«لم تكن الوقفة الأولى أمام عدسة الكاميرا سهلة بالنسبة لي، فرغم الرهبة التي امتلكتني إلا أن تفكيري كان مشغولاً بتداعياتٍ عدة في آنٍ واحد، منها الحضور المتألق، وجودة الإلقاء، وحسن الأداء، وكان أصعبها على الإطلاق شعوري عن مدى تقبل الجمهور لي».

هكذا تبدأ الإعلامية "رشا العجيلي"، مديرة المركز الإذاعي والتلفزيوني في "الرقة"، وأول إعلامية رقية حديثها لموقع eRaqqa، وذلك أثناء لقائها في مكتبها في المركز الإذاعي والتلفزيوني في "الرقة" بتاريخ (22/2/2009).

عند رجوعي بالذاكرة لتلك الأيام، أجد أن ذاك العمل مقارنة بعملي اليوم، كان عملاً بسيطاً، خصوصاً بعد تلك الخبرة التي امتلكتها في هذا الميدان، وتزويدي بعدة خبرات، من خلال خضوعي لعدة دورات إعلامية

ولدى سؤالها عن بداياتها في العمل بميدان الإعلام، قالت: «في فترة الثمانينيات، عندما كان زمن البث التلفزيوني المخصص لكل محافظة محدود بنصف ساعة شهرياً، تقرر عندها وجود مذيعات من نفس المحافظة، يكن على دراية بعاداتها وتقاليدها، وتراثها، وثقافتها، وفي تلك الأثناء أجريت مسابقة لانتقاء مذيعة من محافظة "الرقة"، وتقدمت للمسابقة، كغيري من الفتيات، وكان أن وقع الاختيار عليّ».

مع خالها الدكتور عبد السلام العجيلي

ثم تتابع "العجيلي" قائلةً: «ترددت في البداية كثيراً، ولكن لقيت تشجيعاً كبيراً من خالي الأديب الدكتور "عبد السلام العجيلي"، رحمه الله، دفعني لأن أدخل إلى هذا المعترك الصعب، ومازلت أذكر نصائحه التي أسداها إلي، وتوجيهاته التي زودني بها، والتي كان قد أمتلكها من خبرته، ومعرفته الحياتية الواسعة، لا لكونه أديباً جاب العالم من خلال حله وترحاله، في أسفاره المتعددة، بل أيضاً لأنه كان على خبرة واسعة بهذا الوسط، وذلك من خلال شغله منصب وزير الإعلام في فترة حرجة مرت بها سورية خصوصاً، والعالم العربي عموماً».

وتضيف "العجيلي" قائلة: «دخولي ميدان الإعلام شكل منعطفاً كبيراً في حياتي، لأنني كنت قبل ذلك بعيدةً كل البعد عن هذا العالم، وعرفت عند ذلك أن مصير حياتي سيتغير جذرياً، وأدركت أنني قد ولجت عالماً صعب المرتقى، وأن عماد النجاح فيه الصبر، والمثابرة، والجد».

مع الدكتور محمد سلمان وزير الإعلام الأسبق

وعن الصعوبات والمتاعب التي واجهتا في بداية عملها، قالت "العجيلي": «كان فريق العمل الإعلامي يأتي من العاصمة "دمشق"، وكنت أخرج في أحيانٍ كثيرة منذ الخامسة فجراً، وذلك من أجل الحصول على بعض المواد التي تتعلق بآثار محافظة "الرقة"، تلك الآثار الموغلة بالقدم والعراقة».

ثم تضيف ضاحكة: «في تلك الفترة اشتغلت شغل رجال»، ثم تتابع بالقول: «كان هدفنا إبراز صورة "الرقة" وخصوصيتها، تاريخياً، وثقافياً، وحضارياً، وذلك لكي يتعرف العالم أهميتها الحضارية، مبرزين البعد التاريخي لهذه المدينة، التي كانت في عصور غابرة تلعب دوراً سياسياً، وعلمياً، وثقافياً، وأدبياًً كبيراً، وحتى اقتصادياً، خصوصاً في الفترة العباسية، ولذلك تعرف في أحيانٍ كثيرة بمدينة "الرشيد"، نسبة للخليفة "هارون الرشيد"، إضافة لموقعها الجغرافي المتميز، ومرور نهر "الفرات" العظيم فيها، الذي زاد من أهميتها على كافة الصعد».

