تمكن الشاب "ملهم كيالي" طالب في كلية الهندسة الإلكترونية سنة خامسة في جامعة "حلب"، من خلال دراسته وهوايته في التطبيقات الإلكترونية أن يتوصل لاختراع جهاز الوقود المائي.

الجهاز الذي من شأنه أن يجعل من السيارة وسيلة نقل تعمل على الماء. فقد حصل "كيالي" على الميدالية الذهبية في معرض الباسل الخامس عشر للإبداع والاختراع في سورية 2011.

وما أتمناه من الجهات المعنية أن يتم الاهتمام بشكل أكثر للعديد من التجارب التي نقدمها وخصوصاً في مسألة الدعم المادي لأن أي فكرة جديدة يجب أن تقابل بالدعم المادي والمعنوي دون الاقتصار بالدعم المعنوي فقط

"كيالي" تحدث لموقع eAleppo عن بداية ظهور الفكرة وكيف تطورت في ذهنه بالقول: «حينما كنت في السنة الثانية لاحت في خاطري فكرة وهي كيفية الاستفادة من جزيئات الماء في تحريك محرك السيارة، وقد أبدى الدكتور "محمد فراس شريم" أستاذي في الكلية اهتماماً بهذا المشروع وحفّزني على المضي قدماً في تصنيعه».

معرض الباسل الخامس عشر في دمشق

بداية ظهور الفكرة :

الجائزة الذهبية في معرض الباسل

«من خلال تصفحي الإنترنت شدّني اهتمام الموضوع الذي يبحث في الطاقة البديلة الصديقة للإنسان وبدأت أطلع على تجارب الطاقة الشمسية وقوة الرياح، لكن فكرة الوقود المائي هي التي استحوذت على انتباهي وبدأت في البحث عن كيفية تطبيق هذه الفكرة على أرض الواقع وكيفية جعل الماء قوة تماثل القوة الأخرى، فبدأت أتعرّف على خصائص الماء وما يحتويه من جزيئات وكيفية تفكيكها ودام الأمر حوالي سنتين من الاطلاع والبحث والتقصي حول ذلك ومن هنا بدأت رحلة الاختراع».

مكونات الاختراع :

وحول مكونات الجهاز وطرق استخدامه وعوامل الأمان قال "كيالي": «إن الجهاز مؤلف من ثلاثة أقسام، قسم لخزان الماء ويمكن أن يستخدم خزان البنزين عوضاً عنه والدارة الالكترونية التي تعمل على فصل جزيئات الهيدروجين والأوكسجين من الماء، وأنابيب أسطوانية الشكل والتي تعمل على تدفق وصول غاز الهيدروجين إلى محرك السيارة».

غرفة المخبر

عمل الجهاز:

قال "كيالي": «حينما يقوم السائق بالضغط على مكبس البنزين تعطي إشارة مباشرة للدارة الإلكترونية فتقوم بتوليد تردد معين يتم إرساله إلى الماء المتواجد في الخزان، عندها يتم تفكيك الماء إلى عنصرين من الأوكسجين والهيدروجين ويتم نقل الهيدروجين إلى محرك السيارة عبر أنابيب اسطوانية ليصبح بدوره وقوداً ويبدأ محرك السيارة بالدوران وكأنه يعمل على البنزين».

أهمية الاختراع :

إن اختراع "كيالي" للوقود المائي ليس بالأمر البسيط ،صحيح أن هناك سيارات تسير على غاز الهيدروجين مشابهة لاختراعه لكنها فقط مخصصة للبحث العلمي التي تعمل عليه شركات السيارات العالمية، فما هو الفرق مابين اختراع السابق واللاحق؟ قال "كيالي": «إن الطرق المستخدمة في تسيير السيارة على الهيدروجين والمستخدمة حالياً تقوم على تواجد غاز الهيدروجين في خزان السيارة والذي يشكل خطراً كبيراً على السائق إذا انفجر الخزان لما يتمتع به الهيدروجين من قوة كبيرة».

وأضاف "كيالي": «إلى جانب ذلك قلة المحطات التي توفر غاز الهيدروجين وكمية الوقت المستهلكة في تأمينه إضافة إلى ارتفاع التكاليف المادية للحصول عليه، كانت الحافز لابتكار الجهاز الذي صممته والذي يعتمد على وجود الماء في الخزان بدلاً من وجود غاز الهيدروجين وبقدر ما تستهلك السيارة من وقود يتم العمل على تأمين غاز الهيدروجين دون حصول أي زيادة في الغاز إلى جانب وفرة المياه وقلة استهلاكها في الجهاز حيث أنه إذا ملئ خزان بنزين السيارة بالماء وبشكل كامل يمكن أن تجعل السيارة تسير ولمدة شهر ونصف وبمعدل 24 ساعة دون أي توقف، حيث أن لغاز الهيدروجين إمكانيات كبيرة تفوق إمكانيات البنزين».

