هي "سينما دجلة" أو "سينما هتي" كما يطلق عليها أبناء المالكية، وهي من أوائل صالات السينما في محافظة "الحسكة"، حين قام مالكها "يوسف إيليا" بافتتاحها للعموم في العام 1964.

السيد "أنطون صابونجيان" من رواد سينما "الدجلة" الدائمين، وقد تحدث عنها بالقول: «أجمل أيام الشباب قضيتها في حضور الأفلام في سينما "الدجلة"، وخاصة الأفلام الهندية وأفلام "الكاراتيه" التي كنا نحضرها أكثر من مرة للفيلم الواحد، ولا أنسى فيلم "عنترة" الذي استمر عرضه أكثر من أسبوعين وكنا نضطر للقدوم قبل وقت طويل من عرضه من أجل الدخول».

أول مهرجان خطابي أقيم في "المالكية" استضافته السينما، كما كانت تستضيف أيام الوحدة الفرق "المصرية" التي كانت تزور "سورية" وكانت تضم فرق فنية وراقصات وسحرة

موقع eHasakeh قام بتاريخ "18/3/2012" بزيارة السيد "جاك يوسف إيليا" الذي روى لنا قصة إنشاء السينما وأبرز محطات عملها فقال: «سينما "هتي" كما اعتاد أهل المالكية تسميتها تعود فكرة أنشائها من قبل المرحوم والدي إلى العام 1964 عندما التقى "كربيس ميرابيان" صاحب سينما "دمشق" في "القامشلي"، وساعده وقتها السيد "شفيق لولي" صاحب سينما "فؤاد"، حيث قام والدي بالسفر إلى "حلب" من اجل جلب الآلات اللازمة التي كانت ايطالية الصنع وقد بلغ ثمنها 25000 ليرة سورية، وقد سافر وقتها بطيارة "داكوتا" من "القامشلي" إلى "حلب" عبر مطار ترابي».

المرحوم يوسف ايليا مع ابنه جاك

ويتابع "إيليا": «كان لابد من تركيب الآلات وقد كان هناك شخص تركي من مدينة "عنتاب" يدعى "شفيق" وقد طلب مبلغ 5000 ليرة سورية مقابل تركيب الآلات وهو مبلغ ضخم جداً، وبالفعل ذهب والدي إليه واستدرجه بالكلام مكوناً فكرة أولية عن طريقة التركيب وقام هو بنفسه بعدها بوضع المخطط وتركيب الآلات».

وعن طريقة جلب الأفلام يقول "إيليا": «كانت العادة ان يتم تداول الفيلم ما بين سينما "فؤاد" وسينما "دمشق" وسينما "الدجلة" حيث السينما تتبع للمركز الثقافي الذي كان اول رئيس له "كبرئيل اسعد"، وكان أول فيلم تم عرضه في العام 1964 هو فيلم "من اجل ابنائي" وكان فيلماً هندياً، ومن ثم تم عرض فيلم "كاوبوي" لمدة ستة أيام مجاناً وكان الناس يصطفون حتى يقفلوا الشوارع المحيطة بالسينما وكان يبلغ عددهم احيانا ألف شخص أو أكثر، ما كان يضطر والدي لأخبار الشرطة من اجل المحافظة على النظام وكان قسم كبير منهم يأتي من القرى المجاورة، وقد كان سعر البطاقة آنذاك نصف ليرة وللطابق العلوي "اللوج" ليرة ونصفاً، وكانت مواعيد العرض من 7-9 ليلاً، وحين كانت وتيرة الحضور تبدأ بالانخفاض كنا نلجأ الى عرض فيلمين».

الة عرض الافلام

ويستطرد "إيليا" قائلاً: «كان والدي يشرف على رقابة الفيلم شخصياً حيث كان يقتطع المشاهد المخلة منه، وقد عمل معه وقتها "صبري اندراوس" الذي كان يقطع البطاقات وكان من قام بإدارة ماكينة الافلام شخص من "القامشلي" اسمه "ابلحد" ومن بعده شخص اسمه "نوري" ثم "شكري برخو" ثم "وانيس وسيروب صوغومونيان"».

ولم تكن صالة السينما مخصصة فقط للأفلام وعن هذا يقول "إيليا": «أول مهرجان خطابي أقيم في "المالكية" استضافته السينما، كما كانت تستضيف أيام الوحدة الفرق "المصرية" التي كانت تزور "سورية" وكانت تضم فرق فنية وراقصات وسحرة».

السينما من الخارج

وعن كيفية الإعلان عن الأفلام يقول "إيليا": « كان يتم الإعلان عن الأفلام عن طريق رسمها على لوحات قماشية كبيرة تناوب على تنفيذها كل "محمود كرو، سعد الله ابراهيم، صاموئيل شكري" وأنا شخصياً، حيث كان حمال بالتجوال يدور فيها عبر حملها على ظهره في شوارع المدينة وكان يدعى "ملك دين الحمال" وكان يتقاضى ليرة سورية واحدة لقاء هذا العمل، ومن ثم كانت توضع في سوق المدينة بجانب دكان "ميخائيل البيطار"».

ويضيف "إيليا": «عام 1976 تم تحويل السينما الى صالة شتوية ومع دخول التلفزيون عام 1977 بدأت مسيرة انحدار السينما بدخول التلفزيون على يد "سليمان ختوكي" الذي امتلك اول تلفزيون، ومن ثم تلاها امتلاك الأهالي أجهزة "الفيديو"، ومن ثم توقفت السينما عن العمل عام 1985 حيث عملت لمدة شهر كامل بخسارة».

ويختتم "إيليا" بالقول": «لقد خلقت السينما حالة حراك ثقافي متميز في المدينة وكانت ملتقى للجميع وشكلت ظاهرة اجتماعية متميزة لكونها كانت بحضور الأسرة للفيلم وهو أمر كان يفرض جواً راقياً في الصالة، حيث كان الجميع حريصاً على التزام الآداب العامة، والآن الصالة متوقفة وينتابني الحنين كلما شاهدتها لأن أعيدها للعمل كما كانت في سابق مجدها».

"حميد مراد" رغم بلوغه سن الثمانين ماتزال ذاكرته منتعشة بأفلام تلك الأيام حيث يقول: «كنا حينما تحين ساعة عرض الفيلم في سينما "هتي" نترك كل شيء من أجل الذهاب لحضور الفيلم، وكان كثير منا يصطحب عائلته معه وأذكر أنه كان تتواجد دائماً أمام صالة السينما عربات باعة البزر المسلوق والقضامة وباعة البوظة بترامسهم الفضية اللامعة، وكانت الأفلام الهندية هي أكثر الأفلام شعبية وقتها وخاصة بطلها "شامي كابور" الذي كنا نغار منه لأنه كان محبوب النساء والفتيات».