يعتبر الكابتن "فارس سلطجي" أسطورة حراس المرمى العتيد في سورية، وشيخ مدربي حراس المنتخبات، وقام العراقيون بطباعة صورته على علب التمر بعد تألقه في بطولة كأس العرب المقامة في 1966.

مدونة وطن eSyria وبتاريخ 2/5/2013 التقت الكابتن "فارس سلطجي"، فحدثنا عن بدايته كحارس مرمى بقوله: «كنت أرغب باللعب كمهاجم، فتجدني مرة ألعب حارساً وأخرى مهاجماً، عندها قال لي الأستاذ "محمد طويلة": أجدك ضائعاً بين المركزين، ولكن موهبتك رائعة كحارس مرمى، فمن الأفضل لك أن تشغل هذا المركز، وقد أخذت بنصيحته فلعبت كحارس مع شباب نادي بردى».

كان عمالقة كرة القدم السورية يلعبون بفريق نادي الجيش أمثال: أواديس- وجوزيف شهرستان- محمد عزام- أحمد جبان- موسى شماس- طارق علوش- وسمير سعيد وغيرهم، وقد عرضوا علي اللعب معهم ليبدأ المشوار الأهم في حياتي الرياضية

آنذاك كان حلم كل لاعب كرة قدم هو الانضمام لصفوف فريق الجيش، وهو ما انطبق على الكابتن "سلطجي"، يقول: «كان عمالقة كرة القدم السورية يلعبون بفريق نادي الجيش أمثال: أواديس- وجوزيف شهرستان- محمد عزام- أحمد جبان- موسى شماس- طارق علوش- وسمير سعيد وغيرهم، وقد عرضوا علي اللعب معهم ليبدأ المشوار الأهم في حياتي الرياضية».

المذبح من داخل الكنيسة

ويضيف: «عندما أتيت لنادي الجيش كان لدى الفريق حارس مرمى عملاق هو "مروان دردري" وهو من حراس المرمى المتميزين، فكنت ألعب آخر دقائق المباراة حوالي 20 دقيقة أو أقل، حتى أصبح الجمهور يثق بي وبإمكانياتي وصار ينادي باسمي ويطالب أن تكون مشاركتي بالمباراة كلاعب أساسي، حيث كان يوم الجمعة يوماً تنتظره جماهير ومحبو كرة القدم، فتجدهم يحضرون للملعب البلدي بدمشق من كل المحافظات لحضور مباراة لفريق الجيش، خاصة عندما تكون مع الفرق الكبيرة التي كانت تأتي لدمشق ومنها فرق عربية وأوروبية».

استحق "سلطجي" وبجدارة أن يكون ضمن عداد لاعبي منتخب سورية الوطني، ومن أهمها مشاركته في بطولة كأس العرب، يقول: «شاركت مع منتخب سورية في بطولة كأس العرب عام 1966 والتي كانت مقامة في بغداد آنذاك، وقد استطعت أن أحصل على لقب أفضل حارس مرمى في البطولة، عندها قام العراقيون بطباعة صورتي على علب التمر بعد أن ذاع اسمي في تلك البطولة، وكانت لفتة جميلة ما زالت في ذاكرتي، بالطبع لم يكن يوجد وقتها مفهوم الاحتراف وكانت الإمكانيات المادية غير كبيرة لذلك لم تأخذ الأمور منحى أكثر تطوراً، فعندما تصل إلى المنتخب الوطني وقتها يعني ذلك أنك أصبحت في ذروة مشوارك ولم يبق أمامك إلا العمل على تحقيق أداء جيد لكسب محبة الناس».

الدكتور أوهانيس ساعاتجيان امام المذبح

ولأن محبة الناس هي الهم الأول والأخير فإن اللحظات التي يعيش فيها الرياضي احتفاءهم به تكون لحظات ولدت لتحفر في الذاكرة إلى وقت طويل، وهنا يحدثنا "سلطجي" عن أجملها، بقوله: «بعد عودة منتخبنا من بطولة كأس العرب في بغداد إلى سورية، كانت المفاجأة الكبيرة وهي وجود الجماهير الغفيرة في المطار والشوارع بانتظارنا ويحيون اللاعبين، وقد عمت الاحتفالات والأفراح في مختلف أنحاء سورية، كان شعوراً لا يصدق، فمن الرائع أن نرى تلك الوجوه الفرِحَة تنتظرنا مرحبة بما قدمناه في تلك المنافسة، وإلى الآن أستعيد تلك اللحظات وكأنها تحدث للتو بكل ما فيها من هتافات وأغانِ وطنية وأعلام ترفرف لنا وللوطن».

رغم كل ما ناله من شهرة على الصعيدين المحلي والعربي، إلا أن تعاقب الأجيال على منتخب سورية الوطني يجعل الرواد منهم من أمثال "فارس سلطجي" نجماً لا يستطيع رؤيته إلا من عاصره في أوج عطائه، أما الجيل الجديد فربما لا يعرفونه جيداً، وعن ذلك يقول: «كثيراً ما أجتمع بأشخاص يعرفونني ويتذكرونني، حتى إنهم لا ينسون بعض المباريات التي شاركت فيها، ولكن بالطبع أغلب هذا الجيل لم يسمع باسمي، ولكن آباءهم يعلمون من أكون، وإلى الآن يقول لي البعض: مازلت شاباً ويمكنك أن تلعب مجدداً خاصةً أني مازلت محافظاً على بنيتي الجسدية، ولكني أقول: لكل زمان دولة ورجال».

المزار التخليدي لشهداء مذابح الأرمن

الكابتن "محمد حربا" وهو مدرب حالي في فريق الجيش، يحدثنا عنه بقوله: «يمثل الكابتن "فارس سلطجي" قيمة رياضية كبيرة في عالم كرة القدم السورية، وقد ظهرت خبرته جلية حارسأ ومدرباً لحراس المنتخبات الوطنية، خدم الكرة السورية والعربية لفترات طويلة، فهو نموذج المدرب المحترف الخلوق والمخلص لعمله، هذا ما جعل جمهور نادي الجيش يعشقه لما قدمه من مستوى أخلاقي ورياضي عالي المستوى ووفاءً وتقديراً لعطائه، وأتمنى أن يقتدي بسلوكه وطريقة أدائه لاعبو اليوم».

السيد "عزيز عزام" وهو متابع دائم للدوري السوري يتذكر الكابتن "سلطجي" ويقول: «هو شخص لا ينسى، فمن كان يعرفه يتذكر تماماً طريقته الشرسة بالدفاع عن المرمى وابداعاته في صد الكرات الصعبة، أعتقد أن أهمية دور سلطجي وأبناء جيله تكمن في أنهم شكلوا الأساس المتين لكرة القدم استندت إليه الأجيال التي أتت بعدهم وقدموا أسماء لا تزال محفورة في ذاكرة الجماهير السورية، ولا شيء اهم من أن تتشكل لدينا ذاكرة رياضية لأن الاتكاء على العراقة لا بد أن يدعم المستقبل الرياضي وغير الرياضي».