«ألو، إحنا من شركة "؟؟؟" لتنقية المياه، أجرينا قرعة، ومن حسن حظنا طلع رقمك، حضرتك ساكن بمنطقة"؟؟؟" بريف "دمشق"، طيب ممكن نمر لعندكم، نحلل مياه الشرب مجاناً، ونركب لك جهاز لتنقية المياه بسعر تشجيعي بعد الاطلاع على النتائج اللي رح تلاحظها بنفسك وتشوف أديش منيحة». بهذه اللهجة، خاطبني عبر الهاتف أكثر من مندوب لشركات تركيب فلاتر تصفية مياه، وغالباً ما تكون ذات وقع سريع، بحيث يصعب على المرء فهمها من المرة الأولى، وغالباً ما يقع المستهلك ضحية خداع هؤلاء المندوبين؟!

السيد "أحمد علاوي" من "منطقة الحجر الأسود" تحدث عن تجربته مع مندوبي أجهزة تنقية المياه لــــ eSyria بتاريخ 3/3/2009/ : «بعد يأسي من أن يتوقف بائعو أجهزة تنقية المياه عن الاتصال بي لإجراء تجربة للمياه التي تزودني بها مياه ريف دمشق فيما إذا كانت صالحة للشرب أم لا، قلت لنفسي لمَ لا أجرِي تجربة لمعرفة نتيجة تنقية الفلتر للمياه ما دامت المسألة مجاناً، فدعوتهم للمجيء لمنزلي، وكانت نتيجة التجربة مهولة، حيث ظهرت عينة المياه التي تم أخذها من مياه منزلي ذات ألوان متعددة كما لو أنها قوس قزح لأقول لنفسي مباشرة كم هي المياه ملوثة ألا يكفي أنها مياه كلسية، بهذه اللحظة قررت أن أشتري جهازاً لكنني تريثت قليلاً لأنني لا أملك ثمنه، وقلت لهم سأتصل بكم في وقت لاحق ريثما أؤمن ثمن الجهاز الذي يتجاوز الـــ (20) ألف ليرة بقليل، فاتصل مندوب شركة الفلترة بشركته من جهاز هاتفي يعلمهم أنه زارني في بيتي وأجرى تجربة أمامي، (ليتقاضى عمولته من الشركة كما عرفت لاحقاً) وأنني سأتصل لاحقاً بالشركة لأشتري جهازاً، ولكنني لم أتصل حتى الآن لعدم توفر المبلغ».

اشتريت فلتر تنقية المياه بمبلغ وقدره (20) ألف ليرة سورية تقسيطاً من حوالي سنتين من شركة تضمن الجهاز لسنوات ثلاث، وليس من بائع جوال، وبتركيبه ارتحت من شراء المياه من البائع الجوال سواء للشرب أو الطبخ

السيد "عدنان جبريل" من منطقة "الحجر الأسود" قال: «اشتريت فلتر تنقية المياه بمبلغ وقدره (20) ألف ليرة سورية تقسيطاً من حوالي سنتين من شركة تضمن الجهاز لسنوات ثلاث، وليس من بائع جوال، وبتركيبه ارتحت من شراء المياه من البائع الجوال سواء للشرب أو الطبخ».

فلتر منزلي بوضعية الاستخدام

eSyria اتصل مع المهندس "هيثم غنيم" معاون مدير عام مياه ريف "دمشق" وسأله فيما إذا كانت مياه ريف دمشق صالحة للشرب، وفيما إذا كانت المؤسسة تنصح المواطنين بتركيب فلتر لتنقية المياه، علماً أن المؤسسة تتقاضى أسعار المياه كما لو كانت مياه فيجة؟

المهندس "غنيم" قال: «بداية أنا لا أستطيع أن أنصح أي شخص بشراء فلتر لتنقية المياه أو أمنعه من شرائه، فهذا موضوع شخصي، مع العلم أنني شخصياً، أشرب من المياه التي أتزود بها من المؤسسة في عرطوز بريف دمشق، وهي مياه آبار، لكن بالمقابل مياه الغوطة الشرقية تحتوي على نترات عالية وهي غير صالحة للشرب، كما أن مياه الحجر الأسود غير صالحة للشرب، أما الفلاتر فغالباً ما تنتج مياهاً مقطرة غير مستساغة، مع التأكيد أن المؤسسة تزود المواطنين بمياه ضمن المواصفات القياسية السورية فيما يخص نسبة الكلس».

