيع مياه تراثية قديمة جداً منها نبع "عين الكيسه" ونبع "الجارية" ونبع "الفوقانية"، وجميعها بالقرب من القرية القديمة.
أما فيما يخص عدد سكان القرية فقد يصل إلى حوالي /730/ نسمة موزعة على تلال القرية الثلاثة التي يحدها من الجهة الجنوبية قرية "اسقبلة" ومن الجهة الشمالية قرية "نحل" وناحية "العنازة"، أما من الجهة الغربية فيحدها قرية "البلوطية" ومن الجهة الشرقية قرية "الحطانية"».
الجد "أنيس حبيب" من معمري القرية قال عن عائلات القرية: «تفرعت عائلات القرية من آل "شاهين" وآل "علي" وآل "ونوس"، وكبرت كثيراً حتى أصبحت تقارب عشر عائلات أساسية في القرية ومنها آل "حسن" وآل "ميهوب" وآل "عيسى" وآل "سليمان" وآل "خضور".
وقد تميزت القرية بأنها ما تزال تحافظ على مختلف العادات والطقوس التراثية المتوارثة فالكثيرات من نساء القرية ما زلن يحافظن على طقوس خبز الخبز على التنور ضمن مختلف المناسبات السعيدة، إضافة إلى صناعة الفطير ووجبة المتبلة والقمحية والكبيبات في مواعيدها السنوية.
إضافة إلى وجبة جريش الذرة المكونة من الذرة الصغيرة البيضاء التي كانت تزرع في القرية بكثافة وكانت تطهى كما وجبة الشوربة على نار الحطب، وهي وجبة الأيام العصيبة التي من الممكن أن تمر على الأهالي في مواسم الفقيرة.
كذلك انتشار حرفة صناعة الدبق على أعواد الريحان لصيد الطيور عليها في مختلف المواسم، وذلك نتيجة نمو أشجار ثمار الدبق بكثرة في القرية».