أرقام قياسية جديدة ومتجددة دوماً يحطمها السيد "منير السيد" عندما يبدأ بالعطاس المتكرر ولمدة قد تصل إلى خمس دقائق في كل نوبة عطاس تباغته، "منير" يقول إن هذه النوبات لا تزوره إلا في فصل الربيع، أما باقي فصول السنة فإنه نادراً ما يفاجأ بالعطاس وإن أتى لا يتكرر إلا مرة واحدة أو اثنتين.

حالة السيد "منير" ليست استثنائية، إذ إن نسبةً كبيرةً من الناس تتعرض خلال أشهر الربيع الثلاثة إلى نوبات متكررة من العطاس واحمرار وحكة في العين والأنف، ويعم الارتباك والخلط فيما إن كان ذلك نوبة حساسية أو نتيجةً لإصابة الإنسان بأحد أنواع "الانفلونزا"،و لمعرفة الأسباب التي تقف وراء هذه الأعراض وسبل الوقاية والتخفيف منها؛ موقع "eSyria" التقى بتاريخ 15/4/2010، الدكتور "حسان إبراهيم مصطفى"، اختصاصي أمراض "الأنف والأذن والحنجرة" وجراحتها، والذي بدأ حديثه عن الاسم الطبي لهذه الأعراض:

على الرغم من كون هذه الطريقة تخفف من حالات العطاس أو السيلان التي يسببها "التحسس الربيعي"، ولكن لا أعتقد أنه يوجد علاج يقضي على أعراض التحسس نهائياً

«يتعرض عدد كبير من الناس في الفترة الممتدة من منتصف شهر "شباط" وحتى نهاية شهر "نيسان" بما يسمى "التحسس الربيعي" أو Hay Fever، لذا يجب أولاً أن نفرق بين هذا التحسس وبين أمراض أخرى، "فتحسس الربيعي" لا يأتي إلا في فصل الربيع، أما أنواع التحسس أخرى فتتوزع على السنة كلها مثل "التحسس العيني"- الرمد والذي تسببه أشعة الشمس، وهناك "التحسس الأنفي" الذي يترافق مع سيلان عام وعطاس شديد مع حكة في الحلق، ويجعل العين تدمع، والبعض يتعرض لتحسس في "القصبات الهوائية" فالتنفس يصبح لديه صعباً ويترافق مع إحساس بضيق في الصدر، وهناك أنواع كثيرة أخرى من "التحسس" تصيب مناطق عدة في الجسم.

الدكتور "حسان ابراهيم مصطفى"

ويمكن لنا أيضاً أن نفرق بين "التحسس الربيعي"، وبين "نزلات البرد"- انفلونزا بالقول بأن "الانفلونزا" فيروسية، تزور المريض من /3/ إلى /4/ أيام ويشفى منها، ويرافقها تعطيس أقل، وسيلان مخاطي، وارتفاع في درجة الحرارة، كما يصيب الجسم توعك وتعب، ويشعر المريض بصداع في رأسه.

أما "التحسس الربيعي" فمدته أطول من "الانفلونزا"، ويكون "السيلان مائياً"، ولا يشعر المريض بارتفاع في درجة الحرارة، أو توعك في الجسم أو صداع في الرأس».

السيدة "باسمة نفاخ"

وعن أسباب "التحسس الربيعي" الصيدلاني "عدنان ميداني" كان قد قدم دراسة متكاملة عن مسببات التحسس، وعن ذلك يخبرنا: «يأتي "التحسس الربيعي" من "غبار الطلع" أو من أجزاء الحشرات أو حتى من غبار الجو، وينتقل من الأرياف إلى المدن، وعندما يصل هذا الغبار إلى المدينة يبقى محصوراً في جو المدينة المغلق ما يزيد في نسبته في الهواء فيؤثر على الأشخاص الذين يوجد لديهم قابلية للتحسس منه، وخاصة عندما يكون سكن هؤلاء الأشخاص مجاورين بشكل مباشر للحقول الزراعية.

فكلما ازدادت نسبة الغبار في الهواء المستنشق تظهر الأعراض بوضوح، وهي "احمرار وحكة العين"، وأعراض تنفسية "كنوبات التعطيس" التي قد تصل إلى /15/ أو حتى /20/ مرة يرافقها سيلان مائي وليس مخاطي في الأنف، وحكة أنفية، وقد ترتفع حرارة الجسم في الحالات الشديدة».