م. طارق فتينة

eSyria التقى أيضاً المهندس "طارق فتينة" مندوب مبيعات في شركة الجدول لتقنيات المياه وسألناه عن الأسلوب الذي يتبعه المندوبون الجوالون لبعض شركات تنقية المياه في الترويج لبضائعهم فأجاب: «طريقة تحمل الكثير من الغش، فمن المعروف أن تشريد المياه يؤدي إلى أن تأخذ المعادن ألوانها الأساسية، وهذا سبب تلون المياه بعد تشريدها، وهي مسألة كيميائية بحتة، وليس أي شيء آخر بدليل إذا تركت هذه المياه فترة من الوقت تعود إلى حالتها الطبيعية، وأعتقد أن الحل يكمن في ضرورة تنسيق العمل بين وزارتي الصحة والاقتصاد ومديرية الجمارك لوضع معايير محددة بفلاتر تصفية المياه مع ضرورة تقديم الشركات المسوقة لهذه الفلاتر لشهادات صحية من الدول المنتجة، بمعنى آخر لابد من ضبط عملية التسويق المباشر».

ويضيف "فتينة" حول أجهزة الفلاتر فيقول: «الأجهزة تقوم بتنقية المياه من الأملاح، وتخفف من نسبة الأملاح المنحلة، وكما هو معروف فإن المقياس الأمريكي يقول يمكن شرب مياه درجة قساوتها دون الـ (500) فيما منظمة الصحة العالمية تسمح بشرب المياه التي درجة قساوتها دون الألف، وفوق الرقمين المذكورين لا ينصح بشربهما، وإذا انخفضت نسبة الأملاح في المياه عن الـ 4% وغالباً ما يتم ذلك بعد فلترتها فلا ينصح بشربها، لكن يمكن تعويض الشوارد بإضافة خرطوشة أملاح معدنية بعد عملية التصفية».

خرطوشة مياه معدنية

المهندس "نابه نابلسي" صاحب شركة التنقية التخصصية للمياه أكد للموقع أن مياه ريف دمشق في غالبيتها تحتاج لفلترة: «أعتقد أن المياه تحتاج لتنقية سواء من الأملاح المنحلة بنسب عالية أو من الجراثيم والبكتريا وما شابه، وهناك عدة طرق تعمل بموجبها الفلاتر لمعالجة مياه الشرب وتحسين نوعيتها وتخليصها من غالبية التأثيرات البيئية والكيميائية وتخليصها مما شابها من معادن منحلة نتيجة مرور المياه ضمن طبقات الأرض الغنية بمعادن مختلفة مثل، المغنيزيوم، الحديد والكبريت وغيرها، والتي تعطي الماء طعماً غريباً ورائحة غير مقبولة ولوناً غير رائق، إضافة إلى قساوة ترهق جسم الإنسان بما هو غني عنه».

إذن الجميع اتفق إلى حد كبير على ضرورة تنقية المياه، وإن مؤسسة المياه بريف دمشق بلسان معاون مديرها العام المهندس "هيثم غنيم" لم يشر صراحة بذلك، رغم تأكيده عدم صلاحية مياه بعض المناطق للشرب.

فعلى من تقع مسؤولية تقديم مياه صالحة للشرب للمواطن، ومن المسؤول عن مراقبة أجهزة تنقية المياه المنزلية ومدى صلاحيتها ولاسيما تلك التي يروج لها الباعة الجوالون كمندوبين لبعض شركات تنقية المياه ربما كانت وهمية؟؟؟.