ترك "الرومان" الذين احتلوا "سورية" في عام /64/ م العديد من القلاع والكنائس والمواقع الأثرية الأخرى، وما تزال العديد من هذه الآثار موجودة إلى يومنا هذا وفي مناطق مختلفة في القطر، ومن هذه الآثار جسور رومانية في منطقة "عفرين" ما زال بعضها يخدم حركة المواصلات حتى يومنا هذا.

حول مواصفات هذه الجسور وتاريخها يقول الباحث الأثري "عبد الله حجار" لموقع مدونة وطن eSyria: «على بعد حوالي /1.5/ كم إلى الشرق من "قورش" /1/ ينتصب جسران كبيران، الأول على نهر "الصابون" /2/ ويبلغ طوله /120/ متراً ويتألف من ست فتحات كل اثنتين منهما منتظرتان بالبعد والارتفاع وقد ارتفعت الفتحات في الوسط لتشكل بلاطة الجسر العلوية تحدباً مثل ظهر الحمار بميل 15% وبعرض /5.5/ متر».

لقد تمت عمليات ترميم للجسرين في عصور تاريخية مختلفة وبشكل خاص في العصر البيزنطي، والجسران لا يزالان يخدمان حركة المواصلات في تلك المنطقة ولكنهما مهددان بالسقوط والانهيار بسبب غياب عمليات الصيانة فيهما وحركة المواصلات الكثيفة التي تسير عليهما

«أما الجسر الآخر فيقع على بعد أقل من كيلو مترٍ واحدٍ إلى الشرق من الجسر الأول وذلك على نهر "عفرين" ويبلغ طوله /90/ متراً وله ثلاثة فتحات وقد امتاز بركائزه وأحجاره المنحوتة وقد ملأتها الثقوب حيث كانت ممتلئة بقطع الحديد والقصدير لتثبيت أحجاره وقد اقتلعها الأهالي».

الباحث الأثري عبدالله حجار

ويضيف الأستاذ "عبد الله حجار": «لقد خضع الجسران إلى عمليات الترميم مرات عديدة كما قامت مديرية الآثار بأعمال ترميم حديثة فيه، ونظراً لاستعمال الجسرين المذكورين للمرور فوقهما بجميع أنواعه فإنهما معرضان للهدم الحتمي، وهما جسران فريدان من نوعهما في "سورية" ويعودان إلى القرن الأول للميلاد، ولذلك فقد وضعت وزارة المواصلات في خطتها الخمسية مشروع دراسة وتنفيذ جسرين بديلين لاستعمال المرور، ونأمل إنجازهما بشكل سريع ليحوّل المرور من فوقهما ولحمايتهما من الهدم».

وحول الأسباب التي دعت إلى إقامة الجسرين يقول الدكتور "محمد عبدو علي" المتخصص في كتابة تاريخ وتراث منطقة "عفرين" ما يلي: «يقع نهر "عفرين" الذي يبلغ طوله /150/ كم ورافده نهر "الصابون" في منطقة اتصال هامة بين "سورية" الشمالية و"آسية" الصغرى ولذلك كان تأمين وسائل عبور سهلة للنهرين مجال اهتمام عام، وأقدم الجسور المقامة عليه هما جسران يعودان إلى العصر الروماني حيث يعود تاريخ بنائهما إلى القرن الأول أو الثاني للميلاد وذلك بحسب عاديات "حلب" الكتابان الرابع والخامس للعام /1978 -1979/».

جسر روماني على نهر عفرين

ويتابع بالقول: «لقد تمت عمليات ترميم للجسرين في عصور تاريخية مختلفة وبشكل خاص في العصر البيزنطي، والجسران لا يزالان يخدمان حركة المواصلات في تلك المنطقة ولكنهما مهددان بالسقوط والانهيار بسبب غياب عمليات الصيانة فيهما وحركة المواصلات الكثيفة التي تسير عليهما».

«إضافةً لهذين الجسرين توجد ركيزة جسر آخر موجود في وسط مجرى نهر "عفرين" وذلك بالقرب من قرية "كفر روم"* وآثار قواعده المستندة على صخور الحافة الشرقية لمجرى النهر ما زالت موجودة، ويدل تشابه الحجارة وطريقة البناء إلى أنه يعود إلى نفس العصر الذي بُني في الجسران السابقان أي العصر الروماني، كما ذكر "ابن الشحنة"*4 وجود جسر قديم آخر على نهر "عفرين" باسم جسر "قيبار" و"قيبار" هو اسم حصن ذكره "العظيمي"5 أيضاً ولا تزال أطلاله موجودة غربي قرية "عرش قيبار" الحالية6».

الدكتور محمد عبدو علي

ويختم الدكتور "محمد عبدو علي" حديثه بالقول: «وكان في الجنوب الشرقي من قرية "ميدانكي"*7 وتحديداً على بعد /1/ كم منها جسر "ميدانكي" الشهير وذلك على نهر "عفرين" وقد كان يخدم حركة المواصلات بين ضفتي النهر حيث كانت تمر عليه السيارات والجرارات الزراعية والماشية وكذلك الناس وذلك قبل أن تغمره نهائياً مياه سد السابع عشر من نيسان، ويعود تاريخ بنائه إلى العصر الروماني أيضاً بحسب ما ورد في المعجم الجغرافي السوري».

*1 "قورش": حالياً تسمى بقلعة "النبي هوري" وتقع شمال شرق مدينة "عفرين" بنحو /45/كم.

*2 نهر "الصابون": أحد أغزر روافد نهر "عفرين".

*3 قرية "كفروم": تقع شمال مدينة "عفرين" بنحو /10/ كم.

*4 "ابن الشحنة": هو "أبو الفضل محمد بن الشحنة" /1402 -1485/ م -كتابه "الدر المنتخب في تاريخ مملكة "حلب"".

*5 "العظيمي": هو "محمد بن علي العظيمي" /1090 -1161/ هجري كتابه "تاريخ "حلب".

*6 قرية "عرش قيبار": تقع إلى الشرق من مدينة "عفرين" بنحو /3/ كم.

*7 قرية "ميدانكي": تقع شمال شرق مدينة "عفرين" بنحو /15/ كم.