يتوافد السياح إلى مدننا السورية بغرض الزيارة والاطلاع على الآثار والفنون المعمارية القديمة والأسواق وغيرها من الأمور التي يرغبها كل سائح، وطبعا في نهاية الزيارة... لابد من شراء بعض التذكارات أو كما يعرف بين الناس باسم "الشرقيات". فما هي الشرقيات؟

وللإجابة قام "eSyria" بتاريخ 22/10/2008 بجولة في أسواق مدينة "حلب" القديمة والتقى مع أصحاب هذه المحلات.

ويأتي العديد من الأسبان والطليان وهناك أيضا الفرنسيين والألمان والانكليز الهولنديين والأمريكيين

«الشرقيات كتعريف عام هي عبارة عن السجاد والبسط والأقمشة الحريرية والمجوهرات القديمة التقليدية، إضافة إلى "الموازييك" الخشبي والمطعّم بالصدف والزجاج القديم المعشّق وغيرها وأخيرا النحاسيات بشكل عام من أواني وأطباق وكل ما يمت للتاريخ من صلة».

يقول السيد "محمد صالحة" وهو صاحب محل لبيع الشرقيات في المدينة القديمة جانب القلعة، ويضيف:

«الشرط الأساسي لأن تكون القطعة من "الشرقيات" هي أن تكون مصنوعة يدويا، وهذا ينطبق على كل ما سبق ذكره في الأعلى».

ويعمل السيد "محمد صالحة" في مجال الشرقيات منذ ما يقارب الثماني سنوات وأصبح له باع طويل في هذا المجال ويتابع:

«وهناك أيضا جانب آخر لا بد من ذكره وهو الألوان التي يجب أن تكون بسيطة وغير لامعة أو زاهية إضافة إلى تواجد النقوش الشرقية سواء على قطع القماش أو السجاد أو على المشغولات الأخرى».

واختار السيد "محمد" هذه المهنة: «لرغبته في تقوية اللغة الانكليزية التي يجيدها» ويتابع بأن التعامل مع السياح الأجانب أفاده كثيرا في هذا المجال، إضافة إلى حبه للتعرف على الثقافات الأخرى والحضارات التي يأتي منها هؤلاء السياح.

وعن سؤاله حول ما هي أكثر الأشياء التي تجذب السياح أجاب:

«لا يوجد شيء محدد حيث يشتري السياح كل ما يلفت نظرهم في العادة، ويركزون بشكل خاص على كل ما يمثل الأعمال اليدوية السورية والتي لا تتواجد خارج "سورية"».

وعن طبيعة السياح وأعمارهم وجنسياتهم يجيب:

«النسبة الكبرى من السياح تتجاوز الأربعين عاما والذين هم بشكل عام من يميل لمشاهدة الآثار القديمة بعكس جهة الشباب الذين يحبون الشواطئ وأماكن الترفيه أكثر، أما الجنسيات الرئيسية فهي الايطالية والاسبانية بشكل رئيسي ومن ثم الألمانية والفرنسية وأوروبا الغربية بشكل عام».

ولدى سؤالنا إذا كان السياح يقومون "بالمفاصلة" يجيب:

«المفاصلة نادرة، إلا أن البعض يقوم بهذا، والدليل السياحي الذي يكون معهم يطلب منهم المفاصلة في الأسواق الشعبية السورية!»

وفي النهاية سألناه عما إذا كان هناك ما يدعى باسم "الموسم السياحي" في مدينة "حلب"، فيجيب:

«السياحة دائمة في المدينة ولا يوجد ما يمكن أن نطلق عليه اسم "الموسم السياحي"، وقد أثرت الحرب العراقية على توافد السياح إلى القطر في الماضي، إلا أن العدد الآن في زيادة والوضع يميل إلى التحسن. وأود أن أضيف ملاحظة مهمة هي أنه على امتداد المدينة القديمة حول القلعة لا يوجد مقهى انترنت واحد أو حتى مطعم راقٍ للسياح بعكس المناطق القديمة الأخرى مثل "الجدَيْدَة"».

