ارتبطت أسماء بعض أحياء مدينة "حلب" القديمة بأسماء الأبواب التي تضمها، وأصبح اسم الباب يطلق على الحي بأكمله، ومن هذه الأحياء العريقة والقديمة حي "قنسرين" الذي استمد تسميته من باب "قنسرين" الموجود فيه والذي مازال محافظاً إلى الآن على رونقه وجماله و عظمته وقوته، ويقع هذا الحي في الزاوية الغربية الجنوبية من مدينة "حلب" القديمة، مختار هذا الحي أيضاً له تاريخ طويل فيه بعد أن أمضى أكثر من أربع عقود وهو مختار له عاش خلالها الكثير من الأحداث مع سكان الحي و شاطرهم دفء الأيام وعمق العلاقات التي ربطتهم مع بعضهم البعض...

في هذا الحي القديم وللاطلاع على تاريخ هذا الحي وتاريخ مهنة المخترة، التقى eAleppo المختار"أحمد أبو عيسى" مختار "قنسرين" الذي حدثنا أولاً عن تاريخ المخترة وعن التغيرات التي طرأت عليها فقال:

عرف سكان الحي هنا بصناعة وتجارة النسيج والأقمشة وتجارة وتصنيع الأحذية وهناك عائلات عرفت بمهن محددة، فمثلاً عائلة "قبرصي" اشتهرت بصناعة الزعتر و زعتر القبرصي مشهور جداً هنا في "حلب" وفي خارج محافظة "حلب"، وعائلة "مكتبي" اشتهرت بتجارة أدوات صيد السمك وكل ما يتعلق بهذه المهنة

«بدأت مهنة المخترة حسب ما أعرف منذ عام /1936/ أثناء الاستقلال الذاتي لسورية، حيث بدأت منذ ذلك التاريخ السجلات الرسمية التي تسجل القيود المدنية النظامية، قبل ذلك الوقت لا أعرف كثيراً عن المهنة، لكن حتى لو كانت موجودة فلم يكن هناك تسجيل رسمي و إنما معلومات شفهية يحفظها المختار عن سكان الحي أو القرية حيث يقدم هذه المعلومات للجهة المختصة وقت لزومها، مهام المختار لم تتغير إلى الآن وبقيت كما هي رغم تطور الظروف والأوضاع ومازال المختار يحتفظ بمكانته الاجتماعية بين الناس ويساهم بشكل كبير في حل المشاكل التي قد تقع في الحي مع وجهاء الحي».

وعن تاريخه في هذه المهنة وكيف نصب مختاراً لحي "قنسرين" تابع المختار "أحمد أبو عيسى" حديثه فقال: «بدأت بممارسة عملي كمختار لحي "قنسرين" منذ عام /1970م/ أي منذ أربعة عقود، وقد رشحني وقتها أهل الحي لهذه المهنة ورشحني وزير الداخلية وكان وقتها "محمد طويل" وتم قبولي وتعييني مختاراً لحي "قنسرين"، والحمد لله أنا أحظى بشعبية واسعة وقبول لدى سكان الحي لأنني أهتم كثيراً بحل مشاكل الحي على مختلف الأصعدة و أتعامل بود و احترام مع الجميع».

يقع على عاتق مختار الحي أو البلدة الكثير من المهام، وهو مسؤول أمام الجهات الرسمية والحكومية عن دقة هذه المعلومات، عن مهام المختار ومسؤولياته قال المختار "أحمد أبو عيسى":

«بشكل عام أستطيع أن أقول أن مهنة المختار تتلخص في قضاء حوائج الناس، وهو مسؤول عن تسجيل الولادات الجديدة في الحي وعن الوفيات و أختام خدمة العلم وقيود الهجرة والجوازات و شهادات حسن السلوك، وهو مسؤول عن الخدمات في الحي بشكل عام، حيث نعقد اجتماعات دورية لمناقشة واقع الحي الخدمي ونساهم في إيصال الشكاوى إلى المسؤولين من أجل العمل على حلها، ولا ننسى أن نذكر أيضاً أن من مهام المختار المساهمة في حل المشاكل التي قد تنشأ في الحي سواء منها العائلية التي قد تقع بين أفراد الأسرة أو بين الزوج وزوجته أو المشاكل التي قد تنشأ بين سكان الحي، لكننا نستطيع القول بأن السكان هنا معظمهم من الأفراد المسالمين وكل منهم مشغول بعمله وتجارته وقلما تحدث هنا مشاكل بين القاطنين».

