تعتبر مدينة "بالس" عقدة مواصلات بين الجزيرة وبلاد الشام، فهي مرفأ حلب على الفرات، وكشفت التنقيبات الأثرية في الموقع عن مجموعة من الرُقم المكتوبة باللغات الأكادية، والسومرية، والحورية، ومعظم تلك الكتابات كانت ذات طابع اقتصادي وديني.

مدونة وطن eSyria بحثت بتاريخ 4/6/2013 في كتب ومراجع التاريخ ومن بينها كتاب الباحث "وليد مشوح": "حضارة وادي الفرات" عن مدينة "بالس" حيث كتب: «بعد 7 كم من مدينة "مسكنة" توجد خرائب "بالس" القديمة على هضبة تعلو عن مستوى سهل الفرات نحو عشرين متراً، وتبرز للمسافر على طريق "حلب – دير الزور" من مسافة بعيدة بمنازلها وبقايا جدران قصورها. ولا يعرف السبب بتسميتها وتاريخها، وقد كان اسمها في العهد الروماني "بارباليسوس"، وعرفها العرب باسم "بالس" منذ الفتوحات الإسلامية، ولا يعرفها سكان منطقة الفرات إلا باسم "مسكنة". سكانها أعراب متحضرون ينتسبون إلى عشيرة "خفاجة" القديمة التي كانت لها "خفارة الرصافة" وبريتها، وحول "مسكنة" توجد عشيرة "الفدعان" العنزية البدوية ولبعض شيوخها أراض واسعة في ناحية "مسكنة"، و"لمسكنة" موقع جغرافي هام فهي أقرب نقطة على الفرات إلى حلب وتمر بها القوارب الخشبية ذات القعر المسطح من بلدة "براجيك" التركية وتمر بجرابلس وقلعة النجم ومسكنة والرقة ودير الزور».

ولى سيف الدولة على "بالس وحران ومنبج" ابن عمه الشاعر "أبا فراس الحمداني"، ورد ذكرها في عدة أبيات من شعره منشورة في ديوانه الذي حققه الدكتور "سامي الدهان" وكان ينزل في بواديها قبائل بني كلاب وغيرهم من الأعارب

وتابع: «نقلت هذه القوارب أثناء الحرب العالمية الأولى المؤن والذخائر والمدافع والبنادق والطيارات إلى الجيش العثماني في العراق لصد الإنكليز الزاحفين من البصرة، واستخدم الفرنسيون في عهد الانتداب الفرنسي على "سورية" هذه القوارب لنقل المؤن من "مسكنة" إلى "دير الزور" ولنقل الحاصلات الزراعية والأحطاب ونقل السكان من ضفة إلى ضفة لعدم وجود الجسور على الفرات باستثناء جسري "دير الزور" و"الرقة"».

القوافل التجارية القديمة في بالس

الباحث "عواد الجاسم" أضاف: «ورد ذكر "بارباليسوس" في الحروب بين الفرس والرومان، وأقدم رواية عنها هي التي رواها المؤرخ الإغريقي "اكزانوفون" الذي تكلم عن قلعة وحديقة حاكم "سورية" "بلسيس" التي كانت واقعة في هذا المكان، وعلم بطليموس الموقع الحقيقي لمدينة "بارباليسوس" على أنها محطة على طريق الفرات. قد يعود تاريخ الموقع إلى ما قبل العهد الروماني، قال العالم الأثري "دوسان" الذي اشتغل بقراءة رقم ماري إن موقع "بالس" ينطبق على اسم مدينة "إيمار" القديمة التي ورد ذكرها في ألواح "ماري"، وكانت مرفأ هاماً تنزلها القوافل القادمة من أنحاء حلب وأنطاكية وميناء السويدية وغيرها من مدن الشام وموانئها، وكانت هذه القوافل القادمة إلى "بالس" تترك الطريق البرية وتفرغ حمولتها في "بالس" الميناء على الفرات الذي كانوا يتاجرون منه مع بابل ناقلين سلعهم ومصنوعاتهم المعدنية بالسفن، منحدرين في الفرات من عاصمتهم "كركميش" وكانت السفن الآتية من العراق إلى الشام ترسي "ببالس" وتفرغ فيها حمولتها لتنقلها القوافل بطريق البر إلى حلب والشام والبحر الأبيض المتوسط، و"بالس" أقرب المدن الفراتية إلى هذا البحر».

ويشير الباحث "عبد القادر عياش" بالقول: « يوجد في "بالس" سوق، وهي منذ القدم مركز مواصلات لوقوعها على الطريق البري وأول مدن الشام على الطريق بعد مدينة الرحبة التي تفصل الشام عن العراق، وتعتبر "بالس" بلدة رومانية بيزنطية كالرقة والرصافة والبصيرة وغيرها من المدن الفراتية القديمة على ضفتي الفرات، حيث اشتهرت بالتجارة والصناعة والعمران والزراعة والسبب يعود بفضل موقعها على الفرات ما جعل منها مرفأ ومركزاً للترانزيت، وكانت أسقفية تابعة "لمتروبولية" الرصافة وكانت تسمى باب سورية على "الفرات"».

المدينة حسب غوغل ايرث

ويضيف: «ولى سيف الدولة على "بالس وحران ومنبج" ابن عمه الشاعر "أبا فراس الحمداني"، ورد ذكرها في عدة أبيات من شعره منشورة في ديوانه الذي حققه الدكتور "سامي الدهان" وكان ينزل في بواديها قبائل بني كلاب وغيرهم من الأعارب».

وتمتاز "بالس" بمعالمها الأثرية ومنها منارة باسقة مثمنة الأضلاع متماسكة البنيان فوق قاعدة مربعة مبنية بالآجر المشوي الأصفر بابها من الجهة الغربية يبلغ ارتفاعها 22 متراً يصعد إليها بسلم داخلي ذي 107 درجات، وذات سبع طبقات في كل منها قوس يختلف الواحد عن الآخر، وداخل المدينة أطلال المسجد الذي كان حول المنارة، وأطلال بناء فخم لعله كان قصر أمير المدينة، وأطلال بناء آخر شاهق لعله كان حصناً.