تعتبر شجرة التين من الأشجار المباركة التي ورد ذكرها في القرآن الكريم، وهي من أقدم أنواع الأشجار التي عرفها الإنسان، تنمو بعلاً في مختلف أنواع الترب الزراعية وفي كلّ البيئات تقريباً، لثمارها أشكال وألوان مختلفة مغذّية لجسم الإنسان حيث تتمتع بقيمة غذائية وطبيّة عالية.

شجرة التين شجرة معمّرة تتركز زراعتها على المستوى العالمي في دول حوض المتوسط ، وفي بلدنا تحتل المرتبة الرابعة من حيث المساحات المزروعة بالأشجار المثمرة, وتتميز بأنها لاتستوجب مستلزمات إنتاج كبيرة فهي تستطيع العيش في ظروف مناخية قاسية وكذلك فإنها لا تحتاج لكميات كبيرة من الماء والأسمدة.

يُستهلك قسم كبير منه طازجاً حيث ترى في كل صباح القرويون يحملون سلاّتٍ مصنوعةٍ من القصب ويتوجهون لقطف ثمار التين، حيث تكون لذيذةً إذا ما قُطفت أثناء برودة الجو في الصباح الباكر، إضافةً إلى ذلك فإن التين يُستعمل في صناعة المواد الغذائية التي تحفظ كمؤونة

يتناول الإنسان ثمارها اللذيذة طازجةً في فصل الصيف, كما يقوم بتصنيعها ومعالجتها ريفياً ليتم تناولها في فصل الشتاء.

التين الأصفر

موقع eAleppo كان بتاريخ 7/8/ 2008 في ضيافة الفلاحة المعمّرة "فيدان سليمان" في قرية "جوم" التابعة لناحية "جنديرس" – منطقة "عفرين" والتي تعتبر من النساء المعروفات في مجال صناعة الأغذية التقليدية التي تُحفظ في البيوت الريفيّة كمؤونة شتوية، حيث استقبلتنا بحفاوة معهودة في ريفنا الجميل، وقد كانت مشغولةً بإعداد مؤونتها من العنب والتين للشتاء القادم، فجلسنا بالقرب منها تحت شجرة توت زُرعت لتزيّن بيتها.

سألناها أولاً عن استعمالات ثمرة التين في قريتها وفي الريف السوري عموماً فقالت: في مثل هذا الوقت من كل عام ينشغل القرويون بمعالجة الكثير من الثمار والخضروات تقليدياً لحفظها على رفوف مطابخهم وتناولها في فصل الشتاء ومن هذه الثمار (التين) الذي يشتهر به ريفنا حيث يُزرع بكثرة وله أنواع عديدة».

التين البني

وتابعت فيدان حديثها قائلةً: «يُستهلك قسم كبير منه طازجاً حيث ترى في كل صباح القرويون يحملون سلاّتٍ مصنوعةٍ من القصب ويتوجهون لقطف ثمار التين، حيث تكون لذيذةً إذا ما قُطفت أثناء برودة الجو في الصباح الباكر، إضافةً إلى ذلك فإن التين يُستعمل في صناعة المواد الغذائية التي تحفظ كمؤونة».

وسألناها عن كيفية صنع تلك الأغذية وممن تعلّمته فأجابت: «منذ طفولتي وبيتنا لا يخلو من تلك المواد، حيث كانت والدتي تصنعها بمهارة كبيرة، وخلال مراقبتي لعملها ومرافقتي لها لعدة سنين فقد تعلّمت منها طرق تصنيعها وإعدادها, وتلك (المؤونة) هي:

تجفيف التين بالشمس

-باستق: حيث نأتي بالثمار الناضجة ونقوم بفركها جيداً على مصفاة منزلية خاصّة كي يبقى القشر خارجاً والباقي يدخل في إناء من خلال تلك المصفاة الذي نخلطه بالطحين والسمسم ونغليه على النار الطبيعية لمدة ساعة ونصف تقريباً، بعدها نمدّه على قماش ونبقيه تحت الشمس لمدة يومين أو ثلاثة، ثم نبلّل القماش بقليل من الماء كي ننزع عنه ( الباستق) حيث نطويه ليتم حفظه إلى فصل الشتاء مع المكسرات مثل الجوز واللوز.

  • التين المجفّف: « نقوم بقطف الثمار الناضجة ونقسّمها إلى قسمين ومن ثمّ ننشرها على القش في الحقل أو على سطح البيت ليبقى معرضاً للشمس لمدّة أسبوع بحسب حرارتها، بعدها يوضع مضغوطاً في أكياس قماشية معدّة خصيصاً لحفظه ويُرش بالسكر الناعم, ويُعتبر التين المجفّف من أقدم أنواع الحلويات التي عرفها الإنسان.
  • -مربى التين: بعد قطف الثمار نقوم بخلطها بمادة ( الكريج الأبيض) ليبقى كذلك لمدة يوم واحد ثم نقوم بغسل الثمار جيداً ونضعها في ماء مُحلى بالسكر ونغليها على النار الطبيعية لمدة ساعتين حتى يأخذ قواماً عجينياً بعدها يُبرّد ويحفظ في أواني زجاجية خاصة ( قترميزات)».

    مواد طبيعية ذات قيمة غذائية كبيرة هي ما تنتجه "فيدان" وأمثالها في ريفنا الحبيب، التي تُعتبر الغذاء الصحي والدواء الشافي لهم، و نحن مدعوون جميعاً للحفاظ على هذا الإرث الغذائي المفيد واللذيذ الذي تنتجه هذه المصانع الريفية الجبّارة.