إنّ تزيين البيوت الريفية بالورود الطبيعية المختلفة والشجيرات المتنوعة هو من الأمور الشائعة والمحببة إلى قلوب الريفيين, فلا يمكن أن تدخل بيتاً في ريفنا السوري الجميل دون أن ترى دالية عنب أو مدّادة على واجهته، أو مجموعة كبيرة من نباتات الزينة المتنوعة والتي تضفي على تلك البيوت المزيد من الجمال والروعة.

وبغية التعرف على أنواع نباتات الزينة وطريقة زراعتها ورعايتها موقع eAleppo التقى السيدة (بنفش ابراهيم) التي تمارس هذه الهواية.

لحظة وصولنا كانت تكنّس باحة منزلها بمكنسة تقليدية صنعتها بنفسها يدوياً من نبتة "المكنسة" التي تنمو طبيعياً في الجبال المحيطة بقريتها, رحبت بنا بحرارة ودعتنا للجلوس وأخذ استراحة مؤقتة في ظلّ شجرة توت شامي.

بنفش تكنس باحة منزلها

كانت باحة بيتها جنة حقيقية فهي مزروعة بمختلف أنواع الورود والشجيرات التي تفوح منها روائح منعشة تهدئ الأعصاب وتنقّي الروح, قالت مضيفتنا وهي تبتسم: "لقد انطبق علي المثل الذي يقول لكل امرؤ نصيب من اسمه" ودون أن أستفسر عن ذلك تابعت قائلةً: "اسمي بنفش, وهو اسم زهرة برية جبلية معروفة ومنتشرة في أرجاء المنطقة وأنا أتعامل مع هذه النباتات الرائعة منذ زمن طويل".

سألناها عن أنواع نباتات الزينة المزروعة في بيتها, فقالت: "هناك أنواع كثيرة منها ولكل نوع طريقة خاصة في التعامل معها, فهي تشبه الطفل الصغير الذي يحتاج إلى تعامل من نوع خاص قائم على الحنان الفائق والاهتمام الدائم, هناك الزنبق والفل والقرنفل وله ألوان متعددة, وهناك الياسمين والمدّادة التي تتسلق الأشجار وجدران البيوت, والعسلية والريحان والعطرية , والنبتة الخجولة (المستحية) التي تظل متألقة خضراء طول الوقت ولكن إذا لمستها يد الإنسان تذبل وتطبق أوراقها خجلاً!! وغيرها.

المدّادة

وعن رعايتها وشكل التعامل معها قالت: "هي تحتاج إلى سقاية يومية وخاصةً في فصل الصيف ويُفضّل ذلك قبيل الغروب حيث يميل الجو إلى الاعتدال, كذلك تحتاج إلى ذوق رفيع في تنسيقها داخل البيوت وباحاتها لتعطيه منظراً جميلاً, ولكن لا ينصح بوضعها داخل غرف النوم شتاءً حيث تكون مغلقة عادةً لأنها تطرح الكربون في الليل".

وعن زراعتها قالت: "يبدأ ذلك في أربعينية الشتاء حيث يُخلط قليل من السماد الطبيعي بالتراب ويزرع فيه عود طري من النبتة المعينة, وفي أوائل الربيع تنبت وتخضر وهي تحتاج إلى التزام كامل بسقايتها دورياً".

الزنبق

وختمت بنفش حديثها عن نباتات الزينة بذكر فوائدها الصحية والجمالية فقالت: "تعتبر هذه الحدائق البيتية معامل صغيرة لإنتاج غاز الأوكسجين الذي يحتاجه الإنسان في حياته, إضافةً إلى أنها تدخل في إعداد صنع الزهورات حيث تُجفف بأشعّة الشمس وتُحفظ في أكياس قماشية خاصّة لتُستعمل على مدار العام من قبل جميع أفراد الأسرة فهي تفيد في بعض الأمراض مثل الزكام والسعال والإمساك وغيرها.

هذه النباتات هي زينة المنازل الريفية, ففي ليالي فصل الصيف يمد القرويون البسط في باحاتها وعلى سطوحها ويعقدون مجالس السمر التي تمتد إلى ساعات الفجر وسط الروائح الزكية والاخضرار الربيعي الذي يضفي على المكان المتعة والروعة والجمال".

هي حكاية أخرى من حكايات ريف بلدنا المليئة بالبساطة والمفعمة بروح الإنسانية العميقة, وهي بالتالي جزء من حكاية وطن بأسره عنوانها المحبة والإخلاص والتفاني في سبيله.