لا تخلو المائدة الشامية من طبق يزيد عمره على الألف عام مهمته لا تقتصر على تزيين الأطباق فحسب، بل مهمته الأولى فتح الشهية للطعام، هذا الطبق هو "المخلل" الذي يعتبر أكلة تراثية تاريخية اكتشفته في البداية النساء وأخذه الرجال حتى صارت لهم مهنة وتخصصت المحلات ببيعه وتفننت بتشكيلاته حتى دخل كتاب الأكلات التراثية عن جدارة.

ومن بلاد الشام انطلقت إلى كل الأرجاء فيسمونه في مصر "الطرشي" وفي لبنان "الكبيس" وفي سورية "المخلل" الذي كانوا يحفظونه في جرار فخارية وتباع على عربات في الحارات والأسواق.

نشتريه أحياناً إذا افتقدناه في البيت، لكني أفضل تحضيره في منزلي، لأن بعض المحلات يستعملون الكثير من الأصبغة في تجهيزه وهذا يضر جسم الإنسان

فكيف يصنع وما هي طريقة إعداده ومنافعه الصحية؟

السيد "بسام الخليلي"

و للإجابة على هذه التساؤلات موقع esyria بتاريخ 14/9/2009، التقى السيد "بسام الخليلي" صاحب محل لبيع المخللات بأنواعها العديدة والذي قال: «المخلل مادة غذائية قديمة ومعروفة عند أهل الشام منذ مئات السنين والفكرة جاءت من خلال المحاولة على الاحتفاظ بخضار الصيف للشتاء وخضار الشتاء للصيف بحيث لا يكونون محرومين منها طيلة أيام السنة، وقديماً كانت أنواع الخضار التي يتم تخليلها محدودة مثل "اللفت والخيار والفليفلة" أما الآن فقد تم توسيع هذه المهنة حتى استطعنا تحضير مخللات من كافة أنواع الخضار وبعض الفاكهة أيضاً مثل "الجانرك والعوجا" وهي لا تعتبر أكلة بحد ذاتها، إنما هي مادة مشهية وفاتحة للقابلية وتعطي طعماً طيباً مع أكلات محددة مشهورة عند أهل الشام مثل "الفول والفتات بأنواعها"».

وتابع السيد "بسام الخليلي" حديثه حيث قال: «رغم بساطة تحضير المخللات إلا أن البعض يفضل شرائها من الأسواق والمحلات والبعض الآخر يحضرها في البيت، والتخليل للخضروات يعتبر من الصناعات الغذائية والزراعية الهامة في الريف والمدن وهي تعتمد على مبدأ حفظ الخضروات لمدة شهور أو أكثر في محلولات ملحية مع إضافة كمية من مادة روح الخل، وأكثر أنواع الخضار التي يتم تخليلها هي الخيار والقثاء واللفت والشمندر الأحمر الأكثر رغبة لدى الناس».

مخللات ممونة

وعن طريقة التخليل أضاف: «أولاً تفرز ثمار الخضروات مثل الخيار بحيث تكون صغيرة الحجم وقليلة البذر من داخلها ويمكن ثقبها عدة ثقوب ويتم غسلها ووضعها في أوعية كبيرة، ثم نغمرها بمحلول ملحي حتى يكون المقدار كل 1 ليتر ماء يقابه 100 غ ملح ويضاف إليه روح الخل بمقدار 40 غ ثم تعبأ "بمرطبانات" محكمة الإغلاق وتحفظ لحين الاستعمال، والبعض يستعمل المواد الحافظة وهي التي تحافظ على اللون مثل مادة "اليخضور"، وحالياً توسعت صناعة حفظ المخللات وأصبح لها معامل خاصة حيث استطعنا تخليل كافة الخضراوات تقريباً مثل زهرة "القرنبيط والملفوف والفاصولياء والباذنجان والجزر"...إلخ، ومدة الصلاحية كبيرة طالما محفوظة في الماء والملح».

وختم بقوله: «المخللات مرغوبة في أغلب الأوقات وخاصة في رمضان وأيام الشتاء لأنها تبعث على الدفء، إضافة إلى افتقادنا لبعض أنواع الخضراوات في هذا الفصل مثل الخيار».

"فليفلة" جاهزة للتخليل

السيد "كامل بيطار" اشترى بعض المخلل وحدثنا عنه قائلاً: «المخلل معروف في الشام منذ القديم حتى أنني أتذكر أنه كان يباع للأطفال في العيد وكأنه أكلة فاخرة رغم توفره في البيوت بذلك الوقت، وأنا اشتريه جاهزاً من السوق لأن إعداده في البيت يحتاج إلى وقت وجهد كبيرين».

أما السيدة "زهراء صلاح الدين" فقالت: «نشتريه أحياناً إذا افتقدناه في البيت، لكني أفضل تحضيره في منزلي، لأن بعض المحلات يستعملون الكثير من الأصبغة في تجهيزه وهذا يضر جسم الإنسان».