أراد أن يكون لقاؤه معنا مختلفاً فكان حديثه دون توقف..

ولأنه رئيس قسم الموسيقا العربية في "المعهد العالي للموسيقا" كان لابد لهذا الحديث أن يترافق ببعض الشجن، وبعض الذكريات التي أوصلته ليكون قائداً للفرقة الوطنية السورية للموسيقى العربية، ومؤسساً لفرقة "طويس" وفرقة "حوار".

إنه عازف العود السوري "عصام رافع" الذي التقاه eSyria بتاريخ 10/3/2010 وكان هو قائد الحديث:

عصام رافع مع آلته الأثيرة

تعرفت على "آلة العود" بالصدفة المحضة وبدون أي تردد أو لنقل إطلاق العنان لانطباع اللحظة الأولى حيث غالباً ما تكون صادقة وحقيقية، فيتسلل سحر هذه الآلة لتجد نفسك عاجزاً إلا أن تنظر وتتلمس القدم والأصالة والروح، وتحاول بعدها مرغماً الدخول لعالمها لترى نفسك مغرماً ومتورطاً أكثر فأكثر، وكلما وصلت للعمق تجد أعماقاً وهل لحل لهذا اللغز!

بدأ الإعلان عن الرحلة سنة 1990 ومحطتها المعهد العالي للموسيقا حيث أُعلن الافتتاح رسمياً، ومن حسن الحظ أنني قبلت طالباً فيه.. لا أدري إن كنت أستطيع وصف ذلك الشعور والحالة آنذاك، لكني ببساطة شعرت أنني ولدت ذاك اليوم وأن الفرصة قد أتت..

الفرقة الوطنية للموسيقا العربية

نعم هي فرصة الحلم وهي الفرصة التي ستضعني لأتلمس الطريق مع علمي بوعورتها، وكم من الوقت والعمل الشاقين كي أصل.. وبدأت أتعلم وبدأ الهدف ينكشف في محاولات ليصبح في المتناول مع هذا الفن المجرد الذي لطالما أحبطني وأفرحني وأبكاني...

اليوم في المعهد العالي للموسيقا وعبر قسم الموسيقا العربية "نحن" أساتذة وطلبة ضمن ورشة عمل متواصلة على مدار العام الدراسي، وهذا بالنسبة لي يشعرني فعلا بسعادة لا يمكن وصفها، فتلميذك يسكن فيك وأقصد هنا تلك الحالة التي تشعر أنك ما زلت طالبا بكل التفاصيل وبكل الجديد للاكتشاف والخلق...كل ذلك يأتيك بتوازن يجعلك قادرا على الثبات، وفي النهاية لحصد أحسن النتائج.

فرقة طويس

إن ثقافة الاستماع لموسيقا آلية صرفة ما زالت تمر بمخاض عسير فقد جرت العادة أن نستمع لها وهي ترافق الغناء وهذا بالطبع يعود لثقافة الكلمة والشعر ومكانته في الثقافة العربية والسؤال هنا هل سنبقى مقيدين بالكلمة، وهل الآلات غير قادرة على التعبير والوصف!!

بكل تأكيد هي قادرة... فجاءت الفرقة الوطنية للموسيقا العربية بمشروعها والذي هو من ضمن أهدافها للسعي إلى إيجاد هذا التوازن الآلي والغنائي على اعتبار أن كل له أهميته وحضوره...

من يتابع الفرقة عن كثب سيجد أن سعي الفرقة دائم لتقديم مادة موسيقية تليق بالمستمع الذي أحب هذه الفرقة وساندها بكل مراحلها ويجد أن البرنامج يتنوع ويزداد صعوبة حفلة بعد الأخرى والهدف من كل المراحل هو التطور والبحث في إيجاد هويتنا الخاصة جداً، فالإمكانات والتنوع والأدوات والتي هي أساس لكل عمل ناجح هي بالمتناول وبسوية راقية فلماذا الانتظار وما المانع لأن يكتمل مشروع الفرقة الوطنية للموسيقا العربية؟؟

نحن كفرقة استطعنا تقديم الكثير من الحفلات الناجحة سواء في سورية أو خارجها لكننا رغم ذلك متوقفون عن تقديم أي عمل منذ سنة لعدم وجود الدعم المادي لهذه الفرقة!!

لو سألتني أين هي الفرقة الوطنية للموسيقا العربية اليوم ومن يدعمها فلا أعرف جواباً!!

لقد عملت على هذا المشروع منذ بداية 1994 ولم يكن هناك الدعم الكافي للفرقة، رغم أنه كان لنا شرف المشاركة في افتتاح دار الأوبرا في 2004 وسميت فرقتنا آنذاك بالفرقة الوطنية للموسيقا العربية لكننا منذ ذلك التاريخ وحتى الآن لسنا حاضرون كما نريد رغم كل النجاحات التي حققناها!!