وعن السبب الذي يجعل بعض الأشخاص دون غيرهم يصاب "بالتحسس الربيعي" أشار الدكتور "حسان" بقوله: «إن التحسس بشكل عام "بنيوي" أي إنه يتبع بنية الجسم، والأشخاص المهيؤون للإصابة بنوبات التحسس يكون السبب وراثة بكل تأكيد، فالتحسس الجلدي مثل "الأكزيما" يكون وراثياً من الأهل أي إنه يوجد تاريخ لهذا المرض في العائلة، وكذا الأمر بالنسبة "للربو" فيكون لدى الأم أو الأب، وفي هذه الحالات السابقة نجد الجسم مهيأً للحساسية، وهو ما يفسر عدم اصابة كل الناس بها في حال تعرضوا لنفس النسبة من "غبار الطلع"».

حالما تبدأ نوبة العطاس يلجأ المريض إلى فتح الشبابيك وتغير هواء الغرفة، معتقداً أن الهواء الذي في الخارج سيوقف أعراض التحسس الربيعي، ولكن هذا الأمر ليس دقيقاً كما يقول دكتور "الميداني" الذي تحدث عن سبل الوقاية من التحسس بقوله: «يتجسد العلاج الرئيسي "للتحسس الربيعي" في عدم التعرض لغبار الطلع أو الهواء الذي يحمل غباراً في الطريق، لذا ننصح بتجنب فتح الشبابيك صباحاً على وجه الخصوص، لأن هذا الوقت الذي ينتقل به هواء الأرياف إلى المدن.

أما ظهراً فيكون الغبار المحمول في الهواء قد استقر على الأرض بفعل الاحتباس الذي يشهده جو المدينة وتخف نسبة تركيز الغبار في الهواء، كما يجب تجنب الحدائق أو أماكن انتشار وزراعة الأشجار في فصل الربيع لدى الأشخاص الذين يعتقدون أن لديهم قابلية للتحسس، ولذا فالأفضل قضاء الرحلات في المناطق الجبلية بدلاً من الحقول، وينصح بوضع كمامة في حال الاضطرار، ويمكن كذلك استخدام النظارة الشمسية».

الدكتور "حسان" نبه من أن أعراض التحسس إن طالت، ويجب معالجتها دوائياً وذلك خوفاً من انتقال التحسس إلى الصدر وتحوله إلى مرض آخر هو "الربو"، حيث قال: «عندما يكون لدينا تحسس شديد مترافق مع انسداد في الفتحات الأنفية وأدى ذلك إلى اضطرار المريض إلى استخدام فمه أثناء التنفس، وتركه دون علاج؛ يتحول التحسس إلى "التهاب قصبات تحسسي"، ومن ثم يتحول إلى "ربو تحسسي"».

موقع "مدونة وطن" التقى مع السيدة "باسمة نفاخ" التي تحدثت عن بعض الطرق الشعبية المتداولة في علاج أعراض "التحسس الربيعي"، وهي عبارة عن استنشاق بخار صاعد من الماء المغلي مع البابونج، وتضيف السيدة "باسمة" بقولها: «على الرغم من كون هذه الطريقة تخفف من حالات العطاس أو السيلان التي يسببها "التحسس الربيعي"، ولكن لا أعتقد أنه يوجد علاج يقضي على أعراض التحسس نهائياً».

الدكتور "حسان مصطفى" قسم الطرق المتبعة في علاج "التحسس الربيعي" إلى قسمين، هما العلاج الدوائي والعلاج الموضعي الذي يشمل قطرة عينية بالنسبة لاحمرار العين، وبخاخة الأنفية لمعالجة السيلان، أما الدكتور "ميداني" فقد فصل في العلاج الدوائي ودرجاته حيث قال: «نعالج "التحسس الربيعي" دوائياً في حالات الأعراض الخفيفة بأن نستعمل مضادات الهيستامين مثل "loratadin"؛ "disloratadin"؛ "fexofenadin" (هذه الأسماء هي الأسماء الطبية المعتمدة وتختلف اسماؤها التجارية حسب المصنع)، ويعالج السيلان بمضادات الاحتقان، وأما الحرارة فبالخافضات.

وعند حدوث حالات تحمل أعراضاً شديدة يمكن استخدام "أبرة كورتيكو ستيروئيدات" مثل "betamethazone" مرة في العام لتخفيف هذه الأعراض».

وختم بقوله: «أحب القول بأن إعطاء هذه الإبرة لمرة واحدة في العام غير ضار للجسم، عكس ما يتحدث عنه البعض، والضرر يأتي فقط عند استعمال كميات كبيرة منه للمرضى داخل المشافي».