لحجر البيلون أو "الترابة الحلبية" التي تشتهر بها محافظة "حلب" استعمالات اجتماعية وطبية مختلفة لدى الناس في المدينة وريفها.

حول الاستعمالات الاجتماعية والطقسية للبيلون في "ريف حلب الشمالي" تحدثت السيدة "ألماس عمر" ربة منزل من "عفرين" لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 13 آذار 2014 بالقول: «يسمى "حجر البيلون" في منطقة "عفرين" "الكيل" وهو من أقدم وسائل النظافة الشخصية والاستحمام المعروفة؛ فقد استخدمها السكان كباراً وصغاراً في الحمام قبل ظهور الصابون والشامبو المعاصر وغيرهما.

"اللكن" وقد أطلقوه على وعاء "بيلون" الحمام ويكون نصف مخروطي الشكل من النحاس المموه بالقصدير

كان سكان الريف الحلبي يشترون هذه المادة القيّمة من الباعة الجوالين أو كما يسميهم أهل "عفرين" بالعطارين وذلك بتبديلها بالمواد المتوافرة في القرى مثل زيت الزيتون أو البيض أو الزيتون المكسر والمخلل وغيرها، "البيلون" كان يباع على شكل كتل حجرية بحجم كف اليد حيث كانت ربة المنزل تكسر الحجرة قبل موعد كل استحمام لتضع قسماً منها في طنجرة تحوي الماء ليتحول بعد فترة قصيرة إلى مادة لينة وجاهزة للاستعمال».

البيلون بورد.. صناعة تميز حلب

وحول فوائد "البيلون" في عرف أهل الريف قالت السيدة "ألماس": «ظل حجر "البيلون" لفترة طويلة المادة الوحيدة التي استعملها سكان الريف والمدينة على حد سواء بسبب فوائدها الصحية العديدة في تنظيف الجسد ومعالجة الكثير من العلل والأمراض.

من هذه الأمراض "الصداع" وخاصة لدى الأطفال منهم؛ فالمعروف عن "البيلون" أنه يقضي على آلام الرأس ويريح أعصاب الإنسان ويكسبها برودة منعشة، كما كان الناس يستعملونه دواء فعالاً في معالجة "الحكة الجلدية"، و"الحبات الحمراء" التي كانت تظهر في رأس الأطفال، وكذلك "الجرب" لأنه -وكما قلت- يمنح برودة للجسد ومن ثم يطفئ حماوة هذه الأمراض الجلدية، كما كان الناس يستعمله للقضاء على قشرة الشعر.

الطنجرة النحاسية الخاصة بالبيلون في الحمام الحلبي

ومن استعمالات "البيلون" الطبية أيضاً "جبر كسور العظام" وخاصة عند الحيوانات المنزلية مثل الدجاج والماشية حيث كان يُطلى بمعجونه الطري قطعة قماشية قبل لفها على مكان الكسر والإصابة ومن ثم يوضع عودان خشبيان على القماش وتثبيتهما بشكل محكم في مكان الكسر مع رخي خيط الربط تدريجياً حتى تجبر العظام المكسورة».

الدكتور "محمد نور الدين التنبي" الباحث التراثي يقول حول "البيلون" ومواصفاته وأهميته وأنواعه: «"البيلون" هو عبارة عن حجر صلصالي غضاري نقي يُستعمل في "حلب" بأن يُطلى بمعجونه الرأس في الحمّام فيمتص المواد الدهنية منه ويزيل قشرته، وقد يُطلى به البدن فيطرّيه ويزيل حرارته، كما تتناول الحبلى قليلاً منه لدى توحمها لأنه يقوم بتعديل حموضة المعدة، والمعروف أن البيلون كان يُجلب إلى مدينة "حلب" من قرية "كشتعار" الواقعة إلى الشمال منها.

الدكتور محمد نور الدين التنبي

ومن أنواعه: "البيلون بْورْد" أو "الترابة الحلبية" وتشتهر "حلب" بصنعها وذلك على شكل أسطوانات مجوّفة من البيلون المدقوق والمنخول والمجبول بماء الورد، في الحمّام تنقع هذه الترابة في وعاء ليدهن بها الرأس فيمتص البيلون المادة الدهنية من الجسد ويشرب البشرة رائحة ذكية، ومن العادات الحلبية أن تختلي أم العروس يوم العرس مع ابنتها لتحكي لها عن أسرار ليلة الدخلة قبل أن تذهب النسوة إلى حمام السوق لتغسل قيّمة الحمام العروس سبع مرات، ومن ثم تضع على شعر رأسها "بيلون الورد" وهو بيلون خاص ذو رائحة عطرية.

وهناك "الدْريرة" وهو مسحوق قشر الصندل الهندي مضافاً إليه مسحوق قش الورد ليتم التطيب به لدى الاستحمام، كما يدخل في تركيب "البيلون بورد"، ويباع لدى العطارين في "سوق العطارين" بـ"حلب" وكان يُصنع في منطقة "العدسات" قرب جامع "الدبّاغة العتيقة"».

وفي "موسوعة حلب المقارنة" للعلامة "خير الدين الأسدي" ورد حول "البيلون" ما يلي: «استمدت العربية كلمة "البيلون" من الكلمة اليونانية VALANIYON بمعنى "الحمام"، وقد اشتهرت "حلب" باختصاصها دون سواها بصنع "البيلون بورد" أكوازاً صغيرة وتسميه البلاد المجاورة "الترابة الحلبية".

و"البيلون" من المفردات والعناصر الخاصة والمستخدمة في مصلحة الحمام وذلك إلى جانب الصابون والليفة والكيس و"العقيدة"، وتسمى هذه الأدوات "آلة الحمام" وقد اتخذت هذه التسمية منذ العهد الأيوبي».

كما ورد: «"اللكن" وقد أطلقوه على وعاء "بيلون" الحمام ويكون نصف مخروطي الشكل من النحاس المموه بالقصدير».