حي "قنسرين" من الأحياء القديمة والعريقة في "حلب" و يعتقد أن باب "قنسرين" هو أقدم أبواب مدينة "حلب"، وخلال هذا التاريخ الطويل لهذا الحي سكنت الحي عائلات كثيرة ومرموقة من عائلات "حلب"،من هذه العائلات كما حدثنا المختار "أحمد أبو عيسى" فقال: «سكنت الحي الكثير من العائلات الحلبية القديمة نذكر منها عائلة "قباني"، عائلة "العطري"، عائلة "الريحاوي"، عائلة "قلعيه"، عائلة "مكتبي"، عائلة"أبو عيسى"، عائلة"الركبي"، عائلة "قبرصي"، عائلة "عبود"، عائلة "سليمان"، عائلة "صباغ"،عائلة "جمال" وعائلة "كزارة"، وقد كان حي "قنسرين" في السابق حي سكني بحت، إلا أنه في الوقت الحاضر يضم بعض الورشات الصغيرة ومحلات بيع النسيج، حيث خرجت نسبة لا بأس بها من سكان الحي إلى الأحياء الراقية الواقعة على أطراف المدينة».

اكتسبت عائلات حي "قنسرين" خلال تاريخها الطويل في هذا الحي مهن متعددة، ارتبط اسم بعضها بمهنتها التي اشتهرت بها، عن مهن عائلات "قنسرين" وتجارتها تابع المختار "أحمد أبو عيسى" حديثه لـ eAleppo فقال: «عرف سكان الحي هنا بصناعة وتجارة النسيج والأقمشة وتجارة وتصنيع الأحذية وهناك عائلات عرفت بمهن محددة، فمثلاً عائلة "قبرصي" اشتهرت بصناعة الزعتر و زعتر القبرصي مشهور جداً هنا في "حلب" وفي خارج محافظة "حلب"، وعائلة "مكتبي" اشتهرت بتجارة أدوات صيد السمك وكل ما يتعلق بهذه المهنة».

يحفظ الكثير من سكان حي "قنسرين" الكثير عن تاريخ هذا الحي، فكيف بمختار الحي الذي أمضى قرابة الأربع عقود مختاراً له،عن تاريخ "قنسرين" بشكل عام قال المختار "أحمد أبو عيسى": «الحي من الأحياء القديمة جداً في "حلب" ويعتبر باب "قنسرين" من أقدم أبواب مدينة "حلب"وربما يكون أقدمها على الإطلاق، ويروى أن سيدنا "خالد بن الوليد" قد فتحه في السنة الرابعة للهجرة، الحي شعبي وهو متوسط الحال فسكانه بين الفقر والغنى، ويضم الحي الكثير من المعالم الأثرية القديمة والبيوت العربية الجميلة والمساجد الهامة، منها البيمارستان "الأرغوني" وجامع "الطرسوسي" وجامع "الاسكافي" وخان "القاضي" وبعض الحمامات والمصابن القديمة، وكان السجن أيضاً يقع في هذا الحي وكان يسمى "حبس الشرع"، وكانت توجد في الحي مدرسة للصنائع من أجل تعليم المهن اليدوية».

نذكر أن حي "قنسرين" يعتبر من أكبر أحياء "حلب" ويبلغ عدد سكانه حوالي ثمانية آلاف نسمة، ومازال هذا الحي إلى الآن محافظاً على نسيجه العمراني وعلى عاداته وتقاليده القديمة.