عاش حياة مجبولة بالسياسة والأدب، فهو ليس رائداً للرواية السورية فحسب بل شخصية وطنية مرموقة، خاض النضال السياسي بجرأة متناهية، وتعرض على أثره للسجن والضرب والمنفى.

مدونة وطن eSyria التقت بتاريخ 30/3/2013 الناقد والأديب والأستاذ الجامعي د."ماجد أبو الماضي" ليتحدث عن الأديب والمناضل "شكيب الجابري" فقال: «"الجابري" من مواليد "حلب" 1912 هو ابن مراد الجابري، عميد آل الجابري، أعرق الأسر في حلب، لم يتمتع بغنى والده إذ حرم منه لأن أباه طلق أمه يوم ولد، وتزوج من أخرى، ولكنه تابع دراسته بأكمل وجه حيث درس بالجامعة الوطنية مدينة "عالية- لبنان"، وتابع في "الكلية الإسلامية" في "بيروت"، وبعدها سافر إلى "جنيف- سويسرا" للدراسة وبقي هناك عاماً واحداً ليعود إلى "دمشق" حيث مارس العمل السياسي والوطني وسجن على أثره من قبل الاستعمار الفرنسي ولم يفرج عنه إلا بشرط مغادرة البلاد، فسافر مرة أخرى إلى "جنيف" ودرس الكيمياء ونال شهادة مهندس في الكيمياء ودبلوم مهندس معاون من معاهد "جنيف"، ونال شهادة الدكتوراه من جامعة "برلين" ولم يترك العمل السياسي وهو في الغربة حيث كان له نشاطه مع الزعيم الوطني الأمير "شكيب أرسلان"، وكان له مشاركات في معظم حركات الشبان العرب في "أوروبا"، حيث كان يخطب في الاجتماعات الكبرى في "باريس" التي كانت تعقد للدفاع عن القضية "السورية" والعربية وذلك عام 1935، وعند عودته إلى "دمشق" عمل في سلك التدريس».

كان "الجابري" يعبر عن الطبقات الفقيرة في كتاباته وهنا أستشهد بمقولة له كما كتبها الأستاذ "شاكر مصطفى" في كتابه "محاضرات عن القصة في سورية" حيث يقول "الجابري": "... لهذا نشأت منذ صغري قريباً من البيئات الشعبية وأكثر تحسساً بآلامها، نشأت وعندي عقدة نقص أمام العظمة، فأنا أكرهها وأتجه في قراءتي وفي مُثلي الاجتماعية، منذ كنت في التاسعة من العمر، نحو الإصلاح الاجتماعي

وأضاف: «بدأ حياته الأدبية في عام 1937 عندما اصدر روايته "نهم" الذائعة الصيت والتي اعتبرت بداية النهضة الروائية "السورية" واعتبر "الجابري" على أثرها رائد الرواية "السورية". شغل مناصب عديدة بين عامي 1943 و1956 منها "مدير عام للمطبوعات والإذاعة، مدير عام للمعادن ومراقبة الشركات ذوات الامتياز، وزير مفوض لسورية في إيران وباكستان، مدير شركة الزجاج الوطنية"، كما ترأس لفترة "الجمعية السورية للفنون وجمعية الأدباء العرب" وكان له الفضل بالنهضة العمرانية في "بلودان – ريف دمشق" حيث خطط لمشاريع واسعة بالمنطقة وأنشا البيوت وغرس الأشجار واستصلح الأرض والجبل. وفي عالم الرواية كتب "الجابري" ثلاث روايات بعد "نهم" التي ذكرتها وهي "قدر يلهو" أصدرها عام 1939 وأعيد طبعها عام 1980، "قوس قزح" عام 1946، "وداعاً يا أفاميا" عام 1960، كما ترك خلفه ثلاث مخطوطات وهي "زوجتي، في أثر السراب، جابر بن حيان».

صورة اخرى لشكيب الجابري

وأنهى "أبو ماضي" حديثه قائلاً: «كان "الجابري" يعبر عن الطبقات الفقيرة في كتاباته وهنا أستشهد بمقولة له كما كتبها الأستاذ "شاكر مصطفى" في كتابه "محاضرات عن القصة في سورية" حيث يقول "الجابري": "... لهذا نشأت منذ صغري قريباً من البيئات الشعبية وأكثر تحسساً بآلامها، نشأت وعندي عقدة نقص أمام العظمة، فأنا أكرهها وأتجه في قراءتي وفي مُثلي الاجتماعية، منذ كنت في التاسعة من العمر، نحو الإصلاح الاجتماعي».

ومن جانب آخر يقول الشاعر "شوقي بغدادي" واصفاً "الجابري": «حياته الصاخبة والعامرة بالأحداث رشحته مرة بعد مرة لمناصب رفيعة اعترضتها ازمات كبرى إذ ابعد من وطنه في احد العهود، ثم عاد إليه في عهد آخر، ولكن جلّ هذه التحولات لم توقف حالة الإبداع لديه وخاصة في مجال كتابة القصة والرواية، غير انها هواية لم تكمل مسيرتها كما كانت توحي بشائرها وإصداراتها إذ طغت عليها هوايته الرائعة في إحياء الطبيعة الخضراء حين اشترى هضاباً صخرية في شرق "الزبداني- غرب دمشق" وبنى فوقها منزلاً عجيباً يمكن وصف طرازه كصديق للبيئة- لم ينجزه كاملاً للأسف- سماه قلعة "الكوكو" والكوكو طائر نادر في المنطقة، وأحيا حوله سلسلة من الحدائق التي اصبحت الآن احد المعالم الإعجازية في إحياء الطبيعة الصخرية وصارت مع المنزل الطريف مزاراً شهيراً لسكان المنطقة والسياح العرب والأجانب».

غلاف كتاب أعماله الكاملة

وأضاف: «ولا أنكر بأن الروايات الأربع التي أصدرها "الجابري" وضعته بجدارة في صدر قائمة الروائيين العرب الرواد، ليس بالمعنى التاريخي فحسب بل بالمعنى الفني للكتابة، إذ يكفي كي ندرك ذلك ان نقارن بين رواياته الثلاث الأولى وبين إصدارات "نجيب محفوظ" الذي تأخرت مشاركته في الرواية الاجتماعية - بعد بداياته التاريخية- الى منتصف الأربعينيات في حين ان رواية "نهم" صدرت في أواخر الثلاثينيات وكان لصدورها تأثير بالغ في الشارع الثقافي العربي كما حدث للروايتين الصادرتين بعدها مباشرة».

ومن الجدير ذكره أن لشكيب الجابري مؤلفات أخرى تتعلق بالكيمياء والجيولوجية منها "تأثير الأوزان في مشتقات البترول، مبادىء الجيولجيا- مبادىء الفيزياء"، وطبعت له وزارة الثقافة أعماله الروائية الكاملة عام 2007، كما أطلق اتحاد الكتاب العرب بالتعاون مع دار الشرق للنشر والتوزيع والإعلان جائزة "شكيب الجابري" للرواية عام 2010.

غلاف احدى رواياته

توفي عام 1996 وهو يقوم بزيارة إلى السعودية.