اما بالنسبة للدعم المقدم وكيف!! فنحن بدوام البحث عن الراعي والذي أصبح موضوعها محرج للغاية، فتارة تصيب وتارة تخيب.. وأملنا في أن تستمر جمعية "صدى" مشكورة في كرنفالاتها والتي من ضمنها الاحتفالية للموسيقا العربية.

لقد ظهرت فرق موسيقية كثيرة في سورية، وهذا أمر مفرح للجميع لكن كيف يمكننا تحليل هذا الأمر؟ ولماذا؟!

هل ما نعيشه هو أمر صحي؟!

وهل هناك موسيقا حقيقية بأقل ما يمكن من البروفات؟!

هل يملك الموسيقيون الحق بالعمل في أماكن أخرى لأنهم لا يملكون السبيل إلا بالعمل المشتت ضمن فرق كثيرة كي يستطيعوا العيش؟

أنا أرى أن كل تلك المشاكل لن يكون لها حل إلا بالعمل وفق نظام محدد يقدر قيمة أية فرقة مبدعة ليكون هناك حساب ومحاسبة، ونعمل فيتم تقدير عملنا ونعطي لأننا نرى أن هناك من يقدر هذا العطاء.

وكما أننا عملنا مع الإدارات السابقة لدار الأسد للثقافة والفنون وكانوا متعاونين ضمن الإمكانات المتاحة والتي نطمح أن تكون أكثر مرونة مع الإدارة الجديدة، وعذراً إن قلت "فالمرونة" هي كناية عن البند المالي الذي آن له أن يستجيب!!

أخيرا وكما يقال ان أردت معرفة حال المجتمع ورقيه وازدهاره فقط استمع لموسيقاه!!!

وهذه حقيقة لا يمكن تجاهلها فالفن مرآة المجتمع، وهذا يعني الكثير ولا حاجة للخوض في التفاصيل، فقد أصبحت مملة دونما أفعال..!

كيف ولدينا كل الامكانات التي تخولنا لنكون في المقدمة...!

يذكر أن عصـام رافـع:

من مواليد الكويت /1971/ حيث بدأ دراسته الموسيقية بالمدرسة الابتدائية عن طريق الاشتراك في النشاط الموسيقي، ثم تلقى دروساً في آلة العود على يد الأستاذ عبد الرؤوف إسماعيل إلى أن التحق بالمعهد العالي للموسيقى سنة إحداثه

/1990/ كعازف عود، وكان قد درس على يد الأساتذة "فايز زهر الدين"، و"عارف عبد الله"، وأخيراً "عسكر علي أكبر".

تخرج من "المعهد العالي للموسيقى" سنة 1994- 1995 باختصاص عود وقيادة فرق عربية ـ وآلة ثانية كونترباص. وكان أول طالبٍ يختص في المعهد بمادة النظريات والهارموني على يد البروفيسور "فيكتور بابنكو" حيث درّس هذه المادة فور تخرجه.

شارك مع الفرقة السيمفونية بقيادة الأستاذ "صلحي الوادي" ولعدة حفلات كعازف منفرد على آلة العود وله مشاركات عديدة في مهرجاناتٍ عربيةٍ وعالمية منها: مهرجان دول البحر المتوسط سنة 1992 في الجزائر برعاية الإيكيوم, اكسبو 1992 في إسبانيا بمدينة اشبيليا, مهرجان طنجة وأصيلة مع الفرقة العربية في المغرب بقيادة الأستاذ حميد البصري سنة 1993, مهرجان طرابلس في لبنان, مؤتمر الموسيقى العربية لأعوام 1994- 1995- 1997- 1998, مهرجان دول البحر المتوسط في مرسيليا سنة 1993 برعاية الإيكيوم, مهرجانات (بابل – الكويت – تركيا), مهرجان الموسيقى الدينية في مرسيليا سنة 2002 برعاية الإيكيوم.

عضو مؤسس لفرقة حوار وعازف عود فيها حيث جالت الفرقة في العديد من البلدان أهمها: ألمانيا- بريطانيا- الولايات المتحدة الأمريكية.

حاز مع التخت الشرقي على الجائزة الثانية سنة 1997 في مسابقة التخت الشرقي في مصر وحازت آلة العود على الجائزة الرابعة بمسابقة التقاسيم لمختلف الآلات العربية، وكانت من نصيبه.

يشغل الآن منصب رئيس قسم الموسيقى العربية في المعهد العالي للموسيقى وقائد الفرقة الوطنية للموسيقى العربية التابعة للمعهد.