المساجد في "حلب" كثيرة ومتعددة، وهي قديمة قدم التاريخ في "حلب"، بناها أجدادنا العرب منذ دخولهم "حلب"، وكل مسجد في "حلب" له تاريخه وله قصته وله أهميته الكبيرة.

إلى الشرق من باب "الحديد" بمسافة لا تزيد عن 60 مترا يقع جامع "بانقوسا" العريق الذي بني في القرن الثامن الهجري،الرابع عشر الميلادي، وقد قام ببناء المراحل الأولى من هذا الجامع الخواجا"خاص بك" في العهد المملوكي، ثم أكمل بناء الجامع على نفقة أهل الخير، ولا تنبع أهمية هذا الجامع من مكانته التاريخية العريقة فحسب بل لوجود أثر لسيدنا "محمد" صلى الله عليه وسلم في هذا الجامع، وهو عبارة عن حجر بشكل دائري قطره حوالي/30 سم/ لمسه الحبيب "المصطفى" بيده الشريفة اليسرى وما يزال موضع أصابعه عليه الصلاة والسلام محفورا على الحجر، وقد وضع هذا الحجر عند الجهة اليسرى من المحراب وحوله حجر دائري كتبت عليه آيات قرآنية، وعلى الجهة اليسرى من الحجر لوحة معلقة كتب عليها البيتان الشعريان التاليان:

أنا من ريف "حلب" الشرقي، وآتي إلى "حلب" كل شهر تقريباً لشراء بضائع من سوق "العريان" وباب "الحديد"، وأصلي دائماً هنا من أجل التبرك بأثر سيدنا "محمد عليه الصلاة والسلام"، أحس في هذا الجامع بارتياح شديد وأشعر ببركة عظيمة، وكم كنت أتمنى لو كنت أسكن في منطقة قريبة من هنا لأصلي باستمرار في هذا الجامع

لأصابع المختار في هذا الحجـر/آثار خيــــرات يقينا بالبصــــر

أحد المصلين يدعو أمام الحجر

فالثم مواضع كفه إن كنت مـــن/أهل المحبة تنج من كل الضرر

ويقصد الناس من معظم مناطق محافظة "حلب" ومن خارج المحافظة هذا الحجر من أجل التبرك به والصلاة في هذا الجامع الذي يمتاز أيضا بمئذنته العالية.

الحجر وتظهر عليه آثار اصابع سيدنا محمد عليه السلام

ولمعرفة طريقة وصول الحجر إلى هذا الجامع التقى eSyria إمام جامع "بانقوسا" فضيلة الشيخ "حسين كنو" فقال: «القصة التاريخية الواردة إلينا عبر كتب التاريخ تقول بأن شخصا من "داغستان" كان يحج بيت الله الحرام، وهناك سمع بالحجر فاشتراه بثمن كبير ليأخذه معه إلى بلده، وأثناء عودته مرَ في مدينة "حلب" عند الجامع وكان وقتها بناء الجامع متوقف لأسباب لا يعلمها أحد، فتم إكمال بناء الجامع ووضع الحجر في صدر الجامع عند المحراب ولم ينقل إلى "داغستان" كما كان مخططا له.

وقد نظم الشيخ "محمد أبو الوفا" صاحب منظومة "أولياء حلب" المدفون بمقبرة "الصالحين" قصة نقل هذا الأثر إلى جامع "بانقوسا" شعراً في عدة أبيات، وقد علقت هذه الأبيات بالقرب من الأثر الشريف».

المئذنة العالية

والتقينا في هذا الجامع الشيخ "عبد الرزاق خليل" الذي حدثنا عن هذا الأثر فقال: «أنا أدرس في مدرسة "الكلتاوية"للعلوم الشرعية، وأصلي هنا باستمرار خلف شيخي الفاضل"حسين كنو"، وأنا أحس بارتياح شديد عندما أصلي هنا في هذا المسجد الذي يضم أثراً لمسه سيدنا "محمد عليه الصلاة والسلام"، وأرى أناس يأتون إلى هنا باستمرار من أجل الصلاة والتبرك، كما ترون الأثر هو عبارة عن حجر بشكل دائري، وقد وضع في صدر الجامع عند الجهة اليسرى من المحراب، ووضع حوله حجر دائري لحمايته، وما يزال موضع أصابع سيدنا "محمد"عليه السلام محفوراً على الحجر، وأنا دائماً أضع أصابعي مكان أصابعه الشريفة، فأحس بالبركة والأمن والسكينة والطمأنينة».

والتقينا أيضاً في هذا الجامع "عبد الكريم محمود المحمد" الذي قال لنا: «أنا من ريف "حلب" الشرقي، وآتي إلى "حلب" كل شهر تقريباً لشراء بضائع من سوق "العريان" وباب "الحديد"، وأصلي دائماً هنا من أجل التبرك بأثر سيدنا "محمد عليه الصلاة والسلام"، أحس في هذا الجامع بارتياح شديد وأشعر ببركة عظيمة، وكم كنت أتمنى لو كنت أسكن في منطقة قريبة من هنا لأصلي باستمرار في هذا الجامع».

نذكر أن جامعا آخر في حي "الجلوم" بـ"حلب" يضم أثر قدم سيدنا "محمد" صلى الله عليه وسلم، وسيقوم eAleppo بعمل دراسة كاملة عنه.

وإليكم الأبيات التي نظمها الشيخ "محمد أبو الوفا" في هذا الأثر وقصة نقله إلى "حلب":

جامع بنقوســا فكـــفُ المصطفــــــــى/ عليــــه نور فــــــوق نور رفرفــــــا

من يده اليسرى وإن كانت يميــــــــــن/ وذا اعتقاد كل ذي عقل وديـــــــــــن

مؤثر فــــــــــــــي حجر شريـــــــــف/ لأجل هذا خص بالتشريــــــــــــــــف

يقال إنه شــــــــــــــــــــراه كـــــردي/ مـــــن المدينة بأغلـــــــى نقــــــــــــد

مــــــــــراده ينقلــــــــه لبلــــــــــــــده/ وهـــــــي داغستان أصل مولـــــــــده

متبركـــــــا يكــــون فيـــــــه حـــــرز/ لساكنهــــــــــا ولــــــــه فعــــــــــــــز

ومــــــن هنــــاك شالـــه على جمــــل/ نقلــــــــــه البعيـــــر بغيـر ملــــــــــل

وقـــــــد أتــــى للبلـــــــدة الشهبـــــاء/ وصـــــل بنقوســـــا بـــــلا عنـــــــــاء

وحيث صـــــار في حدود الجامـــــع / وكـــــــان بلقعــــــا من البلاقـــــــــــع

فــــــي ساحـــــــة واسعة الفنـــــــاء/ وليـــــــس من عيـــــن ولا من مـــــاء

فبـــــــــرك الحامـــــل بالمحمـــــولِِِِِِِِ/ لســـــــــان حالـــــــه هنــــــا مقيلـــــي

حينئـــــــــذ شــــــادوا بناء الجامــع/ أهــــــل المبرات ذوو الصنائــــــــــــع

ووضعـــــوه في جـــــدار القبلــــــة/ ياليتنــــــي أنال منـــــــــه قبلــــــــــــة

سمعــــــــــــت هذا من أناس عــــدة/ بذا عليهـــــــــم لا عليََ العهـــــــــــــدة