يقال في التاريخ إن "الاسكندر الأكبر" ما كان ليقطع عقدة "غورديان" لو لم يمتلك سيفاً دمشقياً، وأيضا يقال بأن الشهرة التي اكتسبها "صلاح الدين الأيوبي" وجعلت منه أسطورة في الأدب الغربي لا ترجع فقط إلى مهارته في استخدام السيف والحنكة الحربية،‏‏ وإنما أيضاً ترجع إلى جوهر "النصل الدمشقي" الذي صنعت منه "السيوف الدمشقية"، فكان قادراً أن ينافس به سيوف "أوروبا الشرقية" وسيوف "الأسبان واليابان" أيضاً.

وفي هذا الإطار موقع "eSyria" حضر بتاريخ 31/1/2011 الساعة السابعة مساء، محاضرة في "المنتدى الاجتماعي" أدارها رئيس مجلس إدارة فرع "العاديات" بدمشق "فاروق الرباط" حول "السيوف الدمشقية"، حيث قال:

لقد انتقلت "السيوف الدمشقية" إلى "الأندلس"، واهتم "عبد الرحمن الثاني" بتشجيع صناعتها في "طليطلة" وغيرها، كما برزت مزايا "السيف الدمشقي" خلال الحروب الصليبية، وأخذ المحاربون الصليبيون يبحثون عن سر هذه الحرفة وخصائصها، وكانت المادة الأساسية التي تصنع منها هذه "السيوف الدمشقية" هي الفولاذ الجوهر "الدمشقي"، وقد تحدث عنه المؤرخون وبينوا الفرق بينه وبين الفولاذ "الهندي"، وهذا ما يؤكد أصالة هذه الصناعة في "دمشق"

«الحديث عن السيوف وشهرتها وأهميتها في حياة العربي يدفعنا إلى الحديث عن "السيوف الشامية" حيث من المعلوم أن "بلاد الشام" اشتهرت بصناعة الأسلحة عموماً وبخاصة السيوف، وهي حرفة قديمة حافظت "الشام" عليها رغم عوائد الأيام، واستمرت" دمشق" تحتل مكان الصدارة حتى غزاها "تيمورلنك" وأخذ معظم صناعها قاصداً إحياء هذه الصناعة في بلاده وإضعافها في "الشام" وأدى ذلك إلى إضعافها فعلاً، ويذكر "ابن خلدون" أن "دمشق" ازدهرت بصناعة السيوف والتي يعود تاريخها إلى ما قبل القرن الثالث الميلادي، واستمرت هذه الصناعة فيما بعد نتيجة لأهمية السيوف ودورها الحربي، وذكر "الكندي" أنواعاً عديدة للسيوف وعدَّ منها خمسة وعشرين نوعاً تتبع تسميتها لنوع الفولاذ المستعمل فيها أو المكان الذي صنعت فيه السيوف منها "اليمانية، الهندية، الدمشقية، المصرية، الكوفية" وغيرها، وكان ينقش على السيف الأشعار والآيات القرآنية والعبارات الإسلامية بماء الذهب».

فاروق الرباط

وتابع "فاروق الرباط" حديثه، قائلاً: «تعد سيوف "دمشق" من أجمل ما كان يصنع في "بلاد الشام" وأفضلها، وغدا لها شهرة وامتياز بهذه الصناعة، وازدهرت هذه الصناعة بعد القرن الرابع الهجري والعاشر الميلادي وكانت صناعتها تتم وفق أسلوب خاص أطلق عليه اسم "الدمشقية"، ويتحدث "الكندي" عن "السيوف الدمشقية" ويصفها بالجودة، ويقول إن سقايتها أصيلة، وامتازت نصالها بقطعها الجيد، ولا يمكن أن يجد لها مثيلاً لإرهاف حدها وبلغ لمعانها حداً كبيراً من إتقان الصنعة بحيث يمكن أن يتخذ الإنسان "السيف الدمشقي" كمرآة لتصليح هندامه، واحتفظ الفولاذ "الدمشقي" المطعم بأشكال هندسية أو نباتية من الذهب أو الفضة وغيرها من المعادن، احتفظ بشهرته طوال قرون عديدة».

وأضاف: «لقد انتقلت "السيوف الدمشقية" إلى "الأندلس"، واهتم "عبد الرحمن الثاني" بتشجيع صناعتها في "طليطلة" وغيرها، كما برزت مزايا "السيف الدمشقي" خلال الحروب الصليبية، وأخذ المحاربون الصليبيون يبحثون عن سر هذه الحرفة وخصائصها، وكانت المادة الأساسية التي تصنع منها هذه "السيوف الدمشقية" هي الفولاذ الجوهر "الدمشقي"، وقد تحدث عنه المؤرخون وبينوا الفرق بينه وبين الفولاذ "الهندي"، وهذا ما يؤكد أصالة هذه الصناعة في "دمشق"».

من الحضور

وعن رأي العقيد المتقاعد "عدنان عارف الأبرش" مدير "المتحف الحربي" بدمشق بالسيوف الدمشقية، قال: «لم يكن السيف لدى العربي أداة قتالية أو زينة يتحلى بها فحسب، بل كان رمزا للعزة ومجالا لإظهار الإبداع الفني والبراعة في الصنع، حتى غدت أسماؤه أسماء لأعلام من الرجال دفعت هذه المكانة للسيف العربي قديما وحديثا دار الكتب التابعة لهيئة "أبو ظبي" للثقافة والتراث إلى إصدار موسوعة "سيوف عربية" للوقوف على تاريخ السيف العربي وسماته وتقاليده العتيقة، واعتبرت "السيوف الدمشقية" أرقى ما توصلت إليه تقنية صناعة الأسلحة البيضاء، ويقال إنها كانت عاملا مهما في انتصار "صلاح الدين الأيوبي" على الصليبيين، وتحدثت الموسوعة عن تزيين "السيف الدمشقي" وتعدد طرقه ومواده، وتعتبر الأحجار الكريمة كاللؤلؤ والفيروز والعاج وكذلك المعادن كالفضة والذهب، أهم مواد تزيين "السيوف الدمشقية" التي عرفت أيضا بنقوشها الهندسية على الأسطح والأغمدة».

عدنان الأبرش