كبار السن لهم عاداتهم وطقوسهم الرمضانية الخاصة، أيام البارحة صارت ذكريات اليوم يحكونها قصصاً لأبنائهم والأجيال.

ففي قرية "كفرشلايا" وخلال جولة موقع eIdleb بتاريخ6/9/2008 كان كبار السن قد اجتمعوا في ساحة القرية بعد الخروج من صلاة العصر وشرعوا بالحديث عن أيامهم الرمضانية الماضية عندما قطع "أبو زياد" حديثهم قائلاً:

إن نكهة رمضان فيما مضى لا تعود الآن، كنت تشعر بالاختلاف الواضح عن بقية الشهور لما له من قدسية وقدر وجلال

«هيا بنا لنجلس على "الدرابة" ونتكلم».

جلسة الكبار

و"الدرّابة": هي مكان مرتفع في ساحة القرية مخصص للجلوس

وهنا قال "الحاج محمود" (84عاما) لموقعنا:

«رمضان زمان يتميز كثيراً عن الآن في العادات والمعاملة، كنت تجد الأطفال مع أذان المغرب منتشرين في الطرقات ليحملوا الطعام إلى جيرانهم والفقراء، فكنت تجد على مائدة الفقير أصناف الطعام الموجودة في القرية كلها».

وأضاف: «أيام زمان كان رمضان يأتي في أيام الحصاد كنا نستيقظ مع "صياح الديك" نأكل طعام "السحور" ونذهب إلى عملنا، كنا نصل إلى الحقل قبل شروق الشمس، نقوم بحصاد القمح حتى أذان العصر ثم نعود إلى بيوتنا ننتظر"الشيخ" ليصعد على المئذنة ويؤذن المغرب لم نكن نشعر بالتعب كان دم الشباب يجري في عروقنا».

أما الحاج" أبو مضر" (77عام) فقد قال: «إن نكهة رمضان فيما مضى لا تعود الآن، كنت تشعر بالاختلاف الواضح عن بقية الشهور لما له من قدسية وقدر وجلال».

ويضيف: «بعد الإفطار وصلاة التراويح كان أهل القرية يجتمعون عند أحدهم في "الأوضة" (مكان لاستقبال الضيوف) يتكلمون عن الفقراء وكيفية مساعدتهم لشراء مستلزماتهم ثم يأتي الفتية ليتصارعوا، فالفائز منهم هو من يجلس مع الرجال أما الخاسر فينتظر حتى يفوز على أحدهم».

"والحاج قدور" كان أحد أولئك الفتية حيث قال لموقعنا: «كنت صغير السن ونحيل الجسد وليست لدي القوة لأصرع أحدهم لكنني كنت دائماً أتوق للجلوس مع الكبار وذات مساء أتيت بأحد الفتية الأقوياء وأعطيته "فرنكين" (عشرة قروش) مقابل أن أفوز عليه وهذا بالفعل ما حصل وجلست في مجالس الكبار».

كما التقى موقعنا بالسيدة "فاطمة مراد" وهي أكبر نساء القرية والتي قالت: «حتى الطعام فيختلف عن الآن وكنا نعتمد في طعامنا على إنتاجنا، ولم تكن موائدنا تحوي على أكثر من صنفين أو ثلاثة من الأطعمة التي لا تكاد تميز بينها الآن لكثرة عددها».

كما قالت: «في رمضان كان لدينا طبق واحد على الإفطار فهو إما أن يكون "المجدرة" أو "المخلوطة" أو "الحريرة" أو "اللطيطة" (حسب التسمية المحلية) أما في سهراتنا الرمضانية فكان الجوز واللوز والحلاوة المحمصة والحلاوة "المهروسة"، والفاكهة كانت هي الرمان والتين المجفف وزبيب العنب وكلها من إنتاج حقولنا، ورغم كل التعب كنا نسهر ونعمل ونربّي أبناءنا ثم ننام منتظرين يوماً جديداً فيه المزيد من الصبر والعمل والمتعة».