أثرت نتاجات "كمال فوزي الشرابي" الشعرية وترجماته الأدبية المكتبة العربية، وساهمت في خلق مساحات فاعلة ضمن حراك الحضارة العربية، وكان من ضمن البنائين الذين سعوا إلى تعزيز المنظومة الثقافية والاجتماعية والأدبية...

مدونة وطن "eSyria" التقت الشاعرة والناقدة "نورا محمد علي" بتاريخ 17 آذار 2014 التي تحدثت عن جوانب متعددة من مسيرة "كمال الشرابي"، وتقول: «كان شاعراً وأديباً بنكهة الدفء الدمشقي، وامتلك أدوات الشعر ومدلولاته عبر مسيرة دؤوبة وفاعلة، وهو من رواد الشعر الجديد وساهم في تطوير الحركة الشعرية، "كمال فوزي الشرابي" من مواليد "دمشق" عام 1923، درس في "طرطوس" و"دمشق"، يحمل إجازة في الحقوق من جامعة "دمشق" عام 1947، عمل فترة زمنية ليست بقصيرة في التدريس، كما تبوأ مناصب إدارية في وزارة "الاقتصاد"».

من يقرأ شعر "كمال فوزي الشرابي" يحس بتلك الشفافية حيث تدور مضامينه حول موضوعين أساسيين هما الوطن والمرأة، ولا فرق بينهما، هما علاقة جدلية، كلاهما يلد الخير والعطاء والجمال والحب

وأضافت: «ترك هذا الأديب الكبير إرثاً ثقافياً كبيراً، حيث أصدر سنة 1946 مجلة "القيثارة" في مدينة "اللاذقية" وترأس هيئة تحريرها بنفسه، ودَرَس الأدبين العربي والفرنسي في مدارس مختلفة في "سورية" و"لبنان"، وأول إصداراته الشعرية جاء بعنوان "قبل لا تنتهي" عام 1961، لتنفد طبعته بعد أشهر قليلة، ويعبر الشاعر في هذه المجموعة عن أحاسيس النفس المرهفة المتسمة بالرمزية تارة والألفاظ العذبة والطروحات الفكرية الجريئة قياساً للسائد تارة أخرى، إضافة إلى مجموعة "قصائد الحب والورد" وهي قصائد من الشعر الحديث فيها زغردات الحب وهواجس الورد مع الكروان».

نورا محمد علي

وتتابع: «ومن دواوينه أيضاً "الحرية والبنادق"، إضافة إلى ترجمات كثيرة من الفرنسية مثل: "الملحمة الشعرية الإسلامية الكبرى" وهي ملحمة تتضمن إشراقات "درويش مهرولي"، و"بيان الأزمة الإنسانية"، و"صعود الفرسان الجدد"، و"نداء المدينة المفتوحة"، و"في ظلال الحكمة"، و"حديقة الأنوار"، و"رحلات الفكر"، بسبعة أجزاء في شعر فرنسي، والمجموعة الشعرية "الاقتراب" للشاعر "عزمي موره لي" ترجمها "الشرابي" من الفرنسية، وتتميز بأناشيد من الشعر الحديث تعبر عن رؤية الشاعر للأشياء والرمز فيها واضح، ولا بد من الإشارة إلى أن "الشرابي" قد ترجم أكثر من مجموعة للشاعر ذاته مثل "رؤى"، "روميو وجوليت"، وهناك كتاب آخر عنوانه "فيينا أواخر القرن التاسع عشر" للمؤلف "كارل شورسكيه"، ويعتبر هذا المؤلف لوحة حية عن مرحلة تطور الثقافة العالمية الأساسية، وعن بداية الحداثة بمعناها الدقيق، ودراسة لآلام أدب "النمسا"، ويتحدث عن النفس والسياسة واللهجة الجديدة فيها، وجريمة قتل الفرويد، والتصوير وأزمة الأنا اللبرالية وتحول الحديقة وانفجارها».

وتنهي "نورا محمد علي" حديثها وتقول: «نستطيع القول إن "كمال فوزي الشرابي" آمن بالشعر كرسالة اجتماعية ووطنية سامية قادت إلى إنتاج كل ما هو جميل ومؤثر في مساحات الفكر والشعور، ليسهم بالنتيجة في وضع لبنة حقيقية في مدماك التراث الحضاري للوطن والأمة والإنسانية، من زاوية كون الإبداع الفني والأدبي، إنما يمثل التعبير الأجمل عن المثل الإنسانية».

كمال فوزي الشرابي

أما الأستاذ "غسان كلاس" فيقول عنه: «استطاع "كمال فوزي الشرابي" أن ينظم حياته ووقته، ويرسم مخطط القصيدة التي يريد أن ينظمها، فالفكرة تختمر في أعماقه، والمعاني تدور في خاطره، والنتيجة يأتي ليرصف هذه الكلمات لتكون قصيدة نتلذذ بسماعها، وإذا رجعنا إلى ديوانه الأول "قبل لا تنتهي" الذي صدر عام 1961 في "بيروت" وفيما بعد في "دمشق" لأن طبعته الأولى نفذت بعد ستة أشهر فقط، في زمن كبار الشعراء الذين ملؤوا الساحة الأدبية سواء في "لبنان" أو "مصر" أو "سورية"، ومنهم: "نزار قباني"، "محمود درويش"، "سميح القاسم"، "توفيق الزيات"، "سعيد عقل".

وأضاف "كلاس": «أتقن "الشرابي" ببراعة اللغة الفرنسية حيث درّسها في عدد من مدارس "دمشق" وغيرها من المحافظات، إضافة إلى تدريسه لمادة اللغة العربية والأدب العربي، حيث إن الدكتور "نبيل اللو" استضاف الأستاذ "فوزي الشرابي" في كلية الآداب قسم الأدب الفرنسي ليتم ترجمة شعره في ديوانه "قبل لا تنتهي" إلى الفرنسية من قبل الطلاب كتكليف وأصبحت قصائد هذه المجموعة هي من المقررات الرئيسية في قسم الأدب الفرنسي».

من أغلفة مجلة القيثارة

وينهي "كلاس": «من يقرأ شعر "كمال فوزي الشرابي" يحس بتلك الشفافية حيث تدور مضامينه حول موضوعين أساسيين هما الوطن والمرأة، ولا فرق بينهما، هما علاقة جدلية، كلاهما يلد الخير والعطاء والجمال والحب».

توفي الأديب الكبير "كمال فوزي الشرابي" بداية كانون الثاني عام 2009 في "دمشق" تاركاً خلفه عشرات القصائد والمقالات الصحفية على صفحات مختلف الصحف.