يعدّ "المطاول" أرفع أنواع الشعر الشعبي في مدينة "حلب"، وسمي بالمطاول تفريقاً له عن "الموال"، فما زاد على اثني عشر بيتاً فهو "مطاول" يحوي التنوع والحنين والحب والنأي عن الوطن، فهو سيد الشعر الشعبي.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 12 أيار 2014 الشاعر "خالد جمعة" المهتم بالتراث الشعبي، فقال: «"المطاول" سيد الشعر الشعبي الغنائي فهو التراث التي نعتز به ونوثقه وتعمل على إبقائه لأن جذوره تثبت أصالته وعراقته، ففيه التنوع والثراء وعناق الصحراء للماء ويُنظم على أبحر متعددّة أهمها البسيط، تقفّى صدوره بقافية وأعجازه بقافية أخرى، ويلزم شاعر المطاول نفسه بنظام عروضي صارم من أجل تحقيق إدهاش فني وإيقاع خارجي يكون إطاراً للإيقاعات الداخلية الموظفة للغناء».

بعض "المطاولات" تقل فيها الصور لحساب الدفق العاطفي، وبعضها يعتمد على تراكم الصور، وقليل منها يعتمد التفصيل واستيفاء الصورة من جميع جوانبها، والإفاضة في المشبه به لإيضاح المشبه معتمداً فن الاستدارة

وأشار الباحث "عبد الفتاح قلعه جي" في كتابه "دراسات ونصوص في الشعر الشعبي الغنائي" بالقول: «لا يجيد "المطاول" إلا المتمكنون في فن القصيد، وهو يقابل القصيدة التقليدية في شعر الفصحى، كما أنه يتميز عن "الموال" باستيفائه لعدة أغراض شعرية، فهناك أكثر من وحدة شعرية في "المطاول"، بينما لا يكون في الموال إلا وحدة شعرية واحدة».

الشاعر خالد جمعة

ويضيف "قلعه جي": «شعراء "المطاول" هم شعراء المواويل وليس العكس بالضرورة، ومن الشعراء الذين نظموه "أمين سليمان الريحاوي"، و"محمد الأنطح"، و"مصطفى قرنة" وغيرهم الكثيرون، كما أن نظامه العروضي القائم على الشطرين في البيت يخالف الموال القائم على الشطر الواحد على الرغم من استعمالهما معاً البحر البسيط».

وتابع بالقول: «بعض "المطاولات" تقل فيها الصور لحساب الدفق العاطفي، وبعضها يعتمد على تراكم الصور، وقليل منها يعتمد التفصيل واستيفاء الصورة من جميع جوانبها، والإفاضة في المشبه به لإيضاح المشبه معتمداً فن الاستدارة».

كتاب دراسات ونصوص في الشعر الغنائي

ويردد الشاعر الشعبي "صالح الأنطح":

"أمسى رقيبي إذا طرفى بكى وعفا... باللوم دون الرفق لدناي أصماها

الباحث عبد الفتاح قلعة جي

يظهر معي اللين بالقسوة بها... شبه العملس لصيد الشاة أصماها".

وأضاف: «أكثر الشعراء الشعبيين تخرجوا في مدرسة السيَر الشعبية التي يحتل الشعر فيها مكانة خاصة ويحمل جانباً مهماً من القص والحدث والوصف، غير أن "المطاول" يعدّ شكلاً فنياً متطوراً، ويحمل كما الموال مؤثرات ثقافية أرفع تتجلى في الأسلوب والإشارات التاريخية، والاستفادة من بيان القرآن الكريم وقصصه، ومنها هذه الأبيات:

"ذل النفس لله وحده... العمر محتوم مسطر في قلم وصفاح

روحك لا تبيعا بسوق الرخا... واليطلب المنية يشربها بغير أقداح"».

وتابع: «"المطاول" كما الموال بوح وجداني يتراجع فيه الواقع الاجتماعي أمام الواقع الذاتي النفسي، وهو واقع منتزع من تجربة الشاعر الوجدانية، أما موضوعاته التي يتناولها "المطاول" هي الحب والغربة عن الوطن والحنين إليه والتفجع على الأحباب، ومن أهم الأغراض الشعرية وأكثرها تداولاً الغزل العذري وغالباً ما يكون دامعاً، ويضرب "قلعه جي" مثلاً على ذلك بعض الأبيات:

"هميت زاجر بها زعمي تيمن يسر... طير الأماني برح عقب اليمين يسار

ورجعت عمن به راجي وليلي يسر... صفر الأيادي خلاف الرابحات يسار".

وقد يبعد الشاعر عن الأهل والأوطان فيهزه الشوق والحنين، ويبدأ "مطاولته" بمخاطبة الطارش "عابر السبيل" ليحمل رسالته إلى الأهل:

"يا طارشي خذ لي كتابي وفي مسيرك جود... إلى أرض لنا بالعجل ووطاني

وانشد على من هو أهل السخا والجود... وخبرو عن قصتي بالحال والشاني"».