شغفُها بمسرحِ الطفل، وقدرتُها على تكوينِ ملامحِ الدمى، جعل لها بصمتَها الخاصة في هذا العالم الخلّاق، لتستحقَ بجدارةٍ لقبَ الفنانةِ الشاملةِ في مسرح الطفل والعرائس، ساعيةً لإيصال رسائل أخلاقية وتوعوية من خلاله، وباذلةً أقصى جهدها في نشر ثقافةِ صناعةِ وتحريك الدمى للمتدربين في ورشات تدريبية محلية وعربية.

مدوّنةُ وطن"eSyria" تواصلت مع الفنانة مصممة ومحركة الدمى "إيمان لطفي عمر" بتاريخ 17 أيلول 2019 وعن تعزيز موهبتها بالدراسة والتدريب تقول: «منذ المرحلة الابتدائية أحببت هذا العالم السهل الممتنع الذي نشاهده سهلاً لكنه في الحقيقة هو عالم صعب خلّاق وجميل، وعندما كبرت لمست موهبتي الفنية مع زيارة مسرح العرائس للمشاركة في دورة تدريبية، وبعد دراستي للفنون النسوية ومعهد الفنون التشكيلية، وحصولي على دبلوم هندسة عمارة داخلية، قمت بدورة لمدة سنة في الرسوم المتحركة، وانتسبت لعدة دورات خاصة بمسرح العرائس سنة 2002، وأخرى في مركز "أدهم اسماعيل" للفنون التشكيلية شملت كل ما يخص العرض المسرحي من النص إلى العرض كاملاً، إضافةً إلى دورة تدريبية أخرى في مسرح العرائس تضمنت الإلقاء والتمارين التي تخص لياقة محرك الدمى، وكان نتاج هذه الدورة عرض "أبو الثعالب"، إضافةً لاتباعي دورة مع "الاتحاد الأوروبي" تضمنت مشرفين لمسرح الدمى من "ألمانيا" و"سورية" عن طرائق التعلم مع اللعب، وخيال الظل».

يتكون عرض مسرح الدمى من عدة عناصر هي كاتب، مخرج، مصنع ومصمم دمى، مهندس ديكور، وموسيقا، وإضاءة، وبرأيي يوجد ضعف في كتابة نصوص مسرح الدمى، فلكي ينجح العرض يجب أن تتكامل هذه العناصر بدءاً من النص الذي يحمل رسالة للأطفال، إلى الدمى التي يجب أن تصنع من روح الأطفال، إلى الألوان التي توجد بالديكور والإضاءة للفت أنظارهم

وعن عملها في تصميم وصناعة الدمى تتابع قائلةً: «تختلف المراحل حسب نوع الدمى التي يحتاج إليها النص المسرحي، هناك دمى تصنع من الإسفنج، قد تكون نحت اسفنجي أو تشكيل كرة من الإسفنج وتكوين ملامح الوجه بإضافة كتل بسيطة لإظهار الملامح المرادة للشخصية، وهناك دمى تصنع من الورق، تبدأ من نحت الوجه بالطين وتعيين القالب بمادة الجبس وبعدها يتم استخدام الورق مع الغراء، ويتكون الجسم من عدة مواد ممكن اسفنج، ديكرون للحشو وتشكيل الجسم بعد حياكة الهيكل كاملاً مع الأيدي والجذع والأقدام، ويتم رسم شخصيات الدمى بعد قراءة النص والتعرف على الشخصيات الموجودة، تبعاً لمواصفاتها التي تخيلها الكاتب وأقوم برسم نموذج بسيط قبل التنفيذ ويتم الاتفاق عليه مع المخرج».

أثناء التسجيل

وعن دوافعها لتصميم الدمى والرسالة التي تريد إيصالها من خلال عملها تقول: «دوافعي هي مساعدة الأطفال على استيعاب دروسهم عن طريق الدمى، إضافة ً إلى مساعدة الأطفال المصابين بالتوحد على تلبية أوامر المدرب أو الأم وفهم لغتهم الخاصة، وإرشاد الأطفال وتوجيههم بشكل عام للأمور التي تخص القيم كالأمانة، الأخلاق، العلم، وتحمل المسؤولية، ورسالتي هي نشر مسرح الدمى للكبار والصغار، وتوظيفه بالطريقة الصحيحة، وإخراج الأطفال من عالم التقنيات والإنترنت، وتوضيح فكرة أنّ مسرح الدمى ليس مسرحاً سخيفاً أو مخصصاً للأطفال فقط، بل هو مسرح يصلح للكبار ورسالته هي التوعية، وبطبيعتي أحب الأطفال واللعب معهم كأنّي طفلة صغيرة، كما كانت لي تجربة في تدريس الأطفال مدة 8 سنوات شكلت محرضاً للطفل الذي بداخلي».

وفيما يتعلق بمشاركاتها التمثيلية والمهرجانات المسرحية تقول: «بدأت موهبتي التمثيلية مع عملي في مسرح الدمى، لأن تحريكها يحتاج لتمارين خاصة، والأصوات تتوظف وفقاً للشخصية المنفذة (قطة، فأر، دجاجة أو صوص...)، كما شاركت في عدة برامج إذاعية كانت تسجل في دائرة التمثيليات الدراما الإذاعية السورية لكل من إذاعات "دمشق"، "سوريانا"، "صوت الشباب"، منها "محكمة الضمير"، مسلسل "صناع الحضارة"، "حكم العدالة"، "حكاية من الوطن"، "حكايات الفن والفنانين" وتمثيلية "السهرة"، و"جريمة في الفضاء الإلكتروني"، المسلسل الإذاعي "سعدية الحكواتية"، "المسرح إذا روى"، "ظواهر مدهشة"، وغيرها، وفي التلفزيون كانت أول مشاركة لي مع مسلسل دمى "غابة المحبة" الذي تم تصويره بثلاثة أجزاء، والمشاركة الثانية مع برنامج "مع الصغار" بفقرة "من هو"، واستخدمت فيه دمى القفاز من حيوانات ودمى إنسانية، كما شاركت في عدة مهرجانات داخل "سورية" ضمن المحافظات، وفي مهرجان "العرائس" في "اليونان" مدينة "كلكس" في عرض "أبو الثعالب" عام 2008، و في مهرجان "الحسيني الصغير" عام 2018 بعرض فرقة "الحيوانات الطيبة"، وعام 2019 بعرض "شيبوب ولصوص الصحراء"».

