لم يكن هدف الدكتور "طارق اسليم" من دراسة الطب الاستعراض الاجتماعي أو تكوين ثروة مالية أو مكانة اجتماعية، بل اتخذ من الطب حالة إنسانية وأراد أن يجسد قسم أبقراط في عمله اليومي، فكان له ما أراد إذ يعد أول من اختص بدراسة الطب النووي في محافظة "السويداء" وعلاوة على ذلك ظل متمسكاً بكتابة الأدب الروائي، وله في هذا المجال عملان روائيان، إضافة إلى أعمال أخرى قيد الإنجاز.

النشأة والهدف

ولد الدكتور "اسليم" الأخصائي بالطب النووي، في كنف أسرة محبة للعلم والتحصيل العلمي، ومنذ طفولته لقبه رفاقه في المدرسة بالدكتور، لأن التفوق سار معه منذ جلس على مقاعد الدراسة، فقد كان النجاح ملازماً لمسيرته وصولاً لدراسته الثانوية في مدرسة المتفوقين، وكان من الأوائل على مستوى المحافظة، واستطاع دخول كلية الطب البشري بجامعة دمشق وتخرج منها عام 2019، وبدأ بدراسة اختصاص الطب النووي، علماً أنه لا يوجد في سورية من درس هذا العلم قبله سوى "الدكتور مجدي الزين".

وحول أسباب اختياره لهذا التخصص يقول : "لقد تكونت لدي رغبة في دراسة هذا الاختصاص لأنني كنت شغوفاً بالفيزياء والعلوم والرياضيات إلى درجة كبيرة، ولأن الطب النووي هو البحث في علم الذرات والأشعة الصادرة عنها، وفيزيولوجيا الأعضاء باستخدام النظائر المشعة، والكشف عن أدق الأمراض في جميع الأعضاء، ومعالجتها، حتى بتنا نقوم بمعالجة الخلايا السرطانية عن طريق تلك الأشعة، وهذا العلم هو متطور في العالم ولابد لنا من مواكبته خدمة للإنسانية بعد انتشار مرض السرطان بكثرة في المحافظات السورية عامة والسويداء خاصة".

الدكتور طارق أمام مكتبته

أعمال خيرية

الدكتور عدنان مقلد

ويضيف الدكتور "اسليم": "العمل قيمة ولأنه كذلك يجب أن تنعكس نتائجه على أفراد المجتمع، وحين درست مكونات العمل وجدت أن أسرتي وأهلي في السويداء بحاجة لاختصاصي، ولهذا قدمت نفسي متطوعاً للعمل في "مقام عين الزمان" الذي يحتوي على عيادات طبية وعلى أجهزة متقدمة للفحص، وبدأت العمل بفحص ما يقارب عشرين مريضاً كل يوم السبت، حيث اكتشفت مجموعة كبيرة من الحالات السرطانية النائمة والتي هي في مراحلها الأولى، حيث يمكن علاجها بسهولة ويسر، إضافة لعملي في مشفى البيروني والأسد الجامعي أيضاً.. ورسالتي في الحياة أن أرسم البسمة والفرح والأمل على محيا كل محتاج أو مريض، وأشعر بسعادة حينما يرتسم الشفاء على المرضى فهي مسؤولية ولحظات تجدد وعطاء بالنسبة لي".

يوميات طبيب

وحول علاقته بالأدب يشير الدكتور "اسليم" إلى أن الأدب ولد لديه حينما كان في الصف السابع والثامن، بعد أن كان يوفر ما يدخره من مصروف يومي ويشتري روايات لروائيين عالميين، إضافة لأشعار "محمود درويش"، وحتى حينما عمل في قسم الإسعاف استطاع أن يوثق عشرات الحالات المرضية، ليخرج منها بقصص أدبية جُمعت في أسلوب إبداعي لتصبح منجزاً روائياً صدر بعنوان "يوميات طبيب مقيم"، وأردفه بعمل آخر يحمل الطابع التخيلي للسرد الروائي وهو بعنوان "ماضٍ لم يمض"، وهناك عمل روائي ثالث قيد الإنجاز.

اثناء عمله

الطبيب الإنسان

بدوره يبين الدكتور "عدنان مقلد" رئيس جمعية أصدقاء مرضى السرطان، أن الدكتور "طارق اسليم" جاء إلى السويداء منقذاً، فهو أول طبيب يدرس دراسات عليا في اختصاص الطب النووي، وكذلك من الأطباء الأوائل الذين يتمتعون بدقة الملاحظة والقدرة على الكشف المبكر لمرض السرطان وخاصة بمراحله الأولى، إضافة لما يتمتع به من هدوء ورصانة وابتسامة، وما يبعث الأمل لدى المريض، هو طبيب متخصص وناجح استطاع أن يثبت جدوى علمه ودراسته خلال فترة قياسية.

ويكشف "مقلد" عن الجانب الإنساني لدى الدكتور "اسليم" من خلال قيامه بأعمال خيرية خفف بها على المرضى تكاليف العلاج والتشخيص بقيم مالية وصلت لملايين الليرات في الاكتشاف والعلاج، إضافة لما يتمتع به من أدب ولباقة وتواضع وعلم طبي، فهو طاقة شبابية علمية أدبية منفتحة ومنتمية للأرض والمجتمع.