يعتبر "الطنبور" من أكثر الآلات الموسيقية حضوراً في حياة أهل "عفرين" الذين يحبونها إلى حد العشق لذلك من النادر أن تدخل بيتاً في المنطقة ولا يكون فيه عازف طنبور أو لا تكون هذه الآلة معلقة على جدرانه.

للحديث حول حضور الطنبور في حياة أهل "عفرين" التقى موقع eAleppo بتاريخ 4/1/2012 عازف البزق الفنان "وحيد إبراهيم" الذي قال: «في البداية أود تعريف القارئ بآلة "الطنبور" ومواصفاتها والتطورات التي حصلت فيها عبر الزمن.

مهما تطورت هذه الآلة وأدخل العازفون عليها التعديلات كالباغلمة أو البزق وغيرها إلا أن الأساس يبقى دائماً هو "الطنبور" الذي سيبقى دائماً معشوق الناس في المنطقة

"الطنبور" آلة موسيقية وترية قديمة جداً وهي إحدى أكثر الآلات المعروفة عند الأكراد عموماً، وفي منطقة "عفرين" ظهر عدد من أمهر عازفيها على مستوى المنطقة وأبرزهم المرحوم "آديك" الذي كان بحق مدرسة فنية في مجال عزف الملاحم الفنية التراثية والفلكلورية.

عازف الطنبور الفنان وحيد إبراهيم

قبل ظهور آلة "الطنبور" بشكلها الجاهز والمستورد من الخارج /تركيا/ كان العازفون في منطقة "عفرين" يصنعونها بشكل يدوي وأنا واحد منهم فقد كنت أصنع طنبوري بيدي مستخدماً في صناعته خشب الأشجار وأنسب خشب يستعمل في صناعته هو خشب شجرتي التوت والجوز بسبب سهولة التحكم به خلال العمل وما زال عدد من المواطنين يصنعونه في محلات خاصة إلى اليوم.

وعن أقسام "الطنبور" والتطورات التي طالتها قال: «بشكل عام يتألف "الطنبور" من ثلاثة أقسام هي "الكود"- محلياً- وهو عبارة عن صندوق خشبي بيضوي الشكل له فتحة في الطرف الأيمن وظيفته إعطاء صوت الآلة صدىً وجمالية، و"الزند" وهو العود الممتد من "الكود" وتثبت في نهايته أعواد تثبيت وتعيير الأوتار وعددها في الغالب 3 أوتار مزدوجة كما تثبت عليها مجموعة من الدساتين التي تحدد العلامات الموسيقية ويكون عددها بحسب رغبة العازف 14 أو 17 أو 24 دستاناً، وأخيراً "الصدر" وهو عبارة عن غطاء خشبي يُركّب على "الكود" من الأمام.

في عفرين حتى الطفل يعشق الطنبور

إن أهم تطور طال هذه الآلة هو ظهور "الباغلمة" وهي كلمة تركية تعني "الربط" وتعتمد تقنيتها على ربط الأوتار في مكان محدد على "الزند" بحسب طبقات الغناء ورغبة العازف والعزف ضمن المساحة المحصورة بين المكان المربوط و"الكود"».

"إدريس يوسف" هاوي عزف على آلة "الطنبور" قال: «في كل بيت من بيوت "عفرين" إذا دخلتها سوف تجد "الطنبور" معلقاً على جدرانها حتى لو لم يكن فيها من يعزف عليها أو ستجد صورة لفنان كردي مشهور يحمل "الطنبور" بيديه ومن أشهرهم صورة الفنان الكردي العالمي "شفان"».

صور الفنان شفان معلقة في معظم بيوت المنطقة

وحول سر عشق أهل "عفرين" بهذه الآلة قال: «أولاً هذه الآلة هي آلة تراثية صنعها العازفون بأنفسهم وبذلك ظهرت علاقة حميمية بينها وبين عازفها والمستمعين إليها وثانياً لهذه الآلة فضل كبير في توثيق العشرات من الأغاني والملاحم الفلكلورية والتراثية وحفظها لحناً وبالتالي حمايتها من الضياع والاندثار ثالثاً حضور هذه الآلة الدائم والمستمر في حفلات المنطقة وسهراتها وأخيراً صوتها الحنون الذي يسحر الروح وتأسر القلوب.

إنّ السهرات الاجتماعية وأمسيات الليل في المنطقة تمضي بحضور هذه الآلة السحرية التي إن خرج منها اللحن سكت الجميع للاستماع بشغف إلى ملاحم العشق والبطولة في المجتمع الكردي مثل "دلال" و"جبلي" و"عيشا إيبي" و"حلوجي" و"سيامند وخجي" و"ممي آلان" /"ممو زين"/ وغيرها من الملاحم الطويلة إضافة طبعاً إلى الأغاني التراثية الخفيفة والراقصة.

"الطنبور" هو معشوقة أهل "عفرين" وتمثل الهوية الفنية والتراثية لها يحبها كباراً وصغاراً، والجدير بالذكر أن هناك العشرات من أطفال المنطقة يعزفون على "الطنبور" أو على الأقل يحتضنونها أملاً في تعلم العزف عليها مستقبلاً».

وختم: «مهما تطورت هذه الآلة وأدخل العازفون عليها التعديلات كالباغلمة أو البزق وغيرها إلا أن الأساس يبقى دائماً هو "الطنبور" الذي سيبقى دائماً معشوق الناس في المنطقة».

"نوري خليل" قال: «أنا متخرج في معهد إدارة الأعمال والتسويق–جامعة "حلب" ومع ذلك فإنّ تعلم العزف على آلة "الطنبور" هو أملي فأنا أحب كثيراً هذه الآلة ولذلك خصصت وقتاً طويلاً كل يوم للتعلم على عزفها، فلهذه الآلة حضور اجتماعي وروحاني في حياتنا وبذلك نالت كل محبة واحترام وتقدير».