يعتبر المناخ السوري من أكثر المناخات تميزاً وتشجيعاً على تربية النحل في العالم، ويعود ذلك إلى تعدد مواسم العسل في العام الواحد، وذلك عن طريق ترحيل خلايا النحل من مكان لآخر حيث تتفتح الأزهار تباعاً، الأمر الذي يؤمن عائداً اقتصادياً كبيراً للنحال وللاقتصاد السوري، ويسهم كذلك بتنوع إنتاج سورية من العسل المعروف بفوائده الطبية ونكهاته المميزة.

إن هذه الأعسال التي تتفرد بها سورية، والتي تطلب بالاسم في كثير من دول العالم، تعود إلى عدد من المراعي الرئيسية تنتشر في ربوعها.

يعتبر "عسل الشنديب" أهم أنواع العسل الذي تنتجه "السويداء"، ويتميز بفوائده الطبية الكثيرة، وخاصة بالنسبة للقلب"

موقع "eSyria" بحث عن أشهر المراعي السورية، وبدأ من "محافظة إدلب" والتي تحتل المرتبة الأولى في إنتاج العسل بين المحافظات، المهندس الزراعي "خالد السيد" رئيس "مصلحة النحل والحرير" في مديرية "زراعة إدلب" تحدث عن أهم أنواع العسل التي تنتجها المحافظة، بقوله: «في الحقيقة، تنتج "إدلب" عشرة أنواع من العسل هي: "عسل حبة البركة"، "عسل القطن"، "عسل الجيجان"، "عسل اللوزيات"، "عسل الكينا"، "عسل الكزبرة"، "عسل الوشنة"، "عسل العبادي"، "عسل المحلب"، "عسل الشوكيات"، وتتوزع مراعي هذه الأعسال في عدد من المناطق أهمها "المعرة" ، "أريحا" ، "الروج" ، "الجسر"، "الدانا"، "دركوش"، "حارم"، وتعتبر مراعي "حبة البركة" أهم هذه المراعي في المحافظة، لكونه نباتاً يعطي رحيقاً غزيراً، وينتج كمية وافرة من العسل، ولكونه أيضاً يباع بأسعار عالية بسبب فوائده الطبية المتعددة خاصة فيما يتعلق بتدعيم "جهاز المناعة"، ويمكن تمييزه بطعمه المميز ولونه القاتم».

النحلة سورية تجمع الرحيق من نبات شوكي

من جهة أخرى نجد أن محافظة السويداء تتميز بمراعيها الجبلية المنتجة لأعسال عالية الجودة، المهندس "برهان شبلي" رئيس "شعبة النحل" في "مديرية زراعة السويداء" أشار إلى أن "السويداء" تتميز بمراعي "النفل والأشواك البرية" وهي مراع جبلية غير موجودة في بقية المحافظات، وتابع "شبلي" حديثه بالقول: «يعتبر "عسل الشنديب" أهم أنواع العسل الذي تنتجه "السويداء"، ويتميز بفوائده الطبية الكثيرة، وخاصة بالنسبة للقلب"».

لعل أكثر مناطق سورية تنوعاً وغنىً بالمراعي المنتجة للعسل واستقطاباً للنحالين؛ هي المناطق الساحلية وذلك يعود لاعتدال مناخها، ويعتبر "عسل الحمضيات" أشهر أعسالها، النحال "محمود حسيان" تحدث عن بعض فوائد "عسل الحمضيات بقوله: «يستخدم هذا العسل لعلاج عدد من الأمراض، فهو يفيد في علاج "التشنجات المعوية"، ويفيد المصابين بالعصبية والقلق، وكذا ينصح بتناوله لعلاج حالات الصداع والأرق وخفقان القلب، وفي علاج أمراض "جهاز التنفس"، وهو عسل سهل الهضم يمكن للأطفال تناوله، كما يتميز بانخفاض أسعاره في السوق السوري».

لا تقتصر المراعي الموجودة في الساحل السوري على الحمضيات، فقد تحدث النحال "بشار محفوض" أشهر مربي النحل في الساحل السوري وأحد المصدرين لهذه المادة، عن مراعي الساحل بقوله: «أشهر أنواع العسل في الساحل هي "الحمضيات"، يليها عسل "حبة البركة"، فعسل "الكينا"، و"اليانسون"، وكذا "عباد الشمس"، "العجرم"، "الأكيدنيا"، وهناك "العسل الجبلي" عالي المردود وهو مستخرج من الأشواك والأزهار الجبلية وأعشابها"».

ويتابع "محفوض" موضحاً حدوث انحسار في بعض أنواع المراعي المميزة للساحل بقوله: «هناك مراع وأنواع من العسل اختفت كعسل "الطيون، الديس، العكبر (السرو)، الزعتر الخليلي" وأسباب اختفائها مختلفة، بعضها يعزى إلى الرعي الجائر، وبعضها إلى المبيدات الحشرية التي تسببت أيضاً بفقدان عسل "زهرة الماير"، فقد أدى رشها بمواد كيميائية إلى آثار سلبية تظهر لدى التحليل الكيميائي للعسل، وتعيق تصديره لمخالفته للمواصفات العالمية».

النحال "محمود حسيان" ختم حديثه بذكر أحد المراعي المرغوب فيها من قبل النحالين وهي "مرعى اليانسون"، وأضاف بقوله: « في الحقيقة، يسافر كثير من النحالين خصيصاً من أجلها، ويوجد مقولة معروفة لدى النحالين في سورية تقول "إذا لم ينجح "مرعى اليانسون" فلن ينجح موسم العسل" لأنه نبات يعطي رحيقاً غزيراً يجني منه النحال كمية كبيرة من العسل، و"عسل اليانسون" قاتم اللون لذيذ الطعم لا يتبلور بسهولة، وهو مرغوب به كذلك لفوائده الصحية؛ فهو يفيد في حالات السعال وأزمات الربو، ويستعمل كمقشع في حالات السعال الجاف، ومن المراعي الأخرى الهامة في سورية كذلك؛ "مرعى القطن" الذي يشكل الفيض الرئيسي للعسل في سورية، نظراً لاتساع مساحات زراعة هذا المحصول، ويتميز عسله بأنه خفيف وله رائحة خاصة وطعم طيب ويتجمد بسرعة ويتحول إلى اللون الأبيض».

(*): فريق مراسلي "eSyria": عماد زهران- إدلب؛ بلال سليطين- اللاذقية؛ ضياء الصحناوي- السويداء؛ ديمة النجار- دمشق؛ عمر المالكي- دمشق.