تعد صناعة الفخار والزجاج من أهم ما تمتاز به مدينة "أرمناز" الواقعة إلى الغرب من مدينة "إدلب" بنحو /30/كم، فهي المهد الأول لهذه الصناعة التي تطورت بشكل ملحوظ خلال السنوات القليلة الماضية لتعيد إلى الأذهان التطور الذي عاشته منذ مئات السنين قبل أن تتراجع نتيجة دخول أدوات ومواد وصناعات جديدة منافسة لهذه الصناعة اليدوية التقليدية التي لا تزال تعتمد على أدوات بسيطة وعلى براعة ومهارة الحرفي في تشكيل الفخار والزجاج وتلوينه والرسم عليه.
حيث شهدت هذه الصناعة إدخال أشكال تزيينية وزخرفية متنوعة عليها، وقد كثرت نتيجة لذلك الأشكال المنتجة وتنوعت حسب استخداماتها من صحون وأواني وأدوات منزلية ومزهريات وأشكال وتصاميم تزينية تحاكي الآثار القديمة والتحف الثمينة والنفيسة والتي لا يخلو بيت منها وذلك حسب ما تبدعه أيادي من يعمل بهذه المهنة العريقة.
لا شك أن عملية تلوين الفخار عرفت منذ القديم إلا أن استخدامها بالشكل الواسع لم يتم إلا حديثاً، حيث نرى اليوم ألواناً وأشكالاً متنوعة تضفي جمالاً على الفخار وتجعل منظره مواكباً لتطور الحياة الحديثة وتمكن من استخدامه في أكثر من مجال، وأنه لابد قبل الحديث عن عملية التلوين والرسم من التعريج على مراحل صناعة الفخار خاصة أن عملية التلوين والزخرفة هي جزء من هذه الصناعة الحرفية
وتلوين الفخار والرسم عليه هو واحد من تلك الإبداعات التي شهدتها صناعة الفخار حتى إننا بدأنا نشاهد ورشاً متخصصة في هذا المجال، وخلال زيارة موقع eidleb إلى إحدى هذه الورش في مدينة "أرمناز" التقينا الحرفي "صادق زكور" والذي حدثنا عن ذلك قائلاً: «لا شك أن عملية تلوين الفخار عرفت منذ القديم إلا أن استخدامها بالشكل الواسع لم يتم إلا حديثاً، حيث نرى اليوم ألواناً وأشكالاً متنوعة تضفي جمالاً على الفخار وتجعل منظره مواكباً لتطور الحياة الحديثة وتمكن من استخدامه في أكثر من مجال، وأنه لابد قبل الحديث عن عملية التلوين والرسم من التعريج على مراحل صناعة الفخار خاصة أن عملية التلوين والزخرفة هي جزء من هذه الصناعة الحرفية».
ويتابع: «البداية تكون بوضع التربة الصلصالية الخاصة بهذه الصناعة في حوض ماء مخصص لذلك حيث تخلط حتى تمتزج ذرات التراب مع بعضها بعضاً ويتجانس ثم يرقد ويصفى في حوض ترسيبي حتى يفصل الماء عن الطين وبعد أن يجف الماء بنسبة 70% ويصبح كالعجين يؤخذ إلى آلات العجن.
وقديماً كانت عملية العجن تتم بالأرجل ثم تترك العجينة للتخمر لمدة عشرة أيام لتبدأ بعد ذلك عملية الصناعة وتتم على دولاب ذي محور حركي يدار باليد اليسرى في حين تتم الصناعة باليد اليمنى حيث تأخذ الأواني أشكالها المطلوبة بتحكم الحرفي ومهارته، ثم تجفف الأواني التي تم تصنيعها قبل أن توضع في فرن شي خاص تصل درجة حرارته إلى/900/ درجة وتبقى داخله حوالي أربع ساعات وتترك داخل الفرن بعد إطفائه لمدة/15/ ساعة حيث تبرد تدريجياً ومن ثم يتم إخراجها جاهزة للاستعمال».
أما عن عملية الزخرفة والتلوين فأضاف: «إن عملية الزخرفة وإدخال أشكال تزيينية على الأواني الفخارية سواء كانت بالتفريغ أو عبر الرسومات النافرة فتتم بعد تجفيفيها نصف تجفيف وقبل أن توضع بالفرن حيث يكون من السهل على الحرفي التحكم بشكل التزيين المراد صنعه ويقوم الحرفي بإخراج الشكل الذي يريده سواء من خلال إضافة قطع نافرة وتزيينات أو من خلال عملية الحفر والتفريغ ثم تترك لتجف تماماً قبل أن توضع بفرن الشوي.
في حين أن عملية التلوين أو الرسم على الفخار تجري بعد مرحلة الشوي وهي تتم بالريشة العادية وباستخدام الألوان الحرارية أو الباردة حيث يتفنن الحرفي في عملية التلوين وإظهار الشكل الأكثر جمالية وتجانساً وتداخلاً بين الألوان والفخار، فالألوان الحرارية تحتاج لتعريضها إلى درجات حرارة تزيد عن/ 500/ درجة بعد عملية التلوين من خلال إدخالها إلى فرن الشيّ مرة جديدة ولكن بدرجة حرارة أقل حتى تظهر الألوان بالشكل المطلوب وهي تبقى فترات زمنية طويلة محافظة على شكلها وألوانها، أما الألوان الباردة فلا تحتاج إلى الحرارة وهي عبارة عن ألوان مائية وزيتية يقوم الحرفي الفنان باستخدامها في عملية الرسم والتلوين بعد إتمام عملية الشوي والانتهاء من صناعة الآنية وهي عادة ذات عمر أقصر لكونها سريعة التأثر بالظروف الجوية المحيطة بها».
يذكر أنه يوجد حالياً في "أرمناز" حوالي /25/ ورشة متنوعة سواء لصناعة الفخار أو تلوينه وتزينيه والرسم عليه حتى إن بعضها أصبح شبه متخصص في إنتاج أنواع محددة من الفخار وباتت مصدر دخل للكثير من الأسر، حيث يقدر عدد الذين يعملون في هذه الورش بشكل مباشر حوالي /300/ حرفي في حين أن عدد المستفيدين من هذه الصناعة يصل إلى أضعاف هذا الرقم.