وإلى جانب ذلك: «يمكن أن يستعمل ماء البحر شرط وجود مرشحات لذلك، ويمكن أن يستخدم جهاز الوقود المائي أيضاً في محركات البواخر وفي القطارات والطائرات وفي المنشآت الصناعية أيضاً وهناك جانب آخر وهو عالمي حيث أن التقليل من استهلاك البنزين يعطي فرصة أكبر لانخفاض أسعاره».

عوامل الآمان:

ينطوي العمل مع غاز الهيدروجين على ضرورة وجود عوامل أمان يحمي الإنسان الذي يتعامل معه وحول ذلك يضيف "كيالي"«إن الجهاز يتمتع بالعديد من عوامل الآمان أولها بأن يعمل على تأمين الكمية المناسبة من وقود الهيدروجين التي يحتاجها محرك السيارة من خلال ربط حساس الدارة بدواسة البنزين وبقدر ما يقوم السائق بالضغط على الدواسة يتم تأمين وقودالهيدروجين.

وأما العامل الثاني هو وجود صمامات أمان مثبتة داخل الأسطوانات المائية والتي تعمل على الحد من رجوع غاز الهيدروجين، وإن تعطلت تلك الصمامات ورجع الغاز فإنه سوف يندمج بقطرات الماء الموجودةبالأسطوانات ويصبح الغاز ماء إضافة إلى عوامل أخرى مثل وجود حساسات للحرارة و الضغط لكي يتم العمل على التحكم في كمية الغاز المطلوبة وعدم السماح لمرور كميات كبيرة من غاز الهيدروجين وكل ذلك يسير وفق نظام أتوماتيكي، حيث أن هذه المخاطر تحدث فقط إن مضى على استخدام الجهاز فترة من الزمن أو حدوث عطل مفاجئ في إحدى مراحل الدارة ».

حجم الجهاز وميزاته:

حيث أن لكل اختراع يجب أن يراعي مسائل عديدة ومنها أن يكون متناسب مع حجم المكان الذي سوف يتم وضعه فيه وأن يعطي أداء أعلى من ذي قبله وحول ذلك قال "كيالي": «يبلغ حجم الاسطوانات بالنسبة لسيارة تتمتع بأربع سلندرات هي 40 سم وأما بالنسبة لقطر الأسطوانة فتبلغ 5 انج وهذا مناسب لمعظم السيارات وأما بالنسبة للشاحنات فإنها تتطلب زيادة في عدد الاسطوانات فقط دون المساس بالدارة الإلكترونية وكلما كبر حجم وسيلة النقل كلما زاد عدد الاسطوانات، حيث أن جهاز الوقود المائي يتم وضعه عند محرك السيارة وهذا ضروري لكي يقصر طول أنبوب نقل غاز الهيدروجين مما يجعله أفضل في جميع الأحوال».

الوقود المائي يجعل محرك السيارة أفضل:

وتابع "كيالي" قائلاً: «فإن نظرنا إلى بنية المحرك بالداخل فإننا نرى أنه مصنوع من أفضل أنواع المعادن وبمواصفات قياسية لما يتعرض المحرك من تآكل في بنيته وللترسبات الحاصلة نتيجة احتراق مادة البنزين والتي لا تتجاوز نسبة الاستفادة منها سوى 23 بالمائة، بينما في غاز الهيدروجين فإن نسبة الاستفادة تبلغ 97 بالمائة دون حدوث أي ترسبات في محرك السيارة أيضاً وهذا فارق كبير يلعبه الوقود أمام محرك السيارة».

التطورات المستقبلية:

لا يزال "كيالي" يعمل على تطوير جهاز الوقود المائي من أجل أن يجعله جهازاً مفيداً وسهل الاستخدام وحول ذلك يختم قوله: «فحينما يعمل المحرك على غاز الهيدروجين فإن نواتج الاحتراق تخرج من عادم السيارة على شكل ماء وليس دخاناً كما في البنزين وهذا من أحد الطرق الناجحة للحد من التلوث البيئي، وفي الأيام القادمة سوف أعمل على الاستفادة من قطرات الماء التي تخرج من العادم لإرجاعها إلى خزان الماء وبذلك يتم توفير 30 بالمائة أيضاً من استهلاك الماء في الخزان وبه تتحقق الدارة المتكاملة».

وختم قائلاً: «وما أتمناه من الجهات المعنية أن يتم الاهتمام بشكل أكثر للعديد من التجارب التي نقدمها وخصوصاً في مسألة الدعم المادي لأن أي فكرة جديدة يجب أن تقابل بالدعم المادي والمعنوي دون الاقتصار بالدعم المعنوي فقط».