من الدمى التي تصنعها

عن عملها كمدربة لمسرح الدمى تقول: «تتركز ورشات العمل التي أقوم بها على تدريب المدرسين لإدخال طرائق التعليم الحديثة للأطفال الذين لديهم صعوبات في التعلم وتحفيزهم لتوسيع خيالهم، وأتبع الطريقة المباشرة، أولاً أعرفهم بالمواد المستخدمة في صناعة الدمى البسيطة، ثم أبدأ خطوة خطوة بصناعة الدمية، وبعدها يقوم كل متدرب بالقيام بتنفيذ الخطوات التي قمت بها أمامه، وبعد تشكيلها كاملاً يقوم بتحريكها وخلق صوت مناسب لها، وعلى محرك الدمى أن يتمتع بعدة مقومات هي أن يكون رشيقاً ومحباً لهذه الدمى لكي يبدع بتحريكها ويعطيها حقها بالحركة، وأن يكون لديه حسّ عالٍ بالتحريك لأنّه ينقل ما بداخله لهذه الدمية من مشاعر حسية صادقة من أجل أن ينقلها للمتفرج بطريقة جميلة».

وتتابع: «يتكون عرض مسرح الدمى من عدة عناصر هي كاتب، مخرج، مصنع ومصمم دمى، مهندس ديكور، وموسيقا، وإضاءة، وبرأيي يوجد ضعف في كتابة نصوص مسرح الدمى، فلكي ينجح العرض يجب أن تتكامل هذه العناصر بدءاً من النص الذي يحمل رسالة للأطفال، إلى الدمى التي يجب أن تصنع من روح الأطفال، إلى الألوان التي توجد بالديكور والإضاءة للفت أنظارهم».

شخصية مسرحية من تصميمها

من جهتها "فاتن كريم" إحدى المتدربات تقول: «تعرفت إلى الفنانة "إيمان" من خلال ورشة صناعة الدمى التي أقيمت في "العراق" محافظة "النجف"، ما يميزها هو صدقها وتفانيها في نقل المحتوى التدريبي للمادة بكل تفاصيله، كما تتميز بالصبر والمرونة فجميع المتدربين بدؤوا من الصفر في هذه الورشة، كما أنها دمجت بين التدريب الجاد وروح الفريق المرحة، مرّ شهر كامل على انتهاء الورشة، وما زالت تتواصل مع المتدربين، وترسل فيديوهات وتوجه النصح، من خلال مجموعة خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، استفدت شخصياً منها كمدربة لأطفال التوحد حيث بدأت بتطبيق ما تعلمته منها وأدخلت الدمى في علاجهم، كما أنني شغوفة بالمسرح وأطمح لتطوير فن الدمى في مدينتي، لذلك قمت مع آخرين بتأسيس فرقة متخصصة بمسرح الدمى على ضوء ما تعلمناه منها والعمل جارٍ لتقديم مسرحية كبرى قريباً، تعلمت منها بإتقان صناعة جميع أنواع الدمى مثل دمى المريونيت، والقفاز، وجودها في هذه الورشة مع عدة ورشات أخرى سيكون له الأثر الكبير على حركة مسرح الدمى في محافظة "النجف" خصوصاً، و"العراق" بشكل عام».

بدوره "مأمون الفرخ" ممثل ومخرج مسرحي مدير مسرح الطفل سابقاً يقول عنها: «هي من الأشخاص الذين استطاعوا أن يضعوا بصمة في مسرح العرائس والطفل فهي تعدّ من الجيل الثاني في مسرح العرائس، بعد أن اتبعت دورة بإشراف المخرج "محمد خير عليوي"، كما أصبح جزءاً من حياتها، والدمية أصبحت رفيقتها، بدأت بتصنيع جميع أنواع الدمى وازدادت معرفتها بها عندما اتبعت دورات مكثفة في تصنيع الدمى مع أهم فنان في تصنيع الدمى الراحل "عاصم خيال"، راقبت، شاهدت واطلعت، لتصبح من الفنانين الذين يشار لهم بالبنان في تصنيع الدمى، ولم تكتفِ بهذا، إنما اجتهدت في هندسة الديكور وأصبح الاعتماد عليها في أكثر الأحيان، وعملت كممثلة في مسرح الطفل، وهي الآن تستعد لإخراج عمل لمسرح العرائس في وزارة الثقافة وتستحق لقب الفنانة الشاملة في مسرح الطفل والعرائس».

يذكر أنّ الممثلة ومصممة ومحركة الدمى "إيمان عمر" فلسطينية الأصل من مواليد "دمشق" عام 1976، حائزة على جائزة أفضل محرك دمى في مهرجان "الحسيني الصغير" في "العراق" عام 2018، اختيرت مقدمة حفل الختام مع دمية أيضاً في مهرجان "الحسيني الصغير" عام 2019.