المركز الإذاعي والتلفزيوني في الرقة

وتتابع "العجيلي" حديثها في ذات السياق قائلةً: «لقد كان عملنا في تلك الفترة عبارة عن محاكاة لتلك الحقبة المهمة التي كانت "الرقة" تعيشها، إذ أننا استطعنا إبراز معالمها التاريخية الهامة مثل سور "الرافقة" وجامع "المنصور"، و"الرصافة"، و"باب بغداد"، وسلطنا الضوء على "الرقة" حديثاً، فالمنشآت العملاقة مثل "سد الفرات"، وبحيرة "الأسد"، ومشاريع استصلاح الأراضي، كانت أنموذجاً "للرقة" في عصرنا الحالي».

وتتابع "العجيلي" بقولها: «عند رجوعي بالذاكرة لتلك الأيام، أجد أن ذاك العمل مقارنة بعملي اليوم، كان عملاً بسيطاً، خصوصاً بعد تلك الخبرة التي امتلكتها في هذا الميدان، وتزويدي بعدة خبرات، من خلال خضوعي لعدة دورات إعلامية».

وعن عملها إبان افتتاح المركز الإذاعي والتلفزيوني في "الرقة" تقول "العجيلي": «في عام /2005/، كانت نقطة انطلاقي الفعلية، حيث تم في هذا العام افتتاح المركز الإذاعي والتلفزيوني في "الرقة"، وتم تجهيزه بالآلات والمعدات اللازمة، وبكادر من الفنيين، والإداريين، فازداد الوقت المخصص للمحافظة في الأقنية الثلاث، فتوسعت الأعمال الإعلامية من خلال اللقاءات والاستطلاعات التي كنا نجريها مع المعنيين، ساعين بكل جد إلى إبراز أهمية المحافظة الحضارية».

وعن توليها رئاسة المركز الإذاعي والتلفزيوني في "الرقة" في الفترة الأخيرة، تقول"العجيلي": «لدي العديد من الأفكار، وسأعمل ما بوسعي لإبراز صورة "الرقة" الفاعلة على جميع الأصعدة، والمستويات، وذلك من خلال، تغطية أنشطتها الثقافية، والرسمية، والاجتماعية، خصوصاً، أن البث المحلي قد أنطلق منذ عدة شهور وهو بحدود ساعة أسبوعياً، حيث منحنا فرصة أكبر للعمل والظهور لأوقات أطول على الشاشة الفضية».

وعن متعة العمل في ميدان الإعلام، تقول العجيلي: «إن العمل في ميدان الإعلام يوفر لمن يعمل به وسطاً اجتماعياً كبيراً، وذلك لأنه يكون بتماس مباشر مع الناس بكافة شرائحهم، المثقف، والإنسان البسيط، ومع العامل والطالب، والموظف، كما أنه يوفر خبرة اجتماعية في الحياة، أضف إلى ذلك الثقافة العامة، التي تأتي تحصيل حاصل، وذلك من خلال متابعته لكل القضايا، وتواجده الحتمي بكافة الأنشطة، فالإعلامي يقطف من كل بستان زهرة».

وعن شروط الإعلامي الناجح تقول العجيلي: «العمل في ميدان الإعلام عمل صعب، وفيه مسؤولية كبرى، ولكي ينجح الإعلامي، ويأخذ دوره الصحيح، يجب أن يتحلى بعدة صفات منها الحضور الناجح، والجرأة الأدبية، والأداء الجيد، والثقافة العالية، وأهم تلك الصفات برأيي أن يمتلك حس العمل الجماعي، فلا يمكن للإعلامي أن ينجح دون أن يتفاعل مع زملائه، وأن يكتسب ثقتهم ومحبتهم».