يعمل السيد "حسان مارتيني" في مجال السياحة منذ ما يزيد عن 11 عاما، ويجيد العديد من اللغات وله تواصل كبير مع السياح بحكم عمله وعن هذا يقول:

«تعود الأهمية التاريخية لمدينة "حلب" إلى قديم الزمان لوقوعها على طريق قوافل الحرير الشهير. وقد ذكرها العديد من الكتّاب العالميين مثل الكاتب الانكليزي "شكسبير" في مسرحيته "عطيل"، وتملك "حلب" العديد من الخانات القديمة العريقة مثل خان "الشونة" و"العادلية" و"الوزير" وغيرها الكثير».

وعن تعريف مصطلح "الشرقيات" من وجهة نظره، يجيب:

«جاءت الشرقيات من كلمة "Orient" أو "المشرق" والتي هي كل صناعة يدوية نسيجية بشكل رئيسي لكون المدينة كانت مشهورة منذ القدم بصناعة النسيج من الحرير أو القطن، وهناك أيضا المشغولات النحاسية والخشبية والفضية والذهبية أيضا وطبعا لا ننسى الصابون أيضا، وأكثر ما يلفت الانتباه بالنسبة للسياح هو الحرير و"البروكار" وشغل "النول" مثل المآزر والأوشحة».

ويتابع: «يجب أن تكون النقوش ذات طابع بدوي أو شرقي أو زخرفة تعود للعصور العثمانية أو الأموية، أما الألوان فيحبذ أن تكون دافئة مثل مشتقات اللون الأحمر أو الداكنة».

وسألناه على اعتبار أنه دليل سياحي ذو خبرة بالأماكن التي يزورها السياح بشكل عام فأجاب:

«القلعة طبعا وهناك الأسواق القديمة والأماكن الدينية مثل "قلعة سمعان"، و"عين دارة" والكنائس القديمة أيضا مثل "الشيباني" و"الروم الكاثوليك" و"الجامع الأموي". وأود أن أضيف أن سورية كانت قديما على طريق رحلات الحج المسيحية والقادمة من أوروبا والتي تتابع رحلتها حتى "فلسطين" و"الأردن"، وتملك الكثير من الأماكن ذات الطبيعة الدينية المسيحية الخاصة».

«ويأتي العديد من الأسبان والطليان وهناك أيضا الفرنسيين والألمان والانكليز الهولنديين والأمريكيين».

يعمل السيد "زكريا أحمد عساني" منذ ثمان سنوات في مجال الشرقيات والمشغولات الفضية، ويملك خبرة طويلة في مجال الفضيات لكونه يملك معملا لصناعة الفضة والمشغولات الفضية إضافة إلى محله لبيع المشغولات الفضية والشرقيات في منطقة "الجدَيْدة" قرب "ساحة الحطب". ولدى سؤالنا عن المشغولات الفضية التي يرغبها السياح يجيب:

« يحبذ السياح المشغولات الفضية التي تغطيها الأحجار الكريمة مثل "الحجر الأزرق" و"المرجان" و"اللازورد" وغيرها».

«يجب أن تكون التصاميم متلازمة مع الطبيعة السورية مثل الأبجدية الأوغاريتية الأولى أو حضارات "ماري" و"إيبلا" إضافة إلى "الفلنجران" أو "كسر الجفت" في المصطلح الحلبي الشعبي والقادمة من الانكليزية "Filegran" والتي هي نوع خاص من الصياغة ويشمل الأساور والأطواق وما يعلق في الأذن».

ويعلق حول مفهوم الشرقيات: «هناك أيضاً "السيراميك القيشاني" ذي اللون الأزرق والذي يعتبر من الشرقيات أيضا.

تملك مدينة "حلب" العديد من الكنوز التاريخية والفنية القيمة والتي لا يعرفها الكثير من سكانها ويأتيها الأجانب من كل حدب وصوب للتعرف عليها ورؤيتها... ولـ"حلب" القديمة وشرقياتها تتمة...