تعتبر ظاهرة الدردشة عن طريق الانترنت ظاهرة مثيرة للجدل وخاصة بعد انتشارها بشكل ملفت للنظر داخل مجتمعنا والذي يعتبر محافظا إلى حد كبير، ولكن ربما باتت هذه الظاهرة موجودة وبشكل مرعب عندما أصبحت بمتناول كل من يملك هاتفا جوالا، فهل نستطيع القول بأننا قد وصلنا إلى حد لا نستطيع فيه ضبط الأمر؟

eAleppo يسلط الضوء على الاستهلاك الكبير والغير موجه للانترنت في الجوال، بكافة الطرق والسبل التي توفرها هذه التكنولوجيا، وكما تعودنا لا بد من البدء مع الشريحة الشابة والتي تعتبر المستهلك الأكبر لهذه الظاهرة، حيث يقول "عمران قبلاوي" وهو طالب في "كلية طب الأسنان" عما تقدمه دردشة الانترنت في الموبايل للشاب: «مجتمعنا المغلق يخلق في نفسي حاجات دائمة للانفتاح والتواصل مع الآخرين، وخاصة أننا خارجون من فترة طويلة من "الكبت الالكتروني" والتي عايشناها خلال أعوام وأعوام، وعندما حانت الفرصة وأصبحت الشبكة العنكبوتية متوفرة حتى في جوالي والذي يرافقني أكثر من ظلي، وجدت في نفسي حاجات كبيرة تفجرت بمجرد الإحساس بالقدرة على التواصل مع الآخرين، فهذا الجهاز الصغير يمكنني من تبادل المعلومات والمعارف مع أي إنسان وفي أي مكان كان».

مجتمعنا المغلق يخلق في نفسي حاجات دائمة للانفتاح والتواصل مع الآخرين، وخاصة أننا خارجون من فترة طويلة من "الكبت الالكتروني" والتي عايشناها خلال أعوام وأعوام، وعندما حانت الفرصة وأصبحت الشبكة العنكبوتية متوفرة حتى في جوالي والذي يرافقني أكثر من ظلي، وجدت في نفسي حاجات كبيرة تفجرت بمجرد الإحساس بالقدرة على التواصل مع الآخرين، فهذا الجهاز الصغير يمكنني من تبادل المعلومات والمعارف مع أي إنسان وفي أي مكان كان

إذا "عمران" لم يحدد طبيعة التواصل مع الآخرين، ولكن "محمد نواف" تمكن من مصارحتنا وبجرأة عما يجول بينه وبين جهازه الخليوي:

"عمران قبلاوي"

«لا أريد التحدث عن نفسي فقط ولكن النسب الكبيرة من الشباب والشابات والتي تستخدم الانترنت في الدخول إلى مواقع محرمة ومرفوضة أخلاقيا، و من يدرس هذه النسب يعلم في ماذا يستخدم الشباب الانترنت في الجوال، أضف إلى ذلك غرف الدردشة والتي أصبحت صور مصغرة عن الناس فمنها الجيد ومنها السيئ ومنها الممتاز، ولكن برأيي لا يجب أن نهتم كثيرا بهذه الظاهرة لأنها نتيجة وليست سبب، والسبب كما أعتقد يدور حول الفراغ النفسي الذي نعيشه جميعا، فالطفل الذي يشبع في طفولته من كلمات لا تفعل ولا يمكن وممنوع وكفى، عندما يكبر سيبحث أول ما يبحث عن الطريق للممكن والمقبول والمرغوب».

ولكن "احمد عليطو" وهو طالب في كلية "الطب البشري" كان له رأي مختلف حيث يقول عن الاستخدام الأمثل للدردشة: «لا أحد يستطيع الجزم أنّ الجميع يستخدمون الدردشة بطريقة سلبية، فهناك غرف ثقافية وأخرى اجتماعية ودينية، وجميعها تمكننا من تبادل المعلومات مع أشخاص هم مختلفون عنا في مستوى وحجم الثقافة والمعلومات، وكثيرة هي المعلومات التي أستطيع الحصول عليها عن طريق صديق تعرفت عليه في الانترنت وخلال ثوان بسيطة، ولكن إذا نظرنا إلى الطرف الآخر من الموضوع فهناك الكثير من "الوضاعة" والسطحية في التعامل مع الموضوع ونسبة كبيرة من الشباب يستخدمون الدردشة للحديث مع فتيات في مواضيع سيئة أخلاقيا وتربويا، وحتى أنّ الموضوع وصل إلى الاستغلال فحواء هذا العصر تستغل آدم ولو بكسب عشر وحدات مقابل أن تتحدث معه».

"محمد نواف"

ولتكون الصورة أوضح وأبسط استضفنا "سميح يازجي" خريج كلية التربية قسم الإرشاد النفسي، والذي وضح لنا بداية أسباب الإقبال الكبير على الدردشة في الانترنت من قبل الشباب: «دائما قاعدة "الممنوع مرغوب" تخيم على هكذا مواضيع، فالشاب في مجتمعنا يولد وحول عنقه الكثير من الحبال والتي نستطيع أن نشبهها بالملابس والتي يشتريها الأهل للطفل في سنواته الأولى من عمره ومهما لبسها الطفل فسيأتي الوقت الذي لن تناسبه هذه الملابس وسيخلعها سريعا، إذا المشكلة هي في الهوة التي تخلق بين الآهل والشاب، والتطور الكبير والسريع الذي نعايشه اليوم، هو أحد الأسباب لتي تدفع الشاب للتمرد على واقعه، وكل ما سبق يخلق في الشاب أو الشابة الفراغ القاتل والذي يدفعه إلى الإدمان على المباح الكبير وأقصد به التواصل بلا رقيب عن طريق الدردشة».

أما العلاج وأساليب الوقاية فيختصرها "يازجي" بقوله: «نستطيع تحديد العلاج بثلاثة خطوات أولها يخص الأهل وهو الاقتراب من جو الشاب عن طريق فتح أحاديث معه تخص واقعه ومشكلاته وآماله وأحلامه، وحتى لو وجدناها وسنجدها غريبة عنا فلا بد من تقبلها حتى لو في الظاهر، ويجب على كل أب وأم أن يجدوا الطريقة التي يحبها الشاب لكي يستخدموها في إيضاح الضرر الذي يسببه الاستخدام الخاطئ للانترنت، أما الخطوة الثانية فهي على عاتق وسائل الإعلام والمدرسة في إيضاح السبل الكفيلة لاستخدام الانترنت بشكل صحيح فبرنامج أسبوعي على التلفاز أو مقرر بسيط في المنهاج الدراسي يكفي للفت النظر إلى المواقع الالكترونية المهمة والتي تضيف إلى ثقافتنا ومعلوماتنا الكثير أو حتى التي تفيدنا في ملء أوقات فراغنا، أما الخطوة الثالثة فهي من جهة الشباب في إحساسهم بالمسؤولية، وفي الاهتمام بما يفيد، وفي الإيمان بأن المعلومة التي نعرفها اليوم ستفيدنا في بناء مستقبل مشرق ومريح غدا».