لاقت زراعة الموز في مدينة "بانياس" تميزاً لافتاً منذ بضع سنوات، مع محاولة لإنشاء مشاريع متكاملة مرتبطة بهذه الزراعة، وذلك بهدف تلبية حاجة السوق من هذه الفاكهة,فمع ارتفاع تكاليف الزراعات المحمية كالبندورة وغيرها في محافظة طرطوس عامة ومدينة بانياس خاصة، وعدم قدرة الكثير من المزارعين على مجاراتها، بدأ التفكير بزراعة الموز كمشاريع أكبر من أن تكون رديفة للمحمية، إذ وصلت لأن تكون مشاريع تحولية عند البعض.
في دائرة الاهتمام
المهندس "شفيق عثمان" رئيس لجنة الزراعات المحمية باتحاد الغرف الزراعية السورية، يؤكد أن الهوية الزراعية للمحافظة بدأت تتغير ملامحها بشكل لافت بداية العام الماضي 2023، وذلك مع ارتفاع مستلزمات إنتاج الزراعات المحمية كالبندورة، فجاءت محاولة استثمار الأراضي المكشوفة التي تخفض التكاليف الإنتاجية بنسبة كبيرة.
ويرى "عثمان" أنه رغم هذا التحول اللافت نحو الزراعات المحمية والمكشوفة للموز، إلا أنها بقيت زراعات خجولة لم تتجاوز نسبتها حتى الربع الأخير من العام 2022 خمسة عشر بالمئة، إلا أنها تعدتها بزيادة حوالي عشرة بالمئة منتصف العام الماضي 2023، وكان أغلبها مساحات مكشوفة فيما ظلت المحمية غير مستثمرة لما بعد الربع الثالث من العام نفسه لتصبح مستثمرة.
ويشير إلى أن الأمر الذي بات ظاهراً للعلن هو أن زراعة الموز بدأت تشغل أذهان المزارعين الحالمين بردم الهوة بين التكاليف الكبيرة لمستلزمات إنتاج البيوت المحية لزراعة البندورة والأسعار المنخفضة للمنتج الزراعي، والذي أدى إلى خسائر كبيرة تكبدوها نتيجة تذبذب أسعار الصرف وارتفاعها بشكل كبير بين الموسم الزراعي والآخر، وخاصة فيما يتعلق بأسعار الشرائح البلاستيكية والبذار، أما زراعة الموز فهي غير مكلفة ومستمرة، وعنايتها الزراعية بسيطة لا تتعدى التسميد بين الفترة والأخرى والري بالتنقيط المنتظم، وقص الأوراق الصفراء بأداة حادة، مقارنة مع الزراعة المحمية للبندورة.
بدوره يلفت المزارع "يحيى حمود" إلى أن التكاليف الإنتاجية بالنسبة لمشروعه انخفضت نحو 75 بالمئة بعد التحول لزراعة الموز، حيث أفرزت تجارب سابقة لمزارعين نجاحات تسجل لصالح التحول لزراعة الموز على حد وصفه.
ويتابع "حمود" حديثه بالقول: "لقد تنوعت أنواع شجيرات الموز التي بات أغلب المزارعين يعتمدون عليها بعد عدة تجارب ناجحة في النوعية والجودة ومنها "الغراند ب"، والذي يتميز بنوعية إنتاج عالية وحجم ثمار كبيرة تشبه الموز الصومالي، حتى أن الأشجار لا ترتفع كثيراً ما أدى إلى عمليات عناية زراعية أسهل وأبسط، إضافة إلى النوع "الأميركي" الذي ينتج أقراط موز كبيرة يتجاوز عدد صفوفها 20 صفاً، ووزنها يتجاوز الخمسين كيلو غراماً".
تجارب ناجحة
ويعد المزارع "سامر زيدان" من أوائل مزارعي الموز في المنطقة، فتجربة المزارع "زيدان " في مجال زراعة الموز بدأت منتصف التسعينيات، وأنتج من حقله الذي لا يتجاوز /10/ دونمات ما يزيد على عشرين طناً خلال تلك الفترة في كل موسم زراعي، وبات معروفاً بين بقية مزارعي المحافظة أنه متخصص فيها، نتيجة تجاربه الناجحة وإنتاجه المميز والذي جذب المهتمين من المزارعين.
ووفقاً لرأي الكثير من مزارعي الموز، فإن ضخامة المساحة المزروعة لدى "زيدان" سمحت له بتوفير بعض من فرص العمل الجديدة لبعض المزارعين وصلت لحوالي /10/ عمال خلال ذروة إنتاج الثمار والغراس المعدة للتسويق، بعد أن باتت الأسواق عطشى للتحول لزراعة الموز، فضلاً عن الحاجة الكبيرة في الأسواق التجارية للمنافسة السعرية وتخفيض الأسعار، بعد ارتفاع كبير وصل فيها سعر كيلوغرام الموز لما يزيد على ثلاثين ألف ليرة بداية العام الماضي.
عملية متكاملة
هذا التخصص في إنتاج الغراس فرض عناية صحيحة بدءاً من عمليات الرعاية والتربية للغرسة بجوار الشجيرة الأم، وانتهاءً بالعمر الصحيح للقلع من التربة الأساسية لزراعتها في تربة جديدة، وهذا نتيجة الرواج الكبير بين المزارعين المتحمسين لقلب معادلة تساوي الخسارة والربح والمزارعين الغيورين من النتائج الجيدة التي حققتها هذه الزراعة لأصحابها، وبحسب "زيدان" الذي يؤكد أيضاً أن عدد الغراس التي زرعت حديثاً عامي 2022 و 2023 تفوق الـ /20/ ألف غرسة في مختلف مناطق المحافظة وخاصة منطقة بانياس، وهذا وفق أحاديث أصحاب المشاتل الزراعية أيضاً.
ويضاف إلى ذلك تجهيز المنشآت الخاصة بعمليات تخمير الموز، والتي فتحت أفقاً لفرص عمل جديدة ومكملة لهذا المشروع الزراعي ككل، وبات هناك تخصص في كل جزء من زراعة الموز التي تنتشر بشكل كبير حتى ضمن الحدائق المنزلية الصغيرة.