منذ أكثر من خمسين عاماً عمل السيد "صلاح صلوحة" في بيع الكتب على الرصيف في شوارع "دمشق"، بدأ حبه للكتاب من خلال بيعه للهريسة حيث تحول اهتمامه إلى اقتناء الكتب ليقدم لزبائنه غذاءً أكثر قيمة من الهريسة وأقل سعراً.

للاطلاع على المزيد من تجربته في بيع الكتب، موقع "eSyria" زار السيد "صلاح صلوحة" في مكان عمله "مكتبة الرصيف" تحت "جسر الرئيس"، عن مزاولته لمهنة بيع الكتب يحدثنا السيد "صلاح": «بدأت العمل بمهنة بيع الكتب منذ عام 1965، في البداية كنت أبيع الهريسة على عربة والدي، حيث كنت أشتري المجلات بالكيلو للف الهريسة بها، بعض الزبائن كانت تزعجهم فكرة لف الهريسة بأوراق الكتب فبادروا بشرائها مني، وبفضلهم بدأت بشراء المجلات والكتب من البقاليات وبيعها».

أنا كمعد برامج سياسية في التلفزيون أبحث عن القيمة الوثائقية للكتاب، فدائماً أجد في مكتبة الرصيف وثائق تهمني ويرجع تاريخها إلى نصف قرن

منذ الصباح الباكر يفترش "صلوحة" بضاعته النادرة، وخلال عمله كوَّن علاقات واسعة مع المثقفين الذين يرتادون مكتبته البسيطة بشكلها والغنية بمحتواها، عن ذلك يقول السيد "صلوحة": «الزوار أغلبهم من المثقفين وطلاب الجامعات والكتّاب، ومن خلالهم تعرفت على مختلف فئات الشعب، فمنهم من أصبح مديراً ووزيراً وغيرهم كثيرون، مكتبتي الرصيفية البسيطة غنية بالكتب القيّمة، الكتب التي أحصل عليها من ورثة المتوفين الذين يقومون ببيع مكتبات أجدادهم بثمن زهيد دون معرفة من هم بغنى الكتب التي تُباع، وأيضاً من خلال سفري إلى بعض الدول العربية حيث أذهب كل سنة وأبحث عن بعض المصادر من سوق "سور الأزبكية" في "مصر" وهو مكان لبيع الكتب القديمة والمطبوعات النادرة حيث يرتاده كل المثقفين».

السيد صلاح صلوحة

المهنة منذ حوالي نصف قرن ربما لم تحقق المردود المادي لـ"صلوحة" لكنها صنعت منه كاتباً وصحفياً، سترى نتاجاته النور قريباً كما يقول، عن ذلك يحدثنا السيد "صلوحة": «أصبحت أكتب في بعض الصحف، ولي كتب مثل "كشكول الورّاق"، "رسائل الورّاق" لكن الظروف لم تسمح لي بطباعتهما، وأيضاً "كتاب التراث الشعبي المقارن في الوطن العربي"، وكتاب "موسوعة مجلات الأطفال" في الوطن العربي».

ويؤكد السيد "عدنان بهلوان" عن تجربة عمرها 11 عاماً أن وجود الكتاب على الرصيف يساعد على نشر الثقافة بشكل أوسع فيقول: «بعد أن تم السماح بعرض الكتب على الرصيف أصبح المجال مفتوحاً للجميع للاطلاع حتى دون الشراء، ونتيجة القيمة الثقافية للكتب الموجودة على الرصيف والنادرة الوجود في المكاتب وأسعارها المقبولة يُقبل المارة على الشراء، فزبائننا متنوعون من الفقير إلى الغني».‏

مكتبة الرصيف

الفرق بين أسعار الكتاب في المكتبات يحدد وجهة القراء، من زبائن كتب الرصيف يقول السيد "أحمد يوسف": «ليس أسعار كتب الرصيف فقط تجذب المهتمين بل ندرتها وقيمتها يساهمان في عملية البيع، حيث لفت انتباهي خلال اطلاعي على الكتب كتاب "علم الفلك"، فبصفتي عضو في الجمعية الكونية السورية تهمني هذه الأبحاث».

الوثائق المهمة لا تتوافر في أغلب المكتبات كما في مكتبة الرصيف، عن ذلك يحدثنا السيد الإعلامي "محمد نصور": «أنا كمعد برامج سياسية في التلفزيون أبحث عن القيمة الوثائقية للكتاب، فدائماً أجد في مكتبة الرصيف وثائق تهمني ويرجع تاريخها إلى نصف قرن».

رحلة البحث عن كتاب

إذاً رخص الأسعار وندرة الكتب هو سر الإقبال على كتاب الرصيف مقارنة مع المكتبات الأخرى، حيث بات هذا السوق مقصداً يومياً للكثير من الباحثين عن الكتاب خير جليس في الأنام ورغم تطور التكنولوجيا وتسارع الانترنت ما تزال مكتبة الرصيف مرجعاً للكثير من الطلاب، فالطالبة "كندة الحسين" تحدثنا: «أجد أغلبية الكتب التي أحتاجها وإذا لم أجدها أقوم بالتوصية، فأنا الآن مطالبة بكتاب مهم من أجل حلقة البحث لم أجده في مكتبة الجامعة أبحث عنه في مكتبة الرصيف، أما بالنسبة للأسعار فهي مقبولة جداً بالنسبة لطلاب الجامعات».

الجدير بالذكر أن السيد "صلاح صلوحة" درس إلى الصف الرابع الابتدائي، وهو باحث في الأدب الشعبي ويطلق عليه "شيخ الوراقين".