طريقة تقديم شامية واظبت عليها العائلات الدمشقية وهي تقديم "مشروب الكراوية" للمهنئين في استقبال المولود الجديد.

موقع "eDamascus" وللحديث عن هذه العادة الدمشقية الشامية والتي مازالت عائلات دمشق تواظب عليها التقى الباحث والمؤرخ الدمشقي "طارق مردليّ" ليحدثنا عن هذه العادة، قائلاً: «جرت العادة في بعض البلدان العربية وخصوصاً "دمشق" على تقديم مشروب مغلي "الكراوية" عند قدوم المولود الجديد كما تقدم "الكراوية" أيضاً للنفساء حسب العادات الدمشقية التي لا تزال محافظة عليها حتى الآن، حيث تقدم كذلك للذين يأتون للتهنئة بالمولود الجديد فتقدم "الكراوية" بعد وضع المكسرات ومبروش جوز الهند على وجهها».

نقدم "الكراوية" للمرأة "النفساء" لأنّه مدرّ للحليب ومقوّ لها، إذ نحضره ونوزعه على الأهالي والمحبين والمهنئين، لأنها عادة "أهل الشام" منذ القديم

وأضاف "مردلىّ": «‏هذا تقليد قديم جداً يعود إلى ما قبل الميلاد وما قبل "الفراعنة في مصر"، الذين كانوا يعبرون عن غبطتهم بقدوم أولادهم لأنهم كانوا يرون فيهم استمرارية الحياة، فيقدمون القرابين لآلهة الولادة والحياة عندهم، وفي بلدنا "دمشق" الفرحة بقدوم المولود الجديد لا تعادلها فرحة وهي واحدة في كل أرجاء "سورية"، لكن التعبير عنها يختلف من منطقة إلى أخرى حسبما جرت العادات والتقاليد».

حباشات الكراوية

ويتابع "مردلىّ": «في "دمشق" وعند "أهل الشام" بالذات يقيم البعض ما يسمى "المولد" بقصد المباركة بالمولود الجديد، والبعض يقدم للمهنئين ما يسمى مشروب "الكراوية" الساخن، وهو تقليد شامي يجري عند أهل "دمشق" منذ أكثر من /150/عاماً وما يزال حتى الآن، ويقدم حصرياً في هذه المناسبة فقط».

وعن "نبات الكراوية" حدثنا السيد "ياسين أبو الشامات- أبو محمود" صاحب أحد المتاجر في "سوق البزورية"، قائلاً: «"الكراوية" نبات عشبي أصله من منطقة "المغرب العربي" لكنه يزرع عندنا في "سورية" بسهول "حماة"، والبعض يطلق عليه اسم "كمون أرمني" لأنه يشبه الكمون في كل شيء إلا أن رائحته تختلف، فالجزء المستعمل منه هو البذور الناضجة التي تشبه بذور الكمون تماماً، وبعد زراعته وحصادها تفصل البذور عن العشب وتغربل جيداً للتخلص من الشوائب والغبار، ولبذوره رائحة خاصة معروفة تميزه من غيره من البذور التي تشبهه، تحتوي هذه البذور على مادة زيتية يتم استخلاصها واستخدامها في مجالات مختلفة».

زبادي مشروب الكراوية

وعن فوائد "الكراوية" يضيف الحاج "محمد دبّا- أبو محمد" طبيب أعشاب: «"للكراوية" فوائد مهمة إذ تعتبر من المواد الغذائية الهاضمة الطاردة للانتفاخ ومسكنة للمغص، كما أنها تستعمل بشكل خاص، وكما هو شائع في بلدنا للمرأة حديثة الولادة لأن بذورها تعتبر مدرّة لحليب المرأة المرضع، وهي مُلينة للأمعاء ومضادة لبعض الآلام».

وعن طريقة تحضير مشروب "الكراوية" حدثتنا السيدة "منال صيداوي" عن إعدادها: «يتم وضع ماء مغلي على النار، ثم تضاف كمية متساوية من "الكراوية" المطحونة مع كمية متساوية من مسحوق الرز الناعم وإضافة كمية قليلة من السكر ويتم التحريك جيداً حتى يصبح الخليط كثيفاً، بعدها يرفع عن النار ويسكب في زبادي، ويتم تزيينها بعدة أشكال، وكما يسمها أهل الشام "الحباشات" وهي الفستق الحلبي المطحون، واللوز المبروش، وجوز الهند، والجوز البلدي، وتقدم إلى المهنئين والمباركين كشكل من أشكال التعبير عن الفرح».

سوق البزورية

السيدة "ابتسام طرقجي" تضيف عن هذا التقليد الدمشقي في استقبال المولود الجديد: «كان يستقبل المولود وأمه بالزغاريد المخصصة لهذه المناسبة، ولا يوجد عند أهل الشام أفضل من "الكراوية" كضيافة للمهنئين، فهو تحلاية رائعة ولذيذة لأنّنا نضع على وجهها الكثير من المكسرات الفاخرة، كدليل على الفرحة والكرم».

السيدة "مريم مدرك" قالت: «نقدم "الكراوية" للمرأة "النفساء" لأنّه مدرّ للحليب ومقوّ لها، إذ نحضره ونوزعه على الأهالي والمحبين والمهنئين، لأنها عادة "أهل الشام" منذ القديم».