أدرك بفطرته كيف يعزف على أوتار القلب بأجمل أنغام الحياة، فكانت قصائده ابتهالات عشق، واعتلى العديد من المناصب، منها مقرر جمعية "الشعر" في اتحاد الكتّاب العرب.

مدونة وطن "eSyria" التقت الشاعر "محمد الفهد" بتاريخ 9 نيسان 2019، ليحدثنا ماذا يعني له الشعر، وهو الغارق في بحوره، وعن خطواته الأولى في درب الإبداع، فقال: «الشعر هو الحياة الروحية لي، ولا يمكن أن أتصور تلك الحياة من دون الشعر، فهو يحقق لي التوازن أمام حياة تأكل الأخضر واليابس، ويمنح روحي الفرح، فحين أكتب نصاً جميلاً أشعر بسعادة غامرة.

الشاعر لديه مشروع متواصل، هو البحث عما يوقظ الروح، ويجعل مكامن الجمال أسلوباً وحياة، فالشاعر محكوم بالبحث الدائم عما يجعل القصيدة روحاً ورؤيا، ومسافات أحلام؛ لذا عليه أن يشتغل دائماً ليخلق مناخاً للجمال والحب

أما أولى نصوصي، فكتبتها في المرحلة الإعدادية كما أذكر، كتبت كثيراً، وحين أصبحت عارفاً بالشعر، مزقت مجموعتين من تلك الكتابات، وبما أن الشعر إعادة صياغة الواقع، فكنت أكتب الواقع».

الناقد مجمد رستم

أما عن داعمه في مجال الإبداع الأدبي، ومن كان وراء إبداعاته الأدبية، والبيئة التي احتضنته، فقال: «ليس هناك راع حقيقي للكتابة، لكن كانت لدي أخت تحب القراءة، وهي التي فتحت عيني على القراءة والمعرفة، وربما تلك القراءات هي التي راكمت المعرفة لتأخذ طريقاً آخر في التعبير. وبعدها ربما أصبحت مدمن قراءة، حتى إنني لا أستطيع أن أعبر يوماً من دون أن أقرأ ساعات قد تطول، لكنها لا تقل عن أربع أو خمس ساعات».

وتناول نظرته إلى المرأة الحاضرة دائماً في إبداعاته، قائلاً: «المرأة في كتاباتي هي الأساس؛ لأنها تعبر عن الكون بمجمله، فهي الأم والأخت والحبيبة، ولا يمكن لإبداع أن يكون بعيداً عن تصويره بما يحس به تجاه هذا الكائن الجميل الذي يعطي للحياة الجمال والكينونة والحب؛ لذا فمن البديهي أن يكون الشعر معبراً عن الحب بالدرجة الأولى، ثم تحضر الأفكار الأخرى التي لا قيمة لها من دون حبّ.

المرأة سيدة الكون، وهي التي ترسم كلمات الشعراء، وترسل روحها إليهم ليدركوا أنهم قادرون على الكتابة، فهي التي تعطيهم أول الحروف وأرق الكلام».

أما أبرز المحطات في إبداعاته، فقال عنها: «لكل مرحلة أسئلتها وإبداعها الذي يبحث عن مسارات جديدة، لكن الأهم أن المراحل هي بنت الحياة، وهي سلسلة متكاملة، فلا أستطيع أن أقول إن مرحلة ما هي الأجمل، لكن في العموم تأتي أواخر الأعمال أكثر نضجاً من الأعمال الأولى، وذلك بسبب الخبرة والتجربة وتراكم المعرفة».

عن وجوده في رئاسة جمعية "الشعر" في اتحاد الكتّاب العرب، وماذا أضاف إليه، قال: «كنت مقرراً لجمعية "الشعر" لعامين متتاليين، وقبلها كنت أميناً للسر في الجمعية، لكن الاجتماعات المتتالية جعلتني أستمع إلى الأصوات الشعرية، وأعرف أي الأصوات ينبع من الإبداع الحقيقي. وهي تجربة مهمة لمعرفة الشعر السوري، الذي أستطيع القول عنه إن الشعراء الحقيقين لا يتجاوزون أصابع اليدين».

وأضاف: «الشاعر لديه مشروع متواصل، هو البحث عما يوقظ الروح، ويجعل مكامن الجمال أسلوباً وحياة، فالشاعر محكوم بالبحث الدائم عما يجعل القصيدة روحاً ورؤيا، ومسافات أحلام؛ لذا عليه أن يشتغل دائماً ليخلق مناخاً للجمال والحب».

من قصيدة "من فصول العشق والرماد"، اخترنا:

"يستيقظُ الوقتُ الصباحيُّ المغيّمُ فجأة

فلقد تفتَّحَ بابُ مزرابِ السماء

كأنّ طوفانَ السفينةِ فوقنا

ينشقّ من جهةِ الغموضِ يغلِّقُ الأنوارَ والذكرى

يفاجئُ قهوةَ الفنجانِ في مشوارِها نحو الحنان

والرعدُ، صوتُ الرعدِ، يوقظ خوفَنا قربَ السرير

فأنزوي تحتَ اللّحافِ لأسمعَ الأنفاسَ صاعدةً

على دربِ الزفاف، كأنّ روحَ البحرِ

قد نادى عروستَه الغيومَ

فصارت الأمواجُ في عليائِنا

ترمي إلينا سرَّها في صوتِ آلهةِ الدخان".

الناقد "محمد رستم" وصديق الشاعر، يقول: «الشاعر "محمد الفهد" قامة من ضوء نجم قطب في سماء البوح لا تخطئه العين، وهو أحد أعمدة الشعر في مدينة "ديك الجن"، ولأنّ هاجسه الإنسان ومبتغاه الجمال؛ تراه يحلّق في مدارات الكون بحثاً عن براعم الاخضرار ليفتق منها أزاهير الربيع، ومجرد أن تلتقيه يفتح لك فرجار الكلام من بهاء الشعر، فيصحبك معه إلى بيارات الجهشة وحقول الغمام، ومن خوابيه المعتقّة بنبيذ الإبداع يدلق عذب بوحه، فتنساب لوحاته المغمسة بعطر التألق لتتعشق خلايا الذاكرة صور تنبع من مستقر الشاعريّة المتأصلة، لتأتي متواشجة مع المدّ العاطفي لمشاعره متناغمة مع الألحان السيمفونية المنبعثة من حروفه؛ وهو ما يشكل لوحة أوركستراليّة مدهشة تتماهى مع قيثارة الروح، فتنداح الأنغام الساحرة الدافئة».

يذكر، أن "محمد الفهد" من مواليد "حمص" عام 1946، يحمل إجازة في اللغة العربية، حالياً هو أمين فرع اتحاد الكتّاب العرب في "حمص"، صدر له العديد من المجموعات الشعرية، منها: "منارات الأسئلة" عام 1998، و"مرايا الوقت" عام 1999، "مرثية الرؤيا" عام 2002، "قصب على الشرفات" عام 2005، "ناي يذاكر في الظلام" عام 2006، "مناديل اللوعة" عام 2009، "فضاء لنشوء الإيقاع" عام 2011، "من فصول العشق والرماد" عام 2014، "سراب على الغيم" عام 2015، "من مقام الوقت" عام 2017، "خريف المعنى".