"الولادة".. عنوان جديد لمعرض يحمل في طياته رحلة ولادة امتازت بمراحل حسية وجسدية معينة، ولادة للألوان والخطوط الجريئة التي تجاوزت عين المشاهد لتدخله إلى لغة اللون في حالة إنسانية تعيشها كل امرأة.

موقع "eSyria" بتاريخ 11/1/2011 حضر افتتاح معرض الفنانة السورية "سارة شمة" في "آرت هاوس" وبحضور كل من لامس حس "سارة" اللوني ومشاعرها الإنسانية التي تعبّر عن ذاتها المرسومة بتلك النبضات اللونية المحملة بهواجس بشرية حسية.

"سارة شمة" لديها أسلوبها الخاص والمميز، فأعمالها مميزة وتحمل طابعاً جمالياً خاصاً بريشتها، كما أن لوحاتها تحتوي على جرأة كبيرة تعوم في عوالم المرأة، فنلاحظ أنها أخذت الواقعية الجريئة إلى حد كبير

حمل المعرض اسم "ولادة"، ولادة تعبر عن فترة الحمل التي مرّت بها الفنانة، فاستطاعت بتلك الفترة أن تنجز مراحل حملها على شكل لوني تشكيلي مبدع، حيث استطاعت بذلك التعبير عن مدى أهمية تلك المرحلة للمرأة وقدرتها على ملامسة الإبداع حتى في فترة حملها.

ولادة

حليب أبيض، حمل، زوج وولادة، عناصر سكنت تلك اللوحات المعلّقة بصمت على جدران "آرت هاوس"، هناك وفي تقديم كتاب المعرض كتب الأستاذ "منذر نزهة" يصف هذه المرحلة: «فاض الحليب، سال على اللوحات وعبق به المرسم منذ الشهر الأول من حملها، "سارة" التي ظهرت غريزة الأمومة لديها واضحة وهائلة في أعمال قديمة دارت حول الأطفال، هي اليوم حامل. واليوم، تركت "سارة" غريزتها المشبعة لتقود ريشتها وتختار ألوانها وتسكب نفسها على القماش الأبيض، فأصبح كل ما حولها جنيناً في رحمها وطفلاً على صدرها، العالم بأكمله، برجاله ونسائه وأشيائه، تخلى عن شروره وعاد إلى براءته الأولى واستكان في لوحات 2010 كرضيع سعيد شبعان ومحبوب».

الفنان التشكيلي "عبد الله السيد" يحدثنا عن المعرض، قائلاً: «نلاحظ أنه يتواجد تحول في أسلوب الفنانة، حيث هناك عمليات تشكيلية عفوية جداً في معرضها الحالي، ففي اللوحات الحالية إدخال لعنصر عفوي وجميل مع الأسلوب المتبع في رسم الشخصيات، كما أن طريقة وضع اللون عفوية ومتداخلة بطريقة بارعة وإبداعية، وتجسيد الحالة التي تعيشها المرأة في مرحلة الولادة والحمل بطريقة اللون والتشكيل من الأمور الفنية الإنسانية التي تمتلك جرأة كبيرة في طرحها، وهي خطوة مهمة من الفنانة بالتعبير عن ذاتها».

إبداعات لونية

التشكيلي "سعد يكن" عبر عن رأيه بالمعرض يقول: «تجربة "سارة شمة" ليست بجديدة، فنحن أمام معرض جديد هو امتداد لتجربتها السابقة التي تعتمد على الإنسان بالدرجة الأولى ضمن تكوين مغلق والإنسان يتحرك في داخله، حيث هذا التأثير يعمل انفعالاً قوياً لدى المشاهد لأنه هناك تركيز أساسي على الشخصية المرسومة، سواءً أكانت هي أم زوجها أم الموضوع المرسوم، وتركيز "سارة" على ذاتها يأخذ أكثر من منحى، أولاً منحى جمالياً، إضافة إلى منحى يرسم المرأة بشكل أو بآخر، وهي محاولة للتعبير عن مشكلة المرأة من خلال ذاتها هي، وهنا من الصعب أن نقول إن لديها نرجسية، غيرية، إنسانية أو أنانينة، لأن كل هذه المفاهيم تجتمع مع بعضها لتروي لنا من هي "سارة شمة"».

