يجد أهل الريف في "الزهورات" أفضل هدية يمكن تقديمها لمن يعيشون في المدن، ولهم طريقتهم الخاصة في جمعها وإعدادها من الطبيعة، وأصبحت بأنواعها المختلفة دواء للعديد من الأمراض.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 1 آذار 2015، "بنفش حمو إبراهيم" (70 عاماً) التي تحدثت عن أهمية "الزهورات"، ولماذا يعدها أهل الريف من الهدايا القيمة، وقالت: «لقد تعرف الريفيون عبر تاريخهم الطويل إلى مجموعة من الخلطات الطبية - العشبية وأهميتها العلاجية، وذلك نتيجة خبرتهم المتوارثة في هذا المجال واستخدموا هذه الخلطات المكونة من أزهار وأوراق عدد من أنواع النباتات والشجر في معالجة أمراضهم المختلفة، وعلى االرغم من التطور الكبير الذي حققه الطب خلال الأعوام الأخيرة، فقد بقيت لهذه الخلطات "الزهورات" حضورها الكبير في حياة الناس بسبب فعاليتها وقدراتها العلاجية الفائقة، لدرجة أن الكثيرين من أهل الريف يعدونها بديلاً طبيعياً عن الأدوية الكيماوية لما لها من آثار جانبية لو كانت نادرة».

يتم جمع مختلف أنواع الأزهار والنباتات البرية وأوراق الشجر، ثم تقطيعها وفرمها في صينية معدنية ووضعها تحت أشعة الشمس لبضعة أيام حتى تجف قبل جمعها وحفظها بعناية ضمن أكياس قماشية تساعد على تهويتها ومنع تعفنها وخلال فصل الشتاء تفتح الأكياس ليتم استخدامها

وأضافت: «في بداية فصل الربيع حينما تخضر الطبيعة بنمو آلاف أنواع الأزهار والنباتات البرية يبدأ الريفيون رحلاتهم اليومية نحو الجبال والسهول المحيطة بهم لجمع "الزهورات" وتجفيفها وحفظها بغية استخدامها عند الحاجة أو تقديمها كهدية للأقارب والأصداقاء.

العمة بنفش إبراهيم تحضر الزهورات

لـ"الزهورات" بوجه عام استعمالات متنوعة لدى السكان فهي تستخدم كمشروب دوائي من خلال غلي الخلطة وتناولها، وقد تستخدم بعد دقها في الهاون لتحضير لبخات عجينية لمعالجة الكسور والحروق وحب الشباب والنمش والحكة الجلدية، كما يستخدمها الريفيون كنوع من أنواع الضيافة بدلاً من القهوة والشاي الأسود وخاصة في فصل الشتاء، ولها حضورها في الحياة الاجتماعية فهم يعدونها من أفضل الهدايا التي يقدمونها لبعضهم في مختلف المناسبات كزيارة المتزوجات في المدن إلى بيوت أهاليهن في الريف أو زيارة المرضى في المدن، أو بناء على طلب أحد الأقرباء حيث يطلبون خلطات محددة».

وفي لقاء مع "فيدان يوسف" من أهالي "عفرين" قالت: «إن أفضل هدية يمكن تقديمها للأحبة هي الزهورات لأنها تساهم في التخفيف من آلامهم وأوجاعهم وتعيد إليهم صحتهم وعافيتهم، لذا لا يخلو أي بيت ريفي في منطقة "عفرين" من خلطات الزهورات التي يتم إعدادها بدقة وعناية وخاصة من قبل أصحاب الخبرات الواسعة في هذا المجال».

الزهورات هدية الربيع

وحول طريقة إعدادها قالت: «يتم جمع مختلف أنواع الأزهار والنباتات البرية وأوراق الشجر، ثم تقطيعها وفرمها في صينية معدنية ووضعها تحت أشعة الشمس لبضعة أيام حتى تجف قبل جمعها وحفظها بعناية ضمن أكياس قماشية تساعد على تهويتها ومنع تعفنها وخلال فصل الشتاء تفتح الأكياس ليتم استخدامها».

وتضيف: «في الريف من يمتهن مهنة جمع "الزهورات" وبيعها في بازارات المدن الأسبوعية أو "سوق العطارين" في مدينة "حلب" القديمة؛ وهو سوق مختص ببيع الزهورات ومختلف أنواع الثمار الطبية، ومن أنواع الأزهار والنبتات البرية المعروفة والفعالة في الريف "شقائق النعمان" التي تستخدم في علاج السعال الديكي، وزهر "الزعرور" الذي يستعمل في علاج أمراض ضيق التنفس، وزهر "الليمون" بطعم العسل للتخفيف من آلام المعدة والإمساك، وأوراق "الزيتون" الفعالة في معالجة التهابات البلعوم واللثة، وتصبح الزهورات هدية معتبرة وذات قيمة إذا ساهمت في التخفيف من آلام الأمراض المستعصية مثل "السرطان"، فبمجرد سماع أحد الريفيين بإصابة شخص بهذا المرض يذهب نحو الجبال والسهول للبحث عن بذور نبتة "الكاردي" المعروفة، وهي بحجم حبة الحمص حيث يرسلونها كهدية للمصاب الذي يضعها ضمن ورق رقيق ويبلعها، ويقال إن الكثيرين من المصابين قد استفادوا كثيراً من تناولها».

الزهورات في سوق العطارين