لأن الأدب اقتران بكل يوميةٍ من يوميات الحياة، ولأن الأديب - كعنصر من عناصر المجتمع- اختار لأدبه أن يكون صورة معبرة عن واقع هذه الشعوب وما تعايشه، كان لا بد له أن يتمثل كل صورة من صور الحياة بما فيها الأفراح والأتراح، الغربة والظلم.. العدالة والظلام.. وليولد أدباً يعايش كل لحظات الحدث وتطلعاته وآماله، كالأدب المقاوم أو ذلك الأدب الذي عبر عن المقاومة بصورها وتصوراتها كافة..

وللحديث أكثر عن "أدب المقاومة" أو المقاومة في الأدب التقينا في موقع eSyria وبتاريخ (5/1/2009)م بالأديب "حسين علي البكار" في حديث عن "المقاومة في الأدب"، وكانت البداية توضيحا لهذا المعنى حيث قال الأديب "البكار" في ذلك:

الأدب يتعرض لكل شيء في الحياة، يكوّن صوراً لكل الظواهر، وبمعنى آخر فإن الأدب هو الحياة بشكل كامل..، أما أدب المقاومة فهو جزء من هذا الأدب، فعند تعرض أي بلد للاحتلال لا بد أن يكون مقاومة لهذا الاحتلال وبالتالي سينشأ أدب يواكب هذه المقاومة، ودائما الأدب العظيم هو الذي يسبق الحدث، يقرأ الواقع جيدا ويقدم رؤية للمستقبل..

** «الأدب يتعرض لكل شيء في الحياة، يكوّن صوراً لكل الظواهر، وبمعنى آخر فإن الأدب هو الحياة بشكل كامل..، أما أدب المقاومة فهو جزء من هذا الأدب، فعند تعرض أي بلد للاحتلال لا بد أن يكون مقاومة لهذا الاحتلال وبالتالي سينشأ أدب يواكب هذه المقاومة، ودائما الأدب العظيم هو الذي يسبق الحدث، يقرأ الواقع جيدا ويقدم رؤية للمستقبل..».

حسين علي البكار

  • إذا تحدثنا عن قضية "فلسطين"، كيف كانت بدايات الأدب المقاوم الذي اقترن بهذه القضية؟
  • ** «كانت البداية قبل احتلال "فلسطين" أي قبل قيام دولة العدو الصهيوني، وحسب ما أذكر فإن الشاعر الفلسطيني الراحل "عبد الرحيم محمود" قدم قصيدة مشهورة يقول في مطلعها:

    الراحل محمود درويش...

    سأحمل روحي على راحتي/ وألقي بها في مهاوي الردى

    فإمــا حيـاة تســر الصـديق/ وإمـا ممــات يغيظ العـدى

    الجيل المليون.. سيقاوم...

    وهذه القصيدة لُحنت وغُنيت، وما زالت تتناقلها الأجيال وكأنها تقال اليوم لـ "غزة". فالذي يحمل روحه على راحته هو "الاستشهادي"، مع العلم أن هذه القصيدة كُتبت قبل أن تُعرف العمليات الاستشهادية بـ (40) عاماً، وهذا هو الأدب الاستشرافي العظيم الذي أشرت إليه في البداية.

    الإشكالية في الأدب المقاوم أنه يتلازم مع الحدث وأحيانا يسبقه ويبشر بانتصاراته، وهنا وقفة مع "محمود درويش" حينما يقول:

    "يا دامي العينين، والكفين!

    إن الليل زائل

    لا غرفة التوقيف باقيةٌ

    ولا زرد السلاسل!

    نيرون مات، ولم تمت روما...

    بعينيها تقاتل!

    وحبوب سنبلةٍ تموت

    ستملأ الوادي سنابل..."

    الحبة الواحدة هي بذرة الثورة، والثورة حينما تبدأ ستمتد وتمتد، كان الصهاينة يقولون إن الجيل الأول سيموت، والثاني سينسى، والثالث سينسى أكثر.. ولكن لم يتحقق ذلك فالجيل الذي يقاتل الآن هو الجيل الثالث..».

  • أدب المقاومة.. الأدب الذي يتحدث عن المقاومة، بماذا يتميز؟
  • ** «ليست العاطفة هي سمته الأساسية كما يظن البعض، يتميز أولاً برسم خطوط المعركة، فعلى الكاتب أن يسأل نفسه هل هذه القضية عادلة أم لا؟، فإذا كانت القضية عادلة فهي جديرة بأن يُكتب عنها، وقضية "فلسطين" هي قضية اقتلاع شعب من جذوره وتاريخه الممتد لآلاف السنين، وإحلال قطعان من المستوطنين المسعورين ووضعهم بدلاً عنه، وحينما يقال لأصحاب الأرض الأصليين: أنتم إرهابيون، هذه كارثة.. ولا بد للأدب أن يؤصل، ويثبت أن هؤلاء هم من جذور هذه الأرض، هم من ترابها يتوارثونها أباً عن أبٍ عن أب..».

  • ما هو الدور الذي قدمه الأدب المقاوم لقضية "فلسطين"؟
  • ** «الأدب العربي منذ أن بدأت القضية الفلسطينية حملها على كتفه ولازال وسيبقى..، الأدب المقاوم كشف الصورة كاملة بما فيها كل الأكاذيب التي تحاك على الناس، والأدب يؤرخ لمرحلة دون أن يكون تاريخاً.

    وأيضاً الأديب المقاوم ينحاز إلى قضية، والأدب الذي لا ينحاز إلى قضية مقدسة هو أدب تافه، وأدب مأجور، فلا يمكن أبداً الدفاع عن المجازر، واستذكر هنا قول الفيلسوف "كنت" حين قال: "لو أن سعادة البشرية توقفت على قتل طفل بريء واحد، لكان ذلك جريمة بحق الإنسانية"، فالأدب الحقيقي هو الذي يشلع قلب الحقيقة ويقول هذه هي الشمس..».

  • أخيرا.. إذا قلبنا صفحات المناهج الدراسية سنجد أدب المقاومة، ما الهدف من ذلك؟
  • ** «الهدف يا صديقي هو أن تظل الأجيال تعرف أن لها قضية لا يمكن أن تموت بالتقادم، لنا أرض محتلة لا بد أن تعود..

    يقول أحد الصهاينة: "الفلسطيني الجيد، هو الفلسطيني الميت.."، ويقول آخر: "لو أن فلسطينيا واحدا بقي في الدنيا، ولو في "الصين" تشكل خطر على أمن "إسرائيل".

    لذلك فهذا قدرنا.. في مناهجنا، في مجالسنا، في الصورة الثقافية كاملة هو يجب أن يكون هناك مقاومة متكاملة في صورها كافة سلاحا، كلمة، وفناً..».