عرض على شاشة التلفزيون السوري في شهر رمضان الفائت مسلسلا دراميا بعنوان "باب المقام" أخرجه السيد "فهد ميري". تدور أحداث المسلسل في حارة من حارات "حلب" القديمة في عصر سلف، حيث تجول مؤلف العمل السيد "محمد أبو معتوق" بين قصص متنوعة ومتعددة الأهداف مصورا واقعا أثار الجدل في الشارع الحلبي.

eAleppo تجول في 30-31/10/2008 راصدا رأي الشارع الحلبي الذي حضر المسلسل، فتفاوتت الآراء بين مؤيد ومعارض، وكل بسببه، حيث قالت السيدة "أم طارق عجنجي":

العمل ليس تأريخيا ولا وثائقيا كي يؤخذ بحذافيره فهو ذو مفهوم وهدف واضح، كما أن القصة ذات مدلولات عميقة وواضحة في آن واحد

«المسلسل رائع جدا، حيث يمتلك حبكة قصصية جعلتنا نتعلق بالمسلسل وأجبرتنا على انتظار حلقاته لمعرفة ما ستؤول إليه الأحداث التي كان من الصعب توقعها بسبب الحبكة المحكمة».

الشاب محمد بركة

أما الشاب "محمد بركة" يقول: «رغم الحبكة الجيدة والأهداف المفيدة التي يرمي لها المسلسل، فقد جسد واقعاً خاطئاً عن مدينة "حلب" العريقة بتاريخها والتزامها الديني والأخلاقي، حيث ظهرت شخصيات أمثال "أبو الكيف" و"أبو الروس" أساءت إلى الصورة الحضارية التاريخية لهذه المدينة».

فيما قال الشاب "عبد الرحمن مصطفى": «المسلسل بدا جيدا من حيث الهدف السامي في إعلاء قضية الحب الطاهر، لكن تم تجسيد مشاهد لا تنتمي لعادات وتقاليد مدينة "حلب"، مثال على ذلك عدم التزام الفتاة بالحجاب الشرعي أمام ابن خالتها، الأمر الذي بدا غير واقعي وغير مقنع لأننا جميعا نعرف عادات مدينة "حلب" والتزامها الأخلاقي والديني العريق».

كاتب العمل محمد أبو معتوق

وفي رأي مختلف السيدة "فاطمة عبدو" تقول: «ليست المشكلة في أن المسلسل نقل صورة صحيحة أو خاطئة عن مدينة "حلب" لأنه لا يعتبر عملا تاريخيا، فما يجب التركيز عليه هو قصة الحب التي كانت محور العمل والتي نجح كادر المسلسل في تجسيد طهارتها ناقلين فكرة الحب النقي بشكل حسن».

وعند لقائنا بأحد المخرجين المسرحيين في "حلب" السيد "حسام جدعو" قال: «العمل بدا متكاملاً متماسكاً رغم بعض الثغرات المغفورة في ترابط الشخصيات التي كان من الممكن أن تضيف بعداً عاطفيا تاركة أثراً عميقاً في نفوس متابعي المسلسل، وقدم "باب المقام" وجبة درامية متميزة بخصوصيتها، فلم يكن مسلسلا تقليديا بل كانت الحكاية مثيرة للجدل».

لقطة من المسلسل

تعددت الآراء وتفاوتت وجهات النظر، كلُ حسب مرجعيته ومنطلق من مفهوم معين، فمنهم من بحث عن المصداقية التاريخية ومنهم وضعوا المسلسل في كفة المقارنة مع مسلسلات أخرى، ومنهم من بحث عن صلة التواصل بين المسلسل ومسرحية "مقام إبراهيم وصفية" للكاتب "وليد إخلاصي"، حيث أن شارة مسلسل "باب المقام" تقول أن قصة العمل مأخوذة عن تلك المسرحية.

كل هذا وذاك جعلنا نتوجه إلى كاتب العمل السيد "محمد أبو معتوق" الذي قال: «مسلسل باب المقام قصة منفردة في حد ذاتها تركز هدفها في إيصال مفهوم نقي وواضح للحب السامي الذي يتحدى بجبروته النتوءات السافلة، هذا الحب الذي يجب تواجده في كل عصر وفي كل آن، حيث أنه محارب من كل جهات المجتمع على اختلافها، كما يمر العمل مرور الكرام على قضية الوضع السياسي ومرحلة خروج المستعمر ومراحل التسامح الديني في مدينة "حلب"».

وتابع "المعتوق" متحدثا: «العمل ليس تأريخيا ولا وثائقيا كي يؤخذ بحذافيره فهو ذو مفهوم وهدف واضح، كما أن القصة ذات مدلولات عميقة وواضحة في آن واحد».

وأضاف ختاما: «لا يمكن وضع مسلسل "باب المقام" في كفة واحدة مع باقي المسلسلات ولا مع مسرحية الكاتب "وليد إخلاصي" "مقام ابراهيم وصفية"، لأن المسلسل لا يجتمع مع المسرحية إلا في الخط العريض والفكرة العامة وهي الحب السامي، والمسلسل يغوص على أبعاد أخرى لم تكن موجودة ضمن سياق المسرحية».

ويبقى مسلسل "باب المقام" بعنوانه الذي يدل على أحد مناطق "حلب" القديمة ليترك إشارة استفهام وجهها الكثيرون من أبناء المدينة على الرغم من المجهود الكبير المبذول لعدم إيذاء تاريخ المدينة وحضارتها العريقة تاريخيا.