أما التشكيلي "خالد المز" فاكتفى بالقول: «"سارة شمة" لديها أسلوبها الخاص والمميز، فأعمالها مميزة وتحمل طابعاً جمالياً خاصاً بريشتها، كما أن لوحاتها تحتوي على جرأة كبيرة تعوم في عوالم المرأة، فنلاحظ أنها أخذت الواقعية الجريئة إلى حد كبير».

من المعرض

وزير الثقافة السوري الدكتور "رياض عصمت" خلال جولته بالمعرض حدّثنا في تصريح خاص عن رأيه بمعرض الفنانة "سارة شمة"، قائلاً: «"سارة شمة" فنانة استثنائية، إضافة إلى حسها العالي في الفن التشكيلي فهي تتميز عن العديد من أقرانها بأنها رسامة بارعة جداً، فرسمها إبداعي يحتوي على براعة هائلة ودقيقة في التصوير، لذلك استطاعت بأن تفوز بمكانة عربية وعالمية عالية وانتزعت عدة جوائز عن جدارة واستحقاق، وما لفت انتباهي في هذا المعرض أنه هناك مناخ جديد، فعندما يقف المشاهد أمام اللوحة يشعر نفسه أمام عالم متكامل يجسد تجربة غنية، وهي تجربة المرأة عند الحمل والولادة، وهي تجربة حسية تستطيع أن تمس مشاعر أي إنسان رجلاً أم امرأة، تعيده إلى ذكريات وأحلام سكنت في داخله، إنه من المعارض الهامة التي شهدتها سورية في مجال الفن التشكيلي».

ونهاية الحديث كانت بضع كلمات من الفنانة "سارة شمة" تعبّر فيها عن حسها في تلك المرحلة، قائلة: «حاولت خلال حملي أن أجسد هذه التجربة بطريقة تشكيلية ولونية على سطح اللوحة، فهي فترة غنية في حياة المرأة من ناحية تغيير جسد المرأة ونفسيتها، أنت هنا تنتج إنساناً وهي حالة مدهشة، كما تلاحظ أن الحليب كان له دور كبير في اللوحات، فهي تعبر عن تلك الحالة المرتبطة بالحمل والولادة والطفل الجديد».

يذكر أن المعرض باع مجموعة من المنتجات التي تحمل صور بعض اللوحات كالبوسترات والفناجين وغيرها إضافة إلى كاتالوج المعرض، يعود ريعها لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة وذلك في خطوة من خطوات سارة شمة لدعم مشاريع البرنامج.

ومن الجدير بالذكر أن الفنانة "سارة شمة" من مواليد عام 1975 بدأت ممارسة الرسم في سن الرابعة وانتسبت إلى كلية الفنون الجميلة قسم التصوير الزيتي في جامعة "دمشق" وتخرجت فيها عام 1998، حققت الفنانة "شمة" في عمر مبكر حضوراً جيداً فقد درست بضع سنوات في مركز "أدهم إسماعيل" للفنون التشكيلية وكانت عضو لجان تحكيم في عدة ملتقيات وفعاليات فنية وشاركت في الكثير من المعارض الفردية والمشتركة داخل سورية وخارجها وحصدت العديد من الجوائز المحلية والعالمية بينها الجائزة الأولى في بينالي "اللاذقية" عام 2001 والجائزة الأولى للرسم في مسابقة الفن العالمية للتاريخ الطبيعي في متحف جنوب "استراليا" مدينة "أدوليد" عام 2008.

كما يستمر المعرض لغاية 